إلى من يهمه الأمر

> أزمة أسعار المشتقات النفطية تتفاقم ... ما الحل؟

المشتقات النفطية سلعة ارتكازية هامة في الاقتصاد الوطني وتأثيرها طاغي على النشاط الاقتصادي وعلى مستوى حياة السكان بشكل عام.

لقد برزت أزمة المشتقات النفطية في فترة الحرب بشكل أكبر من ذي قبل وخاصة بعد صدور القرار الجمهوري في مارس 2018م، والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص وإخضاع عمليات بيع وشراء وتوزيع المشتقات النفطية للمنافسة الحرة في السوق، وقد صدر قرار تحرير المشتقات النفطية بعد عجز الحكومة عن تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الأجنبية لنفاذ الموجود منها والتوقف عن الاستيراد وتحويل مرافق الدولة إلى مجرد مخازن للمواد المستوردة من قبل التجار.

وتجدر الإشارة إلى أنه قبل قرار التحرير قد ساد نظام يقوم على الدعم الرسمي لأسعار الوقود حيث شكلت فاتورة الدعم في عام 2009م حوالي 22.2 ٪ من إجمالي النفقات، وكلف الدعم حوالي 12 ٪ من المنتوج المحلي الإجمالي بما يقدر بحوالي 3.5 مليار دولار للعام 2008م، وقد ذهب حوالي نصف المبلغ لصالح المهربين من قوى النفوذ في البلد.

يمكن القول "إن قرار تحرير المشتقات النفطية إجراء اقتصادي إيجابي ولكن صدر في الوقت غير المناسب وفي ظروف اقتصادية غير مواتية؛ مما تسبب في إحداث أزمات حادة ليس في الوقود فقط ولكن في كافة مناحي النشاط الاقتصادي وأثَّر بشدة على مستوى حياة المجتمع، فقد تسبب القرار في شحة المعروض من الوقود وإلى ارتفاع جنوني في الأسعار وظهور السوق السوداء وسوء المواصفات؛ مما ساعد على هدر موارد طائلة لصالح فئات طفيلية محدودة دون حسيب أو رقيب هذا بالإضافة إلى آثار سلبية أخرى على الاقتصاد مثل تراجع الإنتاج وتوقف كثير من المؤسسات الخاصة وزيادة معدلات البطالة و الفقر على نطاق واسع".

إن للارتفاع الجنوني لأسعار المشتقات النفطية آثار متعددة ومتداخلة، فاقتصاديا يؤدي إلى ارتفاع أجور النقل وما يرافقها من ارتفاع الأسعار وارتفاع أجور المواصلات، وارتفاع أسعار الأدوية، وتضرر القطاع الزراعي وتلف المحاصيل، وارتفاع كلفة إنتاج الطاقة وتوقف المصانع والمعامل وتوقف القطاعات المنتجة.

أما أهم الآثار الاجتماعية لارتفاع أسعار المشتقات النفطية تمثلت في ارتفاع متصاعد في قيمة السلة الغذائية، وارتفاع أسعار المياه، واختلال منظومة الأمن الغذائي وزيادة مخاطر المجاعة والتأثير السلبي على جهود الأعمال الإنسانية والإغاثية عمومًا.

إن قرار تحرير سوق المشتقات النفطية قد شابه خلل كبير؛ حيث لم يحدد القرار آليات و ضوابط التنفيذ بما يضمن استقرار السوق، وآليات تحديد الأسعار والرقابة عليها و ضبط الجودة وغيرها من المحددات، ولتجاوز ذلك أصدر رئيس الحكومة قرار رقم 30 بتاريخ 24 ديسمبر 2021م بعد 3 سنوات تقريبا من تحرير سوق المشتقات النفطية، وقد تضمن القرار تنظيم عمليات شراء وتوزيع وتسويق المشتقات النفطية، وألزم شركة النفط بشراء المشتقات النفطية من الشركات والتجار المستوردين والاستحواذ على كل المشتقات المستوردة الواصلة إلى الموانئ ولها الحق الحصري في عمليات التوزيع والتسويق بهدف توحيد الأسعار في السوق. وأشرك القرار البنك المركزي وشركة مصافي عدن والمكتب الفني للمجلس الاقتصادي الأعلى في تنفيذ القرار بحسب آلية متفق عليها بما يكفل توفير المشتقات النفطية وتوحيد أسعارها وإدارة توفير العملة الأجنبية المخصصة للاستيراد وتجنب أي آثار سلبية على سعر صرف العملة المحلية.

ونستطيع القول إن القرار لم ينفذ بالشكل المطلوب ولم تطبق الآلية المتفق عليها وبالذات غياب التنسيق بين الجهات المعنية؛ مما سبب استمرار الفوضى في سوق المشتقات وسوق الصرف.

ومن المتوقع استمرار الفوضى في سوق المشتقات وسوق الصرف إذا لم تطبق حلول واضحة وشفافة، وفي هذا المقام نقترح بعض الحلول والإجراءات التي نعتقد أنها ستساعد على تجاوز الأزمة وهي:

1. تفعيل مهام شركة النفط وتشغيل مصفاة عدن كمؤسسات مهمتها إدارة سوق المشتقات.

2. وقف أي شكل من أشكال احتكار الاستيراد واشتراك القطاع العام والخاص في عمليات الاستيراد.

3. زيادة إنتاج النفط وتأمين كميات كافية للتكرير؛ لتأمين حاجة السوق.

4. إلغاء القيود الاستثنائية على استيراد وتوزيع وتسويع المشتقات التي فرضتها ظروف الحرب.

5. انتهاج سياسة تسعيرية مرنة وشفافة للمشتقات النفطية ونقترح تشكيل لجنة للتسعير وعدم انفراد جهة بتحديد الأسعار وذلك تحت إشراف وزارة النفط والمعادن.

6. التنسيق مع البنك المركزي في توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد المشتقات وتسهيل التمويل التجاري للمستوردين وفق آلية واضحة وشفافة بما يؤمن تنظيم الطلب على العملة والحد من عشوائية الاستيراد والمضاربة في أسعار الصرف.

7. أهمية الحصول على موارد مالية على شكل منح أو تسهيلات لتأمين حاجة السوق من الوقود وتخفيف الضغوط على سوق الصرف.

8. ضرورة إتباع آلية واضحة وشفافة للأسعار تتغير صعودا وهبوطا بحسب سوق النفط العالمي.
عن مجلة الرابطة الاقتصادية الإلكترونية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى