الأم عطاء بلا انتظار للمقابل

> كل شخص يعطينا شيئًا في هذا العالم قد ينتظر شيئًا مقابل ذلك مهما كان نوعه وكيفيته ومقداره، إلّا الأم فهي تعطي من لكل شيء قيمة ومعنى في هذه الحياة دون أن تطلب شيئًا في المقابل.

إن الطريق من رحم الأم إلى رحم الأرض صعب وطويل جدا، ولكن مرافقة الأم لنا يعني المشاركة في رسم خطوط المستقبل وهي تزودنا من معين الحب والأمان وتسهل علينا مشوار الحياة وتخفف من شدتها و حدتها و تربينا وتعلمنا وهي تدفع بكل ما تملك من قوة من أجل أن ترى ابنائها في أعلى مراتب النجاح والارتقاء وفي جميع الظروف تسهر على راحة اسرتها.

هناك حكاية جميلة، عن ملك حكيم محبوب لدى رعيته، أراد أن يقدم إكليلًا من الذهب يتوج به من قدم عملًا عظيماً للبلاد، وذلك عن طريق مسابقة يشارك بها كل من يجد في نفسه الجدارة لهذه الجائزة، وفي الزمن المحدد للمسابقة تقدم العلماء والشعراء والفنانون والحرفيون ليدلي كل بدلوه، وكان من بين هؤلاء المشاركين في المسابقة ، ثلاثة أشقاء، عرض الأول على الملك لوحة فنية رائعة، وقام الثاني يحمل مؤلفاته العلمية واختراعاته ليعرضها أمام الملك، ثم قام الثالث وألقى على مسامع الملك قصيدة عصماء جزلة في معانيها وأوصافها، وانتبه الملك إلى عجوز كانت تجلس بجانب هؤلاء الأشقاء فناداها قائلاً: ماذا لديك لتقدميه لنا أيتها الخالة الموقرة؟ فأجابته: يا عالي المقام ليس لدى ما أقدمه، لكنني جئت لأرى أيًا من أبنائي هؤلاء سيفوز بتقديرك و جائزتك.

عندها وقف الملك وقال:

لقد انتهت المسابقة.

ضعوا الإكليل الذهبي على رأس هذه الأم صانعة الرجال.

لقد أدرك الملك الحكيم بحدسه أن الأم هي التي تستحق هذه الجائزة، فالإنسان يولد كمادة خام، لكن تعب الأم وسهرها ومواظبتها وصبرها على تربية أبنائها، يجعل منهم أعظم الرجال.

وهنا تجدر الإشارة أنه عندما نتكلم عن الرجولة، لا نقصد بها الأبناء الذكور فقط، فكم من أنثى كان لها بصمات رجولية وإبداعية أضاءت دروب البشرية، فالرجولة مواقف وانجازات والكلام في فضل الأم لا يعني إنكار دور الأب فهو السند والمكمل لما تقوم به الأم تجاه الأسرة وخاصة الأبناء.

وفي نهاية المطاف، إن فضل الوالدين لا بد أن ينعكس على كل المجتمع،"فالأسرة هي اللبنة الأولى في البناء الإنساني"، فإن تربى أفرادها تربية صالحة وعرفوا واجباتهم وحقوقهم، فسينعكس ذلك على تطور وبناء بلدانهم ورقي مجتمعاتهم بأكملها.

كم هو رائع هذا التشبيه الذي قدمه لنا عباس أفندي في كتابه :"قارنوا دول العالم بأعضاء العائلة الواحدة، العائلة هي دولة مصغرة. ببساطة، وَسِّع دائرة الأسرة تحصل على دولة، وَسِّع دائرة الدولة تحصل على الإنسانية بكاملها، الظروف المحيطة بالأسرة محيطة بالدولة، ما يحدث في العائلة يحدث في حياة الدولة، هل تترقى وتتقدم العائلة إذا برز الخلاف بين أعضائها، الكل يتعارك، ينهب بعضهم البعض ، يتفشى فيهم الحسد والانتقام، ويسعى كل منهم بأنانية ليتفوق على غيره،طبعا لا، بل إن هذه السلبيات تكون سبب تشويه وجه الرقي والتقدم ، وهذه هي الحال في عائلة الدول الكبرى ، إذ إنَّ الدول ما هي إلا مجموع العائلات،لذلك كما أن الخلاف والنزاع يهدمان العائلة ويمنعان تقدمها ، كذلك يؤديان إلى هدم الدول وتأخير تقدمها ".

إن الأم هي عماد الأسرة التي هي أساس بناء المجتمع ، فإن صلحت الأسرة، صلح المجتمع ، وإلَّا فلا حول ولا قوة إلا بالله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى