أصحاب المناصب

> كلمة أول ما نسمعها تصيبنا بالقشعريرة ويكون وقعها لذيذا على مسامعنا وجميلا على عقولنا، وخصوصا لو الله أكرمنا بأحد المناصب الدسمة، فحينها ماذا نفعل؟ سؤال برئ يطرق عقولنا لأننا عادة لا نتوقع حصول ذلك الأمر، ولكن إن حدث هذا المنصب فجأة وغير حياتنا ولخبطها، فكيف يستقبل العامة تقلد المناصب التي تأتي فجأة؟

يكون العامة عادة على ثلاثة أصناف الأول هو الصنف الانتهازي وهو الذي يؤدي حصوله على منصب ما إلى التخطيط وبشكل عميق للإثراء السريع مستغلًا كل ما هو موجود من الثغرات في القانون، فيباشر بعملية نهب منظمة وقانونية لا يمكن الإمساك بها أو التعرف عليها أو تعقبها إلا بواسطة اقتصاديين وقانونيين محترفين، فيتم نهب الأموال وتحويلها لصالح صاحب المنصب كاحتياط وأصل ثابت يستفيد صاحب المنصب من عوائده ومنافعه لاحقا عند اكتشافه وإقالته ولا يجري على الأغلب محاكمة هذا الصنف من ذوي المناصب الذي عادة ما يكونون محميين بنصوص القانون، فيغادرون البلاد بهدوء وينتهي أمرهم بنسيان، أما الصنف الثاني فهم الذين يرون هذا المنصب نعمة فيبدؤون عادة بشطحات وبناء (الأنا) واصفين أنفسهم بالعباقرة وإن اختيارهم لهذا المنصب تم بعد الرجوع إلى مؤهلاتهم وخبراتهم العالية فيبدؤون ببناء شبكة مطبلين تساعد في تمجيدهم وبقائهم في المنصب لأطول فتره ممكنة، وهذا الصنف يقوم بإحاطة نفسه بكادر مساعد يقوم بالتخطيط نيابة عنه وإعداد البرامج التي تساعده في عمله وباسمه ويرد هذا الصنف الدين لهذا الكادر المساعد من خلال إغداقه عليهم بالمكافئات والسفريات والدورات الخارجية تحت مسميات شتى، والترقيات بالنسبة لهذا الصنف المنصب هي فقط لتمجيد اسمه وصنع بطولات وإنجازات وهمية باسمه فقط ولأجله فقط، أما الصنف الثالث فيعتبر المنصب بالنسبة لهم ابتلاء وهما وخوفا من الفشل يحاولون العمل وإنجاز الخطط التي تؤدي إلى النجاح في المؤسسات التي كلفوا بإدارتها وتطويرها وهم القليل في بلادنا يكون جزاؤهم في أغلب الحالات بإقالتهم من مناصبهم ووضعهم في بيوتهم من دون أي تكريم في الوقت الذي ينسب إنجازهم ونجاحهم لمن جاء بعدهم في مناصبهم.

هذه الأصناف الثلاثة موجودة في بلادنا ويراهم الجميع سواء من واقع عملهم في المؤسسات التي يعملون بها أو نقرأ عنهم في الصحافة، فالمناصب عند الأكثرية منا تعني المكاسب وحسابا بنكيا بجميع أنواع العملات وفيلا وسيارة آخر موديل مضادة لكل شيء وبدلات جديدة غالية وأنيقة وحياة البذخ سواء داخل البلاد أو خارجها، فمتى سينظر هؤلاء إلى الأمور من منظار آخر جميل بأن هؤلاء جاؤوا إلى مناصبهم لهدف واحد وهو خدمة الشعب والعمل على تحقيق أمانيه وطموحاته، فالمنصب هو تكليف الغرض منه إنجاز المهمة الكبرى وهي خدمة الشعب فيؤدي اليمين كقسم لأجل تحقيق هذا الهدف، فالقسم ليس عبارات ينطق بها فلان أو علان لأجل الحصول على المنصب، لكن القسم ذاته يجعلك يوم القيامة تقف مرتعدا مكسورا مهانا أمام الله جل علاه، فأي كلمات من لغتنا العربية سوف تنفعك وتبرر بها أفعالك ولا أدري بأي عذر سوف تأتي يوم القيامة تبرر فيه أعمالك، فأقول لأصحاب المناصب استيقظوا قبل أن توقظكم نفخة الصور وساعة الوقوف والحساب أمام الله جل في علاه.

"قاضي جزائي جسيم
محكمة صيرة الابتدائية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى