لماذا ولمن نكتب؟

> أكثر من واحد من الإخوان ممن تربطني بهم صداقة منذ سنوات كثيرة تمتد لمرحلة الشباب المبكّر، وفي إحدى جلساتنا، فاجأني أحدهم بسؤال مفاده.. يا أخي أنت وغيرك ممن يكتبون في الصحف وفي وسائل التواصل الاجتماعي في مواضيع عامة، وأحيانًا حساسة، وتشغلون رؤوسكم وأفكاركم في مواضيع لا أحد يقرأها، أو قد نجد نسبة صغيرة جدًا من القُرّاء هم من يقرؤونها، ومع ذلك لا نجد منهم جوابا أو تفاعلًا، خصوصًا ممن تتوجهون بكتاباتكم إليهم. فكأنكم تنفخون في قربةٍ مثقوبة. أضاف بعدها وكأنه يبدي قلقه، وهذا يؤدي إلى أنكم قد تثيرون لأنفسكم مشاكل أنت وغيرك ممن يكتبون في غنى عنها.

أجبته بقولي علينا أولًا بين نوعين من الكتّاب، الأول هم الكتبة ممن يمتهنون الكتابة كمصدر عيش، وهؤلاء يكتبون بناء على توجيهات ممن يدفعون لهم ولا يهمهم صعودًا وهبوطًا مما يكتبوه (التناقض فيما يكتبوه) فهمهم الأول والأخير المال. والنوع الثاني ممن يكتبون لأجل الوطن وناسه، ينتقدون السلبيات والأخطاء، لتنبيه أهل القرار ووجوب تصحيح الأخطاء، ويقومون بذلك بدافع من ضمائر حية ولا يتقاضون أجرًا ولا يلهثون من أجل جاه أو منصب فالجزاء بالنسبة لهم من الخالق وإرضاء للضمير.

أجبت صديقي بأن الشعب كله ومن يكتبون هم جزء منه، لا تنقصه المعاناة والمشاكل في كل جوانب الحياة. وبالتالي لا أحد بحاجة لمشاكل أو منغصات أكثر مما نحن فيه، وكل ما نبتغيه هو التخفيف من شدة هذه الظروف التي نعيشها.

إن المرحلة التي يمر فيها الوطن تشهد تزايدًا مُطردًا فيما يحاك له من مؤامرات من الداخل والخارج، وبالتالي فإن من الواجب على كل ذي بصيرة والطلائع والنخب الاجتماعية أن تنبه أولي الأمر من هذا الخطر أو ذاك.. وكل الحسابات التي نراها تدل على مخاطر كبيرة يتعرض لها الجنوب وشعبه، وعدم السماح بحدوث ذلك.

إن طبيعة تكوين القيادة الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي قد جاءت من الشعب، وإن من حق الشعب الذي كلفهم بقيادته نحو الهدف الجمعي للشعب باستعادة الدولة الجنوبية، يمنح الشعب الحق في انتقاد الأخطاء التي تصاحب عمل الانتقالي، وهذا لا يعني أبدًا ما يقوله ويزعقون به جماعة "كله تمام يا أفندم" من أن الانتقادات تأتي مستهدفة القيادة وعملها.

وأخيرًا أننا نكتب ما نكتبه نابع من ضمائرنا، ولن يفزعونا المطبلون، ونافخو البوقات الجدد، تماما مثلما لم يفزعنا شعار المزعبقين الذين رماهم التاريخ في مزبلته من الحمران "من كتب لُبِج"، وكما لم ينجحوا في تكميم صوت "الأيام"، بعد أن جعلوا مبنى الصحيفة وأسرة مالكيها بكل ما فيها من البشر، هدفًا عسكريًا ضُرب بكل الأسلحة في تلك الليلة الظلماء قبل سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى