​فرحة العيد.. همٌّ كبيرٌّ على المواطن البسيط

> عدن "الأيام" عبدالقادر باراس:

>
"العيد عيد العافية" عبارة يتداولها الكثيرون يؤكدون من خلالها لأنفسهم بأن فرحتهم أنهم زالوا على قيد الحياة، لكنهم عاجزون عن توفير متطلبات العيد ومصاريفه، وبحسب تعليق المواطن عادل سعيد: "العيد أصبح هم كبير جاثم على صدورنا من قبل قدومه، الله يجازي اللي كان السبب، حيث جعلوا فرحتنا بالعيد مبتورة، فأغلبية الموظفين وأنا واحد منهم رواتبنا لا تتجاوز في المتوسط 70 دولارًا، ومع ذلك نحاول توفير أبسط الاحتياجات إلى حين موعد العيد ليفرح الأبناء، وذلك على حساب ضروريات البيت لأجل إسعادهم". ويضيف: "أوضاعنا متردية، لكن العيد بالنسبة لنا عيد العافية، إلا أننا نراه ضيفًا ثقيلًا يجبرنا على تحمّل تكاليفه المالية الكبيرة، وعلى الرغم من ضنك العيش الذي يلازمنا في حياتنا إلا أننا نعمل كل ما في وسعنا لصناعة الفرحة في قلوب أولادنا".


مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية الخانقة في ظل الحرب وما خلفته من آثار معيشية على المواطن، قللت كثير من الأسر مشترياتها من الملابس واحتياجات العيد، وعلى الرغم مما شهدته الأسواق في عدن في شهر رمضان من حركة شرائية، لكنها لا تبدو مثل قبلها من السنوات، فاقتصرت الحركة لشريحة معينة ومن ميسوري الحال وممن يتلقون تحويلات مالية من أهاليهم المغتربين في الخارج، وهم في أغلب الأوقات الذي يحركون الأسواق نظرًا لتوفر السيولة المالية لديهم.

من خلال مشاهدتنا للأسواق في ليالي رمضان نجدها تعج بالمارة، إلا أنها كانت ملفتة للنظر في تراجع إقبال الناس على شراء احتياجاتهم ومتطلبات العيد، وبحسب كثيرين من أصحاب المحلات فقد أفادوا بأن المتسوقين يدخلون محلاتهم للبحث عن السعر الأقل ليتماشى مع دخلهم المحدود، فأصحاب المحلات ينتظرون العيد كموسم ليعوضوا من خلاله ركودهم خلال العام، نتيجة انخفاض القدرة الشرائية، كما أنهم يؤكدون بأن ازدحام الأسواق يكون في أغلبه للخروج من المنازل فقط للتمشية لا بغرض الشراء.


وبات هذا العام أشد تفاقمًا نتيجة للتدهور المتسارع في الأوضاع المعيشية من أي عام مضى، وقد أثر ذلك كثيرًا على غالبية مواطني اليمن شمالًا وجنوبًا، لاسيما موظفي القطاع الحكومي، حيث لا يتعدى متوسط راتب الموظف مائة دولار ويجعل من مهمة حصوله على متطلبات العيد لإدخال الفرحة لأسرته أمرًا يكاد يكون مستحيلًا، بعد أن عجزت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا عن إيجاد حلول لإصلاح الأوضاع الاقتصادية وإيقاف موجة الغلاء في الأسعار وتأرجح العملة الوطنية بين الصعود والهبوط.

يصف عثمان صالح، حالته في العيد: "كأب لا شيء يفرحني في الدنيا إلا رؤيتي لفرحة العيد في عيون أولادي الأربعة، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، أشعر بمرارة؛ لأنني لم أستطع توفير ملابسهم بشكل لائق، فاضطررت للشراء من المفرشين لرخص الملابس المعروضة مع أنها مكلفة بالنسبة لوضعي، وكان همي فقط إسعادهم في أول أيام العيد، ولشدة الظروف اشتريت بالكاد كيلو لحم ودجاجتين مثلجة قسمّتها على أيام العيد".

يضيف: "راتبي اليوم يضمحل يومًا بعد يوم أمام الاحتياجات الضرورية المكلفة، فمن الصعب عليّ حتى زيارة أهلي في لحج بسبب ارتفاع تكلفة أجرة النقل، في السابق يكفيني مبلغ خمسة آلاف ريال في التنقل خلال أيام العيد لمعايدة الأهل، بينما الآن لا تكفيني حتى في مشوار واحد في إطار المديرية التي أسكنها، حاولت بقدر المستطاع إسعاد أولادي وأخرجتهم في أول أيام العيد إلى إحدى المتنزهات ليمرحوا ويلعبوا ".


ويقول سامح حسين، من مديرية المنصورة "كل مواطن من أجل أن يسعد أسرته في العيد، يحتاج على أقل تقدير نصف مليون ريال يمني، أي ما يعادل خمسمائة دولار، لتأمين احتياجات العيد من كسوة وغيرها". ويتساءل: "كيف لرب أسرة لديه أربعة أو خمسة أبناء أن يؤّمن المبلغ المطلوب، وأنا متأكد أن هذه الحكومة اللعينة تعلم أنه عندما يستلم هذا المواطن ذلك الراتب الحقير فأنها تضعه أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما أما أن يسرق أو يشحت، حسبنا الله ونعم الوكيل".  

يشاطره بالمثل المواطن أحمد خالد سالم، من أبناء مديرية المعلا يعمل بالقطاع الخاص بالقول: "لدي خمسة أولاد وأتقاضى راتب خمسة وتسعون ألف ريال يمني(95000)، تخيّل هذا المبلغ اشتري منه ملابس أو أغطي مصروف المنزل أو احتياجات العيد، لا تكفي، فاضطررت للاقتراض من شخص مائة ألف ريال يمني (100000)، وفوق هذا الاقتراض عجزت حتى عن مواكبة متطلبات العيد، فلباس واحد لطفل يصل ثمنه إلى أكثر من عشرين ألف ريال يمني (20000)، فأضرب هذا العدد بعدد الأولاد الخمسة، فاكتفيت بشراء ملبس واحد لكل طفل، وحاليا أعيش في وضع صعب بعد أن صرفت كل ما أملكه، حتى لم أعد أملك مصروف البيت".


وإزاء هكذا أوضاع صعبة فقد برزت في العيد بعض المبادرات الإيجابية التي تستحق كل إشادة وتقدير، وهو ما قامت به قيادة السلطة المحلية بمديرية المعلا على إدخال الفرحة والسرور على الأطفال في صباح أول أيام عيد الفطر بهدف التفاعل مع المجتمع بمختلف فئاته لزرع الابتسامة في وجوه الأطفال، مما كان له الأثر في إدخال البهجة، عندما أقدم فريق من الشباب التابع للسلطة المحلية بالمديرية، بحملة توزيع هدايا العيد على أطفال المديرية في مختلف شوارع وأحياء المعلا، كما قاموا بزيارة إلى مركز الطفولة الآمنة ووزعوا عليهم هدايا العيد ومبالغ مالية.

عن هذه المبادرة يقول عهد الهاشمي، ممثلًا للسلطة المحلية مدير مكتب مدير مديرية المعلا: "المبادرة هي مبادرة شبابية قدمها شباب المديرية يتقدمهم الأخ أكرم الشرفي، لمدير عام مديرية المعلا عبدالرحيم الجاوي، الذي قام مشكورًا بالاستجابة الفورية بتمويل هذا العمل الذي يهدف إلي زرع الابتسامة في وجوه أطفال المديرية مساهمة من السلطة المحلية في التفاعل مع المجتمع في المناسبات السعيدة كعيد الفطر المبارك، وكذلك يمثل إسهاما من قيادة السلطة المحلية في الوقوف مع الأهالي في ظل هذه الظروف الصعبة.

​فرحة العيد.. همٌّ كبيرٌّ على المواطن البسيط
​فرحة العيد.. همٌّ كبيرٌّ على المواطن البسيط

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى