​مصر تستوعب بتحفظ صدمات التقارب بين الجزائر وإثيوبيا

> القاهرة«الأيام» العرب اللندنية:

> القاهرة على ثقة أن ما تقوم به القيادة الجزائرية يندرج في إطار البروباغندا السياسية

حاولت القاهرة استيعاب صدمات تطور العلاقات بين الجزائر وإثيوبيا وارتداداتها من دون أن تتخلى عن تحفظاتها الضمنية على ما تشهده هذه العلاقة من تفاهمات تصب في صالح أديس أبابا وموقفها من سد النهضة الذي يمثل إزعاجا كبيرا لمصر لا تجد له حلا مناسبا.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن القاهرة تعلم أن الجزائر لا تملك تأثيرا على إثيوبيا بالسلب أو الإيجاب، لكن اقترابها الظاهر من أديس أبابا يوفر إيحاءات سياسية تفيد بأنها تقف بجوارها على حساب الدولتين العربيتين، مصر والسودان.

وأكدت المصادر نفسها أن الفهم النسبي لطبيعة التصرفات الجزائرية في هذا الملف وعلاقته بطموحات قيادتها السياسية داخل القارة الأفريقية لا يعني أن القاهرة مرتاحة لتقارب الجزائر مع إثيوبيا، لأنها تصب في صالح الأخيرة، بصرف النظر عن النتائج المباشرة على سد النهضة.

القاهرة تعلم أن الجزائر لا تملك تأثيرا على إثيوبيا بالسلب أو الإيجاب، لكن اقترابها الظاهر منها يوحي وكأنها تقف بجوارها

وقد بنت أديس أبابا جزءا كبيرا من دعائم تحركاتها أمام المجتمع الدولي بشأن السد بأن مشروعها يحظى بدعم العديد من الدول وتفهمها، بينها دول عربية مثل الجزائر التي لم تتخذ موقفا صارما مما اتخذته إثيوبيا من إجراءات أحادية تضر بمصالح كل من القاهرة والخرطوم، وعلى العكس وفر تقاربها مع إثيوبيا دعما مهما لها.

وأعلن من قبل عن ولادة تحالف إقليمي يضم الجزائر وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا مهمته حل الصراعات في القارة دون اعتبار للعلاقة التاريخية التي تربط مصر بالجزائر، حيث تنطوي هذه الخطوة على إزعاج للقاهرة، والتي تخشى أن يتحول التحالف المزعوم إلى ورقة في يد إثيوبيا تمكنها من زيادة بعثرة أوراق سد النهضة.

وتحاول القاهرة التظاهر بعدم الاكتراث تماما تجاه التحركات الجزائرية التي تلامس مصالح مصر، لأنها على ثقة أن ما تقوم به القيادة الجزائرية يندرج في إطار البروباغندا السياسية.

وحذرت دوائر مصرية من مغبة ما يوصف بـ”التصرفات الاعتباطية” لأن انعكاساتها غير المباشرة على القاهرة سوف تكون كبيرة، خاصة أن التشابكات الجزائرية التي تظهر من وقت إلى آخر مع الأزمة الليبية وأزمة سد النهضة، فضلا عن تقلباتها مع بعض القوى الإقليمية (تركيا وإيران) والدولية (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا) لن تكون في صالح مصر.

وتخشى القاهرة أن يؤدي الكشف عن انزعاجها مما تقوم به الجزائر إلى تفجير بركان من الحساسيات، وتميل إلى امتصاص ما تمثله تحركاتها من مضايقات غير مباشرة كي لا تمنح فرصة لجهات جزائرية لتتغذى على خلاف جديد مع مصر.

وانتهزت الجزائر تحضيراتها لعقد القمة العربية المؤجلة إلى مطلع نوفمبر المقبل، وسلّم وزير خارجيتها رمطان لعمامرة رسالة خطية إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من نظيره عبدالمجيد تبون، تضمنت دعوة للمشاركة في القمة، وتضمنت كذلك ما يشي بحرص الجزائر على تعزيز أطر التعاون الثنائي “على شتى الأصعدة والانطلاق بها إلى آفاق أرحب اتساقاً مع عمق أواصر الأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين”.
تجاهل عبدالفتاح السيسي وجود أزمة مع الجزائر هو أفضل حل لها
تجاهل عبدالفتاح السيسي وجود أزمة مع الجزائر هو أفضل حل لها


ويبدو أن محتوى الرسالة كُتب بعناية لتفريغ ما وصل القاهرة عقب زيارة رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد إلى الجزائر من رسائل غامضة أغضبت مصر، ومحاولة تخفيف الوطأة السياسية للزيارة وما سبقها من تحركات لم ترتح لها القيادة المصرية وواجهتها بصمت بالغ، في إشارة إلى عدم رغبتها في إحداث شرخ دبلوماسي يضاعف من الأزمة المكتومة بين الجانبين.

وأعرب السيسي عن تطلع بلاده للعمل مع الجزائر لضمان نجاح القمة العربية المقبلة في تعزيز العمل العربي المشترك للتصدي للتحديات الضخمة التي تواجه الأمة، مرحبا بالدعوة “واعتزاز مصر بما يربطها بالجزائر وشعبها العظيم من علاقات تاريخية وثيقة ومتميزة على المستويين الرسمي والشعبي، والاهتمام بتعزيز مجالات التعاون الثنائي المشترك بين البلدين خلال الفترة المقبلة في كافة المجالات”.

وعززت هذه المفردات الرنانة تكهنات سياسية في مصر ذهبت إلى أن تجاهل وجود أزمة مع الجزائر هو أفضل حل لها، لأن الوقوف عندها كثيرا يمكن أن يتحول إلى كرة ثلج تزداد حجما.

وتعلم القاهرة أن مفاتيح الحل والعقد في النهاية موضوعة في عهدة المؤسسة العسكرية الجزائرية التي تربطها علاقات جيدة بنظيرتها المصرية منعت تصاعد حدة الخلاف في ليبيا، وهي التي تمثل صمام الأمان الذي يمنع تحويل الانزعاج المصري في كل مرة إلى توتر حقيقي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى