​عندما تشتد الأزمات تحضر الإرادات وتتجلى القدرات

>
بقدر ما تشكل الأزمات وحيث ما وجدت مكانًا وزمانًا وفي عدد من  البلدان التي تشهد صراعات وتناقضات داخلية متعددة ولأسباب مختلفة؛ وبكل عناوين وجوهر تلك الأزمات فإنها تعبر عن أحد أهم مظاهر الاحتقان المتعدد الأوجه سياسيًا ومجتمعيًا وانسداد أفق الحلول الممكنة التي ترغب بالوصول إليها أو تحقيق القدر الأكبر منها كل تلك الأطراف المنخرطة بالأزمة أو المشاركة فيها بشكل أو بآخر؛ وبما قد ينتج من عدم تحقق ذلك لهذا الطرف أو ذاك باللجوء للتعبئة والشحن بين أوساط المؤيدين والأنصار له؛ استعدادًا للحظة الحسم والمواجهة التي تبلغ ذروتها باستخدام السلاح عند نقطة اللا  عودة إلى لغة الحوار والتفاهم أو الحلول الوسط المقبولة عند كل الأطراف.

ومع ذلك فإن للأزمات وجه آخر أيضًا تنعكس فيه عمليًا موازين القوى على الأرض؛ فهي تشكل ميدانًا مفتوحًا لصراع  الإرادات واختبار القدرات الفعلية المتاحة لكل الأطراف؛ وتبرهن على حنكة وصلابة وثبات قياداتها وبراعتها في تنظيم وحشد جماهيرها لتجاوز الأزمة بنجاح وبأقل الخسائر الممكنة بشريًا وماديًا.

وبالنظر لطبيعة الأزمة الحادة المركبة التي نعيشها بسبب الحرب منذ سبع سنوات؛ وبتأثير وتبعات  معاركها المستنسخة الأخرى التي تشن ضد الجنوب والمتمثلة بحرب الخدمات وما يرافقها من ممارسات إرهابية بشعة ومن قطع للمرتبات وغيرها؛ فإن الكثير من القيادات الجنوبية السياسية والعسكرية والأمنية قد اكتسبت خبرات ومهارات وتجارب كثيرة وتصلب عودها في ميادين المواجهات المتعددة؛ وأصبح لديها رصيد يعتد به في خوض معارك التحديات القائمة وتجاوز المخاطر المحدقة بالجنوب في هذه المرحلة؛ وبالتالي فإن الكثير من  عوامل النجاح يتوقف اليوم على توظيف قدراتها وحنكتها وتجربتها العملية التي ينبغي أن تلعب دورًا استثنائيًا تثبت فيه استيعابها لمتطلبات المرحلة وخطورتها وبما يستدعيه ذلك من تقييم للأداء وتغيير للقيادات التي أثبتت فشلها أو دخلت دائرة الفساد بشكل أو بآخر ولم يعد مقبولًا أن تستمر بنفس مواقعها.

وبالنظر لحجم الهجمة الإعلامية الكبيرة والممنهجة وحملات التشوية والتضليل التي تتعرض لها القيادات الجنوبية المختلفة التي تستهدف أساسًا مشروع الجنوب الوطني؛ فإن الرد على كل ذلك وعلى غيره مما يحاك في الظلام وفي الغرف المغلقة يتطلب يقظة عالية وإعلامًا وطنيًا جنوبيًا فاعلا تديره كفاءات وخبرات مؤهلة وما يتطلبه ذلك من توفير للإمكانيات والتأهيل المطلوب للكوادر الشابة؛ ناهيك عن دعم ومساندة ورعاية الصحف ووسائل الإعلام الأهلية الجادة  والمخلصة للجنوب وقضيته؛ كما يتطلب الأمر بالضرورة خطابًا سياسيًا ناضجًا ومسؤولًا ومتوازنًا يراعي مصالح الجنوب العليا حاضرًا ومستقبلًا ومع مختلف الأطراف؛ والابتعاد عن (تقديس) الشعارات وترديدها الدائم وكأنها (وجبة يومية) ولا مفر منها  وتحويلها عند البعض إلى ثوابت بحد ذاتها؛ دون النظر لمدلولاتها وقدرتها على الفعل في إحداث تحول حقيقي في وعي الناس الجمعي وموقفهم وترسيخ قناعاتهم ووحدتهم الوطنية التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ وبما يعزز إيمانهم العميق بقضيتهم والثبات على دربها ويمكنهم من الوصول الآمن لنيل هدفهم الأكبر والمتمثل باستعادتهم لدولتهم الوطنية الجنوبية وممارستهم لحريتهم  وسيادتهم الكاملة على أرضهم ودون وصاية من أي طرف كان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى