​علي أمان.. ساحر الأغنية العدنية

>
بعبقرية الإبداع - الإبداع وحده - استطاع الشاعر والأديب علي عبدالله جعفر أمان (1937-2022 م)  أن يزاحم فضاء عدنيا مرصعا بالنجوم على خمسينات القرن الماضي ليكون واحدا من هؤلاء، حاضرا في المشهد على صعوبة ذلك حين يتسيد ساحة الغناء و الشعر و الأدب فردا آخر من أبناء ( أمان) الأسرة العريقة في عدن هو رائد الشعر الزومانطيقي في المنطقة ككل الاستاذ لطفي جعفر امان.

 الشاعر والأديب علي عبدالله جعفر أمان
الشاعر والأديب علي عبدالله جعفر أمان

ولأن الإبداع لا يورث علميا، كبنيان فوقي للمجتمعات لا علاقة له بالجينات، فإنه في حالة عائلة ( أمان ) الشجرة الوارفة بكثرة المبدعين فيها قديما و حديثا فالحالة محيرة حقا، ما يجعلني في ريبة من الأمر ولكن ليس بمقدوري مفارقة ( العلم ) مقاطعا أو مسديا نظرية اخرى مناقضة، و لكني أعزي النفس بالقول المأثور : ( ابن الوز عوام  ).

 حالة علي أمان الشاعر والفنان و الأديب في زمن لطفي جعفر أمان الكبير شبيهة بعبقرية العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ الذي اخترق سيادة الأجواء الفنية المهيمن عليها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب،  وجعل حليم من نفسه عنوانا بارزا مستقلا في سماء الغناء العربي الآتي من أرض النيل.

ومن القائمة الذهبية التي تعاملت موسيقيا ولحنا مع كلمات علي أمان الرقيقة سوف نستشف مقدرة العدني الشاب على برهنة الذات و تسجيل حضوره بجدارة في محفل الغناء في عدن.

 لحن لعلي امان و غنى العمالقة :  أحمد بن أحمد قاسم و محمد مرشد ناجي و محمد سعد عبدالله و للأخير تذكرة - وأي تذكرة - حين يشدو ابن سعد بكلمات أمان الرائعة :
ما له كذا طبعك
مش زي بعض الناس
يا اللي انا حبك
با جيب لك حراس
خليك كذا خليك
ياللي بعيد عني
ما شفت زي حسنك
و اسال كمان عيني
كانت الخمسينات الماضية ترفد بكل شئ في عدن ، من المصفاة و نقابات العمال والتنظيمات السياسية وحتى الصحافة العدنية المبهرة.
ولكي يكون الامر منطقيا فإن غناء عدن الجديد انبعث من مطلع العقد الخمسيني وربما قبله بإنشاء الندوة الموسيقية العدنية بفنانين مقتدرين كبار أمثال خليل محمد خليل و سالم بامدهف وآخرين و كان الشاعر الشاب علي أمان يزاحم الكبار بابداعاته التي تلقى قبولا في الوسط الفني.

ولا يعني صعود الندوة إلى واجهة الغناء العدني الجديد أن الغناء في عدن نبت شيطاني لا جذور له و لا أصول، فالموجة الغنائية و الموسيقية في لحج العبدلية في دورها الثاني قد اتكأت على الموروث الغنائي للأمير الفنان أحمد فضل بن علي العبدلي.

و عدن المكتضة بالاثنيات و المذاهب و الملل و النحل والقوميات و الأديان و الأهواء و المشارب كفسيفساء إنسانية حية و متنوعة ينصهر فيها الكل و تشكل النسيج الاجتماعي لسيدة البحار،  لابد لها - والحالة هكذا - أن تكون  قد زخرت بالغناء والطرب والرقص والموسيقى تعبيرا من تعبيرات الحياة العامة للسكان.

 ولا يهم أن يكون الفن مجلوبا أو مجبولا على الطباع الجديدة في عدن ،  فالأهم أنه تعبير عن مكنونات الناس و ما يبتغون.

بأحاسيس الشاب العدني علي أمان التي تفيض عن معطياته الشعرية ، يسجل سبقا إعلاميا رائعا بإصداره النوعي لمجلة فنية على مستوى عدن. و اليمن و الجزيرة العربية مجلة "أنغام" و ترأّسه لهيئة تحريرها في العام 1959 م.  التي عاود صدورها لفترة بعد الوحدة اليمنية عام 1990م.
عرفنا  الشاعر الانسان والرائع علي أمان عن كثب في المراحل الأخيرة من حياته، يأسرك برقته وصفاء ذهنه و بصوته الهامس و قلبه المشحون حبا لكل من حوله ، سخّر حياته للفن بادواته الشعرية التي تسحر الألباب و ترقص الإنسان و الجان معا.
رحمة الله واسعة عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى