عدن في رواية مدهشة لمازن السقاف (1839)

>
مازن السقاف
مازن السقاف
كنت محظوظا قبل سنوات أن تصلني رواية (عمارة يعقوبيان) عبر البريد السريع، وهي بعد في نطاق خطواتها الأولى قبل أن تحدث كل تلك العاصفة من الاستقبال و الاحتفاء بذلك الإصدار الجديد الذي حرك المياه الأدبية والنقدية الآسنة في الصحافة و الإعلام العربي و حتى الترجمة والسينما، إذ غدا فيلم (عمارة يعقوبيان) بإبداع الزعيم عادل إمام من العلامات الفارقة في السينما العربية.

يومها كتبت عن الرواية مقالا طويلا استغرق صفحة كاملة في الغراء "الأيام" كان من أوائل – إن لم يكن الأول - ما كُتب عن هذه الرواية المثيرة و كاتبها علاء الاسواني الذي افتتح إطلالته الإبداعية على المشهد الثقافي بها.

تذكرت ذلك و أنا أقرأ بشغف نسخة مخطوطة من قصة (1839) لمؤلفها مازن عبدالله السقاف الذي كصاحبه علاء الاسواني عند كتابته لـ ( عمارة يعقوبيان ) ، ليس له نصيب من قبل في الكتابة الإبداعية و يتشارك الرجلان في أنهما قدما إلى السرد الأدبي من أروقة الطب.

كما أن الروايتين تتغذيان من حبل سري واحد، هو المكان أو الجغرافيا ضمن نسيج تاريخي عام يتمثل بالتبدلات الإنسانية و السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيه.


والحقيقة أن لسان الجغرافيا هو التاريخ و ما كانت الجغرافيا ناطقة إلّا بالتاريخ.

إن الجرأة في الطرح يتماثل و يتشابه بين السقاف و الاسواني، فعندما يتحدى السرد( تابو ) الممنوعات في الرواية بالقيم الفنية دراميا و بتصاعد الأحداث و تعقيداتها ثم الحبكة الروائية أو القصصية مع الخروج من فضاء المألوف مثل الذي جاء عند السقاف بجعل نهاية روايته مفتوحة على كل الاحتمالات لتكتسب الرواية بذلك موقعها المتقدم في القراءة والنقد.

والأروع أن السقاف قد اختار من البداية الدهشة و انبثاقها من خلال عنونته لروايته بالعام ( 1839 ) كتهيئة للقارئ، منذ البدء لاستقبال نسق متماسك من الدراما و الأحداث، مجالها التاريخي ذلك العام ( 1839 ) وما يليه و مجالها الجغرافي مدينة عدن وهي تتقلب على نار هادئة من التبدل الحضري في جوانبه الديموغرافية و الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية ضمن مقومها الاستراتيجي الجغرافي تحت حراب الوافدين الجدد او المستعمرين بلغة الثوريين العرب أو الإدارة البريطانية، التي تلجأ إلى القوة الناعمة لإحداث ما يجب أن يحدث من تطور و تبدل للمدينة الساحرة، و كأننا إزاء وصية أو ( فاوست) جوته الألماني :

- ومن أنت إذًا؟

- أنا من تلك القوة التي تريد دائما الشر فلا تفعل دائما إلّا الخير.

لاشك أن مؤلف رواية ( 1839 ) د. مازن السقاف يدرك الخيط الرفيع الذي يفصل الإبداع عن ما سواه من كتابة و لتكن في حالتنا الكتابة التاريخية ولذلك جعل التاريخ حاملا زمنيا لروايته و تخطاه بعمق الإحساس بتقنية السرد - النخاع الشوكي - لاكتمال الرواية أو القصة فنيا و إبداعيا.

إن رواية مازن السقاف ( 1839) بشرى جديدة في عوالم السرد في بلادنا بعد أن تيبّست عروقه لسنوات، وهى بشرى بميلاد روائي واعد نتمنى له التوفيق على درب الإبداع والأدب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى