ماذا تعني قصة العيش والملح لنا كبشر؟

> قصة الوفاء لا يعرفها إلاّ الناس القليلون وخصوصاً في زماننا هذا الذي نعيشه بين ذئاب بشرية أصبحت أكثر من الذئاب الحيوانية.

دخل رجل غريب إلى مطعم في الشام وطلب رغيف خبز، فأكل نصفه وترك النصف الآخر وخرج وفي كل يوم كان يفعل ذلك فانتبه إليه رجل شامي، فسأله بكل أدب: لماذا تأكل نصف الرغيف وتترك نصفه في كل يوم؟ ومن أين أنت فقال الرجل أنا من بغداد ودرت بلادا ولم أجد من يحفظ الخبز والملح، فأنا أأكل نصف الرغيف ولا أجد من يستأهل أن يأكل نصفه الثاني، فقال له الرجل الشامي أنت اليوم معزوم عندي وجاء الموعد وكان الشامي يعيش في بيته مع أمه وابنة عمه التي يحبها وعلى وشك الزواج بها وطرق البغدادي الباب ففتحت ابنة عم الشامي ففتن بها البغدادي وبعد الغداء قال البغدادي للشامي أريد أن استحلفك بالخبز والملح ألا ترد طلبي من الفتاة التي فتحت الباب، قال ابنة عمي فقال أريد الزواج منها فقال الشامي هي لك، فسافر البغدادي مع عروسه ليعيشا في بغداد.

ماتت أم الشامي وفقر وباع بيته ليأكل بثمنه وقلت النقود ولم يبق إلا شيء يسير فقرر أن يسافر إلى صديقه في بغداد، وحين وصل بغداد علم أن صديقه البغدادي أصبح من أغنياء بغداد ولديه قصر فيها، فتوجه لقصره وطلب من الخادمة مقابلة صديقه فعادت الخادمة تحمل كيسًا من النقود الذهبية وأعطته إياه، فقال لها أنا أريد مقابلة صديقي ورمى بكيس النقود، فانفرطت الليرات الذهبية على الأرض وذهب وفي عينيه دمعة كبيرة.

واكتشف الشامي أن نقوده انتهت ولم يعد معه ثمن العودة للشام وأصبح ينام في المساجد فأتاه رجل كبير وسأله عن حاله فقال إني لا أجد قوت يومي، فقال له الرجل: لم لا تعمل في التجارة؟ وبدأ الرجل يعلمه التجارة وأسرارها والأسواق وكل شيء يفيده في عمله إلى أن أصبح الشامي في ثلاث سنوات من العمل الدؤوب من أثرياء بغداد وبنى قصرا لم تشهد بغداد مثله، فجاءت امرأة كبيرة وطلبت من الشامي أن تعمل على خدمته في القصر مقابل معيشتها فوافق وكانت له أمًا حقيقة، ثم قالت له إن هناك فتاة فقيرة تريد العمل معي في القصر فوافق بقلبه الطيب المعتاد وبدأت المرأة تزين الفتاة وتلبسها الثياب الجميلة إلى أن تعلق بها الشامي وطلب الزواج منها وسهلت له الأمور المرأة الكبيرة وحدد موعد الزفاف في بغداد.

دخل الرجل البغدادي قصر الرجل الشامي، فقال له الشامي أتيت لزيارتك فبعثت خادمتك بكيس النقود وكأني متسول والآن ماذا تريد، فقال له البغدادي إني نظرت من شباك القصر فوجدت حالك الذي أتيت به، فأرسلت لك النقود لتصلح بها حالك أمام ابنة عمك التي زوجتني إياها وأنت تحبها وحين وجدت أن كرامتك قد أبت عليك أخذ النقود احترت ماذا أفعل من أجلك، فهل تعلم من الرجل الكبير الذي علمك التجارة أنه أبي؟

والمرأة التي تخدمك في بيتك هي أمي وأنا اليوم أتيتك لأحضر عرس أختي، ثم أشار بيده فدخلت ابنة عم الشامي تجر في يدها طفلا وطفلة واقتربت من ابن عمها الشامي وجلست عند قدميه وجاءت العروس وجلست قربها وجلس الرجل البغدادي معهم فجلس الشامي معهم وأخرج البغدادي من جيبه نصف رغيف وقسمه على الجميع فأكلوه، إنه الوفاء للعيش والملح لمن يعرف معناه وقيمته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى