فوضى الطرقات والجبايات.. إلى أين؟ وإلى متى؟

> الطرقات هي شريان الحياة وحين ينقطع هذا الشريان فإن الاقتصاد وتحديدا التجارة والسكان والمدن تموت ببطء.

يعتبر قطاع النقل والمواصلات من القطاعات الناهضة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لما توفره من تأمين لحركة نقل الركاب والبضائع وانتظام سلاسل الإمدادات والإنتاج بالسلع والمواد الخام الأساسية على النطاقين المحلي والدولي، ولذا يلعب هذا القطاع دوراً رائداً بدفع حركة النشاط الاقتصادي والتنموي قدماً من خلال تقديم الخدمات للقطاعات الإنتاجية والخدماتية وللسكان، ومن المعروف أن الطرقات هي أحد أهم مكونات البنية الأساسية لاقتصادات الدول، حيث إنها أحد محددات التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعية كما تُقيم كثروة قومية وملكية وطنية عامة.

وفي بلادنا لم تعد الطرقات آمنة بل أصبحت وسيلة من وسائل الحرب بين الأطراف المتحاربة ووسيلة من وسائل الحرب والابتزاز والفوضى من خلال ما تتعرض له حرمتها من تعدٍ صارخ مثل القطع والتقطع والحرابة وفرض الإتاوات غير القانونية وتحصيل الأموال بطرق غير مشروعة وبأساليب غير إنسانية وغير مشروعة لا يقرها شرع ولا قانون، وتجاوزت تلك الأفعال العادات والتقاليد والموروث الديني والثقافي والقبلي الذي يحرم الاعتداء على الطرقات باعتبارها حقًا ومصلحة عامة لكل من يستخدمها.

تتعرض الطرقات على طول وعرض البلاد لانتهاكات جسيمة للغاية بسبب الحرب وسيادة الفوضى وضعف سلطة الدولة وهشاشة المؤسسات الأمنية وفسادها وغياب سلطة القانون بشكل لافت، ويتجلى ذلك من خلال ما تتعرض له الطرقات والمسافرون والسلع من حوادث مؤلمة، حيث تم إغلاق بعض الطرق نهائياً والبعض الآخر نصبت فيها حواجز عسكرية وأمنية قسمت المجتمع اقتصاديًا وسكانيًا ونفسيًا، وإضافة أعباء خطيرة على انتقال الأفراد والسلع تسببت برفع كلفة الحياة وضاعفت من المعاناة الإنسانية بشكل خطير جدًا، إضافة إلى آثار الحرب التي تسببت بأزمة إنسانية هي الأشد على مستوى العالم.

إن فترة الحرب قد تسببت في تدمير كبير للبنية التحتية وخاصة الطرقات حيث قدر البعض الخسائر بحوالي سبعة مليار دولار.

أن تلف الطرقات أو تعطيلها أو سدها أو وضع حواجز فيها لا تسبب في تأخير حركة الناس والبضائع فحسب بل وتتسبب أيضا تأخير في وصول المساعدات الإنسانية الغذائية الأساسية ورفع تكاليف نقلها وبالتالي ارتفاع الأسعار وإعاقة النشاط الاقتصادي الخاص.

لقد أصبحت الطرق منهكة للحياة المدنية والنشاط التجاري بسبب انتشار جبايات العبور ومصادرة المقتنيات الخاصة بالمسافرين والقتل، وذلك بسبب كثرة انتشار النقاط الأمنية والمجموعات المسلحة وانتشار الحواجز والمعابر والكانتونات المستحدثة التي تحولت إلى مجموعات ونقاط جباية أكثر منها حماية تسببت بإنهاك الحياة وزيادة المعاناة الإنسانية بما فيها انتهاك حقوق الإنسان.

ومن مؤشرات سيادة الفوضى في الطرقات وانتشار الجبايات ما يسود مثلًا في الطريق الدولي المهرة - عدن على سبيل المثال لا الحصر فهناك تنتشر عشرات النقاط الأمنية وتحصل فيها أموال بعضها بسندات رسمية وبعضها الآخر بسندات محلية والغالب الأعم جبايات بدون سندات البتة، وكمثال على ذلك يتوجب على سائق المقطورة الواحدة دفع مبالغ كبيرة من الأموال بمسميات عجيبة مثل دفع غرامات تأخير كبيرة بسبب التوقف لأيام في النقاط الأمنية المنتشرة على طول الطريق، ويتوجب عليه دفع رسوم تحسين ست مرات ورسوم ميزان خمس مرات وثلاث مرات رسوم تفرضها السلطات المحلية في المحافظات من المهرة إلى عدن ورسوم الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل وغيرها من الرسوم بدون الفواتير التي يجب على سائق المقطورة دفعها أو يمنع من المرور في الطريق العام وهو طريق دولي، وكمثال بلغت الرسوم التي دفعها سائق إحدى القاطرات بين المهرة وعدن حوالي خمسة ملايين وثلاثمائة ألف ريال في رحلة واحدة من المهرة إلى عدن وهي مبالغ كبيرة تضاف إلى أسعار البيع ويتحملها المواطن مما تزيد من أسعار السلع.

إن سكون السلطات وسكوتها على تلك الظواهر الخطيرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وخاصة بعد نقل السلطة وتواجدها مع الحكومة في عدن، هو أمر يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية.

إننا ندعو مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى ضرورة الحل العاجل والشامل بتطبيع الطرقات والنقل وعودتها إلى وضعها الطبيعي، وإنهاء وإيقاف كل الممارسات غير القانونية والتخفيف من معاناة الناس وتسهيل انتقال الأفراد والبضائع كوسيلة للحد من زيادة الأسعار بسبب الإتاوات التي تزيد الأسعار وتضاعف من الفقر والمجاعة وتدهور الوضع الإنساني الأسوأ على مستوى العالم، والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى