بول كاغامة

> ليس هناك مستحيلًا للخروج من وضع سيء زادته الحرب الذميمة (كما وصفها الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سُلمى) سوءًا على سوء.

إذ إننا لن نخرج من وضع كهذا بدون إرادة سياسية وطنية حقيقية، وليس بدعاء الوالدين فقط، ترتقي الصعب وتتحمل المشاق، وتنحاز للمواطنين الذين أصابهم القرح مرتين؛ من الحرب وتبعاتها، ومن حرب غير معلنة تنفذها النخب الحاكمة المتعاقبة على البلاد.

وليس من باب الفكاهة - فالظرف لا يحتمل الفكاهة والضحك إلا أن يكون ضحكًا يشبه البكاء- أن نقترح الاستعانة للخروج من عنق الزجاجة بفخامة الأخ (بول كاغامة) ابن القارة السمراء وابن (رواندا) الفتية التي نهضت من تحت جمر الإبادة الجماعية كما تنهض العنقاء الأسطورية من تحت الرماد، لتغدو رواندا سويسرا أفريقيا كما سماها ميشيلا رونغ مؤلف كتاب (لا تزعج).

رواندا خلال 100 يوم من أبريل إلى يوليو 1994م قتل المتطرفون الهوتو ما يقارب 800 ألف أي 75 في المائة من التوتسي، واغتصب المجرمون مئات الألاف من النساء.

ومنذ منتصف العام 1994م استطاعت قوة من الوطنيين تحت قيادة من التوتسي أن تطرد المجرمين، وأن تغلق ملف رواندا الأسود إلى غير عودة.

ومن هذا التاريخ يبدأ العد التصاعدي لدولة أفريقية صغيرة (25 ألف كم مربع) وعدد سكان لا يتجاوز العشرة ملايين. ومن إبادة عرقية مقيتة أنهكت الدولة حقًا، إلى نهوض مثير هو حديث الإعلام العالمي اليوم، اعتمد دستورًا يلغي الفوارق العرقية ويجرمها؛ واستثمرت الدولة قوة النساء في العمل لتغطية العجز في الرجال، وأصبح التعليم إلزاميًا حديثًا حوّله الرئيس بول كاغامة من الفرنسية إلى الإنجليزية دون أن يكترث لضجيج الأليزية، وإدارة تقنية للبلاد ربطت التعليم بالإنترنت، وأطلقت في سبيل ذلك قمرًا صناعيًا لربط التعليم في الريف والمناطق النائية بالإنترنت. وتخطط اليوم بريطانيا والدنمارك في رواندا كبلد بديل لاستيعاب طالبي اللجوء السياسي فيها بعد أن اكتظت معسكرات اللجوء في أوروبا.

رواندا اليوم ضمن الاقتصاديات العشر الأسرع نموًا في العالم، ولا تضاهي (كيغالي) عاصمة في العالم من حيث النظافة والتنظيم والخدمات.

وقد يبحث الغرب كعادته في التفاصيل التي يختبئ فيها الشيطان لإدارة دفة البلاد إلى الوراء بحجة ما يسميه القبضة الحديدية للرئيس بول كاغامة. وهي التي تفرضها حتمية تجريم نبش الماضي والدعوة إلى الثأر بما يشبه حقًا في فقهنا السياسي الإسلامي (المستبد العادل).

إن إيجاد وبعث وخلق إرادة وطنية سياسية في بلادنا أمر حتمي لا مخرج من دونه إلا أن يكون مجلس القيادة الرئاسي (ديمة خلفنا بابها).

فالمجلس أيده العالم وسرنا على خطى هذا التأييد لعلنا نجد فجوة في جدار الحرب والأوضاع الإنسانية التي يتجرع مرارتها المواطنون بالأساس.

فالثمانية البررة من الممكن أن يدغموا في واحد شبيه بالرئيس بول كاغامة.

ويستطيع هؤلاء أن يبدأوا بأنفسهم أولًا لخلق روابط من الثقة بينهم وبين المواطنين، بتقليص النفقات؛ نفقاتهم أولًا، وإعادة رواتبهم الخرافية مع الصف الأول والثاني من القيادات إلى الريال اليمني وإيداعها البنك المركزي (في بلد هو الوحيد في العالم الذي خرج موظفوه يطالبون بتخفيض الرواتب وقت إن كان الرئيس سالمين يتساوى راتبه مع عامل في مصنع الغزل والنسيج أو مع مدير مزرعة مجاهد بالوهط).

وتصحيح وضع إحلال الكوادر بناء على المؤهلات والمفاضلة، وإحلال الخبراء والتكنوقراط وما أكثرهم وعلى أساس الكفاءة والخبرة والتجربة مكان التوظيف بالمحسوبية والمناطقية والقبلية والحزبية والشللية.

ما عداه سنظل ننتظر زمنًا آخر يأتي فيه رجل رشيد شبيه بالرئيس بول كاغامة ليكون منقذًا لهذا الشعب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى