بلائي عنايتي

> لقد تعودنا على ذم البلايا، واستقباح الخسائر، وتأنيب كل هزيمة نتعرض لها، واستبشاع التحديات اليومية، وكل شدة أو عرقلة تصاحب خطواتنا وأن نصفها بالفشل، وأحيانًا ننظر لها كنقمة وعقوبة استحققناها، ونرى من كل تجربة لم يكتب لها النجاح في مراحلها الابتدائية على أنها نهاية القصة يجب علينا أن نضع أمامها نقطة وننظر لها بسلبية، فتعمى عقولنا قبل عيوننا عن النظر للحقيقة الأخرى التي تخبئها من عطية وعناية ربانية تضيف لرصيد نضجنا ووعينا وتهبنا التجربة التي تنتج منا أناسًا أفضل من ذي قبل.

هذه البلايا والمحن إنما هي تصقل قوتنا الروحانية وتهبنا الصبر والشجاعة. لذا علينا أن نفتخر بكل مرحلة صعبة مررنا بها أو كسرت غصن أحلامنا، فمن نفس المكان سينمو غصن ريان جديد أقوى وأشد مرونة من الغصن القديم. سنتعلم الخوض في الحياة بشجاعة أكبر وبقلب محب سليم، ستدرك عقولنا دروس الحياة وتبقى عيوننا شاخصة تنظر للتحديات على أنها فُرص جديدة تمنحنا مهارات مختلفة، وتكسبنا قدرات جديدة، وتصقل أحجار شخصيتنا لتخرج أفضل ما فينا من جواهر دفينة.

نعم فكل هزيمة هي انتصار، وكل تحدٍ هو تجربة، ما وجدت إلا لتعلمنا وتهذبنا وتقدمنا نحو الأمام. فللحياة طرق غامضة ودهاليز لا نستلطفها أحيانًا، ولكنها ترينا الحقيقة. فكم جرحتنا صبارة المصاعب، ولكنها تحولت إلى بساتين ورد عطرت أعماق قلوبنا بعطر اللين والرحمة وأريج الصبر والرضا، فاستأصلنا حشائش العناد والتعصب والغضب وروضنا وحش الطمع، فأصبحنا نحسن اختيار الطريق ونتجنب تفاهات الحياة، فتحدياتنا لم تكن خسارة، والبلايا لم تكن نقمة؛ بل هي عناية إلهية ومكسبًا عظيمًا لخصائل الروح الأبدية.

فلنتذكر دومًا :(بَلاَئِي عِنايَتي، ظاهِرُهُ نارٌ وَنِقْمَةٌ وَباطِنُهُ نُورٌ وَرَحْمَةٌ).

ودمتم سالمين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى