الموت وقوفا تحت الشمس

> أزمة الخبز كانت سببًا لقيام الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789م بمعطيات ما سبق من أفكار التنوير لفلاسفة عظام مثل فولتير ومونسيكو وروسو.

كانت نقطة الإفاضة في الكأس كافية لإخراج ما تحتها من بؤس السنين، ولم يرحم الثوار براءة ماريا إنطوانيت التي اعتقدت أن الشعب الغاضب مل من الخبز فأشارت عليه أن يأكل (الجاتوه) فهي خلف الأسوار العالية لقصر(فرساي)لا ترى إلا الوجنات الوردية والكروش المنتفخة والحفلات الباذخة والولائم الفاخرة.

رسخت الثورة مبادئ المساواة والحرية والعدالة التي انتشرت في الاتجاهات الأربعة من كوكبنا، وداخل بلد المنشأ كانت الكلفة عالية جدًا، فهي بحق الثورة التي أكلت أبناءها وقد جزت (المقصلة) بلا هوادة أهرامات من الرؤوس بما فيها رأس الملك لويس السادس عشر وزوجته الملكة ماريا إنطوانيت.

وحتى في ظل ترسخ هذه المبادئ في الجمهوريات الفرنسية الخمس المتعاقبة فإن ذبح هذه المبادئ على يد الجزار الفرنسي في الجزائر وغيرها من البلدان المستعمرة كان أمرًا طبيعيًا من وجهة النظر الفرنسية.

الحق أقول أن الثورة الفرنسية بمبادئ فلاسفتها التنويريين قد سبقها الإسلام إلى ذلك قبل عشرة قرون بمبادئ الحرية والعدالة والمساواة والمواطنة وحقوق المرأة.

لكن الحقيقة الأخرى أنه (ما سل سيف في الإسلام كما سل من أجل الإمامة) كما يقول الشهرستاني.

والقناعة الراسخة اليوم أن المظالم التي أثقلت كاهل المواطنين في عدن والمناطق المحررة من غلاء فاحش وخدمات متدنية حد الصفر، وخاصة في مجال الكهرباء في ظل حرارة مميتة، ناهيك عن تدهور العملة وانفلات الأمن وسرقة الأراضي بقوة الأطقم العسكرية وتفشي الأمراض. إلخ جرائم لن تسقط بالتقادم وعواقبها وخيمة على النخب السياسية المتعاقبة على الحكم منذ التحرير في العام 2015م ممن يحتمون وراء أسوار قصر فرساي عدن (معاشيق) أو في العواصم الأخرى من الرياض إلى القاهرة ومن أنقرة إلى الدوحة وحتى أبو ظبي.

فهل يعقل أن تتكرر مأساة الكهرباء كل صيف منذ تحرير عدن والمحافظات الجنوبية، ولم نر سياسيًا واحدًا من إياهم يقدم استقالته كما يجري في بلاد العالم الأخرى بما في ذلك الصومال الشقيق.

وإذا كان الفساد ينخر مؤسسة الكهرباء - كما يقال - فلماذا تصمت طبقة الحكام الفوقية من عبدربه وحتى مجلس القيادة الرئاسي، والحكومات المتعاقبة، عن هذا الفساد الذي يحصد أرواح المواطنين ويبعثهم إلى القبور وإلى خدمات صحية هي أسوأ من القبر ذاته.

ورحم الله أبو الطيب المتنبي حين قال:

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

وحسب المنايا أن يكن أمانيا

الله المستعان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى