مجرد دردشة بصوت عالٍ

> تخيل لو عشت في مدينة صغيرة طوال حياتك، وكان في هذه المدينة منجم للعقيق، ولم تشاهد في حياتك مجوهرات غير العقيق.

وفي يوم من الأيام جاء للمدينة مهاجرون صادقون أوفياء، وأخبروا الناس بأن هناك أصنافًا أخرى من المجوهرات في هذا العالم؛ مختلفة ومتنوعة الأشكال والألوان ومتفاوتة الأسعار ومتباينة في بريقها؛ غير العقيق الذي تعرفونه عز المعرفة، فيا ترى ماذا ستكون ردة فعلهم؟

ومن جهة أخرى فإن الناس في هذه المدينة تعرف العقيق على أنه أحمر اللون أو رمادي وأصفر، وقد سلموا بها، فلو قيل لهم إن هناك عقيقًا أزرق اللون؛ فهل سيقبلون بهذه الحقيقة وهي ليست ضمن استهلالاتهم المعرفية؟

ولو كان أحد هؤلاء المهاجرين الأوفياء بائع مجوهرات وجلس يحدثهم عن أنواع المجوهرات، وجاء بالحجة والدليل عنها وأحضر آيات منها ليبين تلك الحقيقة لسكان المدينة، فيا ترى هل سيدركون الحقيقة؟

متى سندرك أن قناعاتنا ليست سوى جزء من عظمة الحقيقة وأحيانًا هي محض أوهام؟

إن الحقيقة موجودة ومحسومة، وجودها هو الدليل الكافي والشافي، ولكن الجاهل يرفضها؛ لأنه يخاف من تغيير نظرته السابقة ورؤيته للأمور بشكل أوضح، أما المتعصب فيحرفها كيلا يخسر في تجارة العقيق المعروفة لدى سكان المدينة.

إن هذا المثل ينطبق على مظاهر التنوع حولنا خاصة تنوع المعتقدات والأفكار والآراء والثقافات.

إن قبول مبدأ التنوع والاختلاف بوسعه أن يكون منبع إلهام أو مصدر صقل ونحت لأفكارنا وعقولنا وأرواحنا فنصير ونحن نمزج بين الفكرة التي نؤمن بها وفكرة الآخر التي انفتحنا عليها منتجون لرؤية واضحة جديدة، أما أولئك الذين يجعلون أصابعهم في آذانهم متى ما بزغ أمر مختلف عما هم يؤمنون به، فإنهم لا يقومون سوى بحشر أنفسهم في زاوية مغلقة ومعزولة، وهم يحرمون ذواتهم من خير كثير ومن معرفة كنه جوهر الجواهر الذي أشرق بنوره لإصلاح العالم وتلاقح الأفكار والآراء برؤى النظم بديع الذي هو سبب ازدهار الأمم والمجتمعات.

ودمتم سالمين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى