عقبات أمام نجاح الحوار الوطني لحل الأزمة السودانية

> الخرطوم "الأيام" العرب اللندنية

> ​يسود تفاؤل حذر في السودان من نتائج الحوار الوطني لحل الأزمة السياسية برعاية أممية أفريقية، وسط تحديات عديدة، في ظل استبعاد أطراف واشتراطات ومطالب دفعت بها أحزاب للدخول في تلك العملية السلمية.

وأعلنت الآلية الأممية الأفريقية الثلاثاء عن بدء محادثات غير مباشرة بين الأطراف السودانية لحل الأزمة السياسية في البلاد خلال هذا الأسبوع.

وترتفع آمال البعض بأن يفضي الحوار لحل أزمة البلاد، باعتبار أنه سيجمع الأطراف السودانية من مدنيين وعسكريين، للعمل على إيجاد حلول للفترة الانتقالية وصولا للانتخابات.

وفي ذات الوقت لن يكون الحل يسيرا وسهلا، في ظل دعاوى إسقاط النظام واستمرار الاحتجاجات في معظم المدن للمطالبة بالحكم المدني الكامل وتحقيق أهداف الثورة، المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.

ووجدت دعوة الآلية الأممية الأفريقية للحوار تأييدا ودعما دوليا وإقليميا كبيرين بهدف عودة السودان إلى المسار الديمقراطي وعلى رأسها دول “الترويكا” (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا.

كما تجد دعوة الحوار دعما وجهودا أفريقية يقودها الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد”، باعتبار أنه يمثل حلا لاستقرار السودان البلد المهم في القرن الأفريقي.وداخليا يرمي مجلس السيادة الانتقالي برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان كل ثقله على أهمية الحوار بين المكونات السياسية لتحقيق توافق لإكمال الفترة الانتقالية. ويؤكد قادة المجلس أن البلاد “تحتاج للتوافق للخروج من حالة الاحتقان واللادولة”، التي يعيشها السودانيين مع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.

ومرارا دعا البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” القوى السياسية والمدنية إلى الحوار وصولا لتوافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية في البلاد.

وفي الثالث من مايو الجاري كشف عضو مجلس السيادة ياسر العطا، لقناة “سودانية 24” المحلية، عن حوار يجريه قادة الجيش مع القوى السياسية المختلفة لتهيئة الأجواء والاتفاق على حد أدنى من النقاط التي تكفل الشروع في عملية الحوار الوطني.

وبدأت بالسودان في الحادي والعشرين من أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.

ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

ومقابل اتهامات له بتنفيذ انقلاب عسكري، قال البرهان إنه اتخذ هذه الإجراءات لـ”تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، متعهدا بتسليم السلطة إما عبر انتخابات أو توافق وطني.

ورغم أن قوى الثورة أعلنت رفضها للحوار وتبنيها شعار اللاءات الثلاث “لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية”، إلا أن بعض القوى دفعت بمطالب لتهيئة الأجواء قبل الدخول في أي حوار.

وعلى رأس تلك القوى “إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي” (الائتلاف الحاكم سابقا)، التي اعتبرت أن تهيئة الأجواء للحوار تتطلب إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين ووقف العنف ضد المتظاهرين.

وشرعت السلطات في إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين خلال الأسبوعين الماضيين، إلا أنها مازالت تعتقل قيادات “لجان المقاومة” (نشطاء)، بحسب الهيئات الحقوقية.

ويقول المحلل السياسي خالد الفكي إن “الحوار يحتاج لمعززات الثقة بين الفرقاء السودانيين، وتهيئة المناخ السياسي بإطلاق سراح المعتقلين والنشطاء ورفع حالة الطوارئ فورا ووقف العنف ضد المتظاهرين”.

وأضاف “هذه الخطوات ربما تكون حافزا يشجع الجميع في الدخول تحت مظلة الحوار من قبل قوى الثورة وتحديدا لجان المقاومة وقوى إعلان الحرية والتغيير”.

وذكر أن “إزالة كافة العقبات تقع على المكون العسكري الذي عليه تقديم تنازلات لإنجاح الحوار”.

ومقابل ارتفاع أسهم الحوار لأجل حل الأزمة، لا يزال الشارع والقوى المحركة له الرافضة للحوار تدفع إلى المزيد من الاحتجاجات، وعلى رأسها “تجمع المهنيين” و”الحزب الشيوعي” و”لجان المقاومة”، لاسيما الأخيرة التي أعلنت عن “جدول تصعيدي” في مايو الجاري.

ويرى المحلل السياسي يوسف حمد أن “الحوار الوطني لن يحقق النتائج المرجوة منه بتحقيق الاستقرار في الفترة الانتقالية، لأنه لا يملك القوة الكافية لتوفير ضمانات لما يسفر عنه”.

وأضاف أن “الحوار الوطني للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يغيب عنه شيء أساسي وهو الأجندة التي سيتحاور حولها الفرقاء، في ظل اختلاف جوهري بين المدنيين والعسكر”.

ولفت إلى أن “الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكذلك العسكر يصفون الوضع في السودان بالأزمة السياسية الحالية، بينما المدنيون يعتبرون أنهم في حالة ثورة ضد انقلاب، وهو تباين كبير”.

وتابع “القوى الإقليمية والدولية تملك فقط القدرة على الضغط لإنجاح الحوار على المكون العسكري باعتباره كتلة واحدة ولكن لا تستطيع أن تضغط على القوى المدنية لأنها مختلفة ومتباينة”.

وفي السابع والعشرين من أبريل الماضي أعلنت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و”الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا” (إيغاد) انطلاق حوار وطني هذا الأسبوع لحل الأزمة السياسية بالسودان. وطرحت الآلية الثلاثية أربعة محاور لحل الأزمة تشمل: ترتيبات دستورية، وتحديد معايير اختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة دقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات نزيهة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر أن “الضبابية تحيط بالحوار”، مردفا أن معادلة الحوار تضم 3 أطراف رئيسية مهم أن تشارك فيه.

وأضاف أن تلك الأطراف هي “الحرية والتغيير المجلس المركزي، والحرية والتغير الميثاق الوطني، ومجموعة الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة”.

وتابع “غياب أي طرف يعني أن الحوار لن يكون كاملا ولن تكون نتائجه مفيدة، والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة هذه أعلنت موقفها الرافض للحوار ولن تشارك”.

وتابع “من المرجح أن يعقد الحوار الوطني المشهد أكثر، باعتبار أن القوى الفاعلة في الثورة لم تتضح بعد مشاركتها في جلسات الحوار، وبذلك يكون الحوار الوطني أشبه بالحوار الداخلي بين العسكر وقوى الميثاق الوطني الداعمة له”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى