أصعب دموع دمعة وداع

> أربع سنوات مضت لم تكن كلمح البصر، بل كانت محملة بالكثير من التفاصيل الجميلة وغير الجميلة، أربع سنوات مضت وكم كنت أتمنى أن تمضي بعجالة لأخلع عني عبء الذهاب والإياب إلى جامعتي الحبيبة.

لم أكن أعلم وقتها أنني إذا انتهيت من عناء العلم سأدخل في عناء جديد وهو الفراق وأني سوف أترك إخواني الأحباب الذين أنجبتهم لي الحياة وجمعتني بهم تحت سقف واحد .

ها نحن اليوم على مشارف الوداع، حادث واحد فقط سيجمعنا وهو حفل التخرج وبعده يأتي الفراق، الكل سيذهب في سبيله.

إنني كلما أتذكر فراقهم يعتصر قلبي حرقة وأسى و أشعر بأن قلبي يتحطم ويتهشم، لم أتخيل قط أن أذهب إلى الجامعة يوما ولا أجد أحدا منهم سوى الكراسي والممرات التي تحمل ذكراياتنا، هنا كنا، وهنا جمعتنا صورة تذكارية، وعلى هذه الطاولة شربنا الشاي، وتحت ذلك الظلال كنا نذاكر قبل دخول الاختبار بلحظات.

هل فعلًا سأعود لهذه الجامعة التي ألفتها كثيرًا وأصبحت بيتًا ثانية لنا، هل سآتيها في المرات القادمات وكأنني غريب عنها لا أرى تلك الوجوه التي ألفتها، تلك الآيادي التي كنت أفتتح دخولي الجامعة كل يوم بمصافحتها، أحقًا لن أرى تلك الابتسامات التي كانت كنت أبدأ بها صباحي، لن أرى أصدقائي وزملائي الذين عشنا همومنا وأوجاعنا سويةً، وكنا نترك كل هم خلف ظهورنا لنعيش أجواء التعليم بكل تفاصيلها، نحن الذين اكتشفنا بعضنا أننا نعيش الوجع نفسه والهم ذاته وهو الحصول على العلم رغم كل المعوقات، نحن جميعًا نكدح لكنا لانمل ونظل نسعى حتى نحقق أمانينا.

كانت علاقتي بهؤلاء الإخوة الكادحين تزداد يوما بعد يوم، فتشاركنا جميعا الهموم والآهات وأصبحنا أسرة واحدة كل منا يحاول جاهدا إسعاد الآخر، رغم كاهل الحياة الصعبة التي نتجرعها.

عشقت صداقتهم وودت أن أستمر معهم جل حياتي بعد أن تفتحت لي الأبواب والآفاق و جعلتني شخصا منفتحًا عكس ما كنت عليه في السابق شخصًا انطوائيًا، أصبحت شخصًا يحب الطرف الآخر كثيرًا.

مأساة وألف مأساة أن أترك هؤلاء الزملاء وأرحل دون سابق إنذار، وأنسى معاناتهم وجدهم وكفاحهم ، في سبيل نيل الشهادة، لكن العزاء الوحيد هنا هو أننا سننطلق إلى آفاق جديدة وكم أتمنى من الله العليم أن تكون آفاقًا رحبة وأن نكون فيها أنا وكل زملائي في أفضل حال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى