إلى من يهمه الأمر.. الأسعار الأسعار

> الأسعار كارثة حقيقية تضرب بلهيبها المواطن في مقتل فهي سبب كل المآسي في هذا البلد، والذي يعد واحد من بين أفقر بلدان العالم، وليس ذلك فحسب بل هو بلد يسوده واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، حيث يحتاج حوالي أكثر من 20 مليون شخص للمساعدات الإنسانية وحوالي 19 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي بالإضافة إلى مؤشرات سوء التغذية المنتشرة بين هذا العدد الهائل من السكان وهو البلد الذي يعاني أكثر من 85 % من الفقر الحاد.

يستورد اليمن حوالي 90 % من الطعام وغيرها من السلع الغذائية، وهو الأمر الذي يعرض الأمن الغذائي لأزمات خطيرة بسبب التغيرات في الأسعار العالمية والانهيار التام في سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية المستخدمة في سداد فاتورة الغذاء المستورد لسكان البلد البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة تقريبًا.

هذا، وقد سببت الأزمات والحروب المستمرة تدهورًا كبيرًا في القدرة الشرائية الحقيقية للدخول المتدنية للسكان، وذلك لأسباب عدة أهمها تراجع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار من 215 ريالا قبل الحرب إلى 1150 ريالا في تاريخ 18 يونيو 2022م، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعار السلع الغذائية بأكثر من نسبة تدهور سعر صرف الريال اليمني، حيث تضاعفت الأسعار حاليًا حوالي ست مرات مقارنة بفترة ما قبل الحرب.

إن ما يزيد من مآسي السكان هو ثبات الأجور والدخول بشكل عام دون تغيير يذكر في ظل انهيار سعر صرف الريال وزيادة نسب التضخم بشكل غير مسبوق، وبالتالي ارتفاعات متتالية لأسعار السلع الأساسية جعلت الناس غير قادرين على سد حاجاتهم من الغذاء لحفظ الحياة البشرية من الموت جوعا.

ولبيان حجم المأساة الإنسانية، نحاول إيراد أمثلة من الواقع المعاش في مدينة عدن لحالات منتقاة لبعض أسعار السلع الغذائية والأجور لفئات منتقاة من الموظفين في جهاز الدولة في محاولة مبسطة لدراسة القدرة الشرائية للأجور في ظل الأسعار السائدة في أسواق العاصمة عدن.



جدول بأسعار سلع منتقاة ومرتبات فئات منتقاة لشهر مايو 2022م



الموظف المرتب بالريال القيمة الشرائية للمرتب مقابل سلع أساسية

أستاذ جامعي 300000 5 كيس رز أو 7 أكياس سكر أو 12 دبة زيت

معيد 80000 كيس و300 جرام ارز أو 4 علب زيت طبخ الطعام

مدرس في التربية 93000 كيس أرز + كيس دقيق

وكيل وزارة متقاعد 180000 3 أكياس أرز فقط

عميد متقاعد 70000 كيس أرز + 1 زيت

عميد 180000 4 أكياس سكر

مدير عام متقاعد 176000 7 دبات بترول

مدير عام 100000 4 دبات بترول

مدير إدارة متقاعد 142000 3 أكياس سكر + كيلو لحم

موظف متقاعد 75000 2 كيس دقيق

عقيد 180000 4 عبوات زيت الطبخ 20 لتر

موظف مستودعات 40000 2 دبة زيت طبخ عبوة 8 لتر

متعاقد 20000 علبة زيت الطبخ فقط

مهندس 150000 2 ونصف كيس أرز

السلعة السعر بالريال

كيس الأرز 40 كيلو 60000

كيس دقيق 50 كيلو 37000

سكر برازيلي 50 ك 43500

درزن فاصوليا 9000

درزن فول مدمس 7500

زيت 4 لتر 10000

زيت 8 لتر 20000

زيت 20 لتر 46000

كيلو لحم 12000

كيلو دجاج 4400

طبق بيض 4500

دبة بترول 25000



من خلال التبصر في المعطيات المجمعة عبر وسائل التواصل ومن السوق يمكن إدراك الخلل الهائل بين الأسعار والأجور، وذلك من خلال معرفة القيمة الحقيقية للأجور حسب المعطيات وهنا نعرض الملاحظات الواقعية التالية:

• عدم قدرة موظفي كل فئات الأجور حسب هيكل الأجور في الدولة شراء حاجاتهم من السلع الغذائية الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار.

• ثبات الأجور في ظل ارتفاع الأسعار هو سبب للفقر والمجاعة وتدهور الوضع الإنساني.

• نسبة الموظفين في الدولة محدود جدًا وبالتالي فان أغلب سكان البلد لا يوجد لديهم مصادر دخل ويعيشون على المساعدات الإنسانية الشحيحة.

• انهيار العملة وضعف الإنتاج المحلي يضاعف فاتورة الغذاء المستورد ويتسبب في زيادة الفقر والفقراء والاقتراب من المجاعة على نطاق واسع.

• غياب جهود الدولة في حل مشاكل الأجور والدخول والأسعار.

• إن هيكل الأجور الثابت منذ فترة طويلة يعبر عن سياسة حكومية غير رشيدة.

• ضرورة تحريك الأجور مع نسب التضخم لتجنب مخاطر انخفاض مستويات المعيشة للسكان وتخفيض جيش الفقراء.



ما الحل؟

إن حل مشكلة الاختلال بين الأسعار والأجور ليس بالأمر السهل في هذه الظروف المعقدة، ولكن يمكن القيام بجهود تدريجية للتخفيف من وطأة المعاناة الشديدة من خلال إعادة تدوير عجلة الإنتاج والتنمية واستئناف الصادرات وخاصة من النفط والغاز والسيطرة على الموارد السيادية وتشجيع القطاع الخاص وخاصة تشجيع الاستثمار المنتج لزيادة التوظيف والدخل والأجور ودعم موقف الريال وغيرها من الإجراءات المتاحة.

عمومًا فإن إعادة إصلاح وهيكلة سياسات الأجور والمرتبات هي ضرورة عاجلة للحد من الفقر والانهيار المجتمعي.

وأخيرا وبسبب تساوي الأجور والدخول في عدن وصنعاء واختلاف القوة الشرائية للريال ولتحقيق العدل في مستوى المعيشة فإننا نقترح على الحكومة استحداث بدل فوارق سعر الصرف يضاف إلى راتب ودخول موظفي المناطق الخاضعة لحكومة عدن لمساوات الفوارق في أسعار السلع مع صنعاء وتتغير شهريا حسب فوارق سعر الصرف.

* أستاذ الاقتصاد الدولي المشارك

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى