​لا رئيس دائم ولا صورة ثابتة

> درسنا الوضع وتعلمنا معاني الحياة وعايشنا شرها وخيرها، ورأينا ما يرضينا وما لا يرضينا، فأول وتالي أمور كان يحتم علينا الوقوف معها، وهناك أمور كان يفترض الابتعاد عنها، لكننا لم نصل إلى نتيجة للتعامل مع الحالتين، طبعاً لا يوجد مبرر لنا لعدم التعامل على وجه أفضل.
في كل الأحوال، إن افترضنا وجود نقص تعليم، فذلك ربما يكون صحيحًا، وإن قلنا إنه قل ثقافةً فذلك صحيح أيضاً، أضف إلى ذلك: لم يوجد تحقيق وتمحيص في النفوس والضمائر تجاه كل القضايا.

اتخذنا تلك العادة من سنين عديدة ولم نبالِ لا في مستقبل لأجيالنا ولا حتى في حياتنا نحن الجنوبيين خاصة، والمصيبة أنك ترى أمامك دكاترة متعلمين ومثقفين دارسين يتعاملون مع الأحداث مثل ما يتعامل معها الإنسان غير المتعلم كالأمي مثلاً.

كل البشر في اليمن سواسية في القضايا السياسية لا فرق بينهم، لكن المصيبة الكبرى والعظمى هي التطبيل والتهليل ورفع الصور عالياً للأشخاص كانوا رؤساء أو مناضلين كما يصفهم المطبلون، وفي ما بعد بوقت قصير أو طويل نوعاً ما يصبح هذا المناضل الرئيس عميلا وسارقا وينعتونه بأقبح الألفاظ، هكذا جرت العادة في اليمن شمالا وجنوبا مع المنتصر.

السلف أسوى خلف والمنتصر هو من يقسم صكوك النضال والوطنية بعد الانتصار، ولم نتعظ من تجارب الماضي في كل المراحل، يا ليت قومي يفهمون ويبطلون من رفع الصور ورفع شعارات التمجيد والتهليل، فتلك الصور سيكون مصيرها في المستقبل تحت أرجل من طبل لها قبل غيرهم وهذا معروف لا محالة.
حتى الآن لم يطلع مسؤول في اليمن شمالي أو جنوبي ويقول: ممنوع رفع صورتي، بل إنهم أكثر تبجحاً وتفاخراً برفعها في المناسبات والمهرجانات والمكاتب، وحتى الشوارع لم تسلم، فلو كان يتم رفع صور المشاريع والتنمية لعمل هذا المسؤول لكان أفضل من رفع صورته التي لا لها قيمة عند الناس ولا فائدة منها طالما وهو مثل الجماد لا يعمل، وقيمة هذا المسؤول بدون أن يعمل لا تساوي قيمة الورق الذي وضع عليها صورته.

تقاس الرجال بعملها والعمل التنموي الأفضل الذي يستفيد منه الناس والوطن، وذلك من يرفع المسؤول ويرفع سمعته وليس تصليح الكرفتات واختيار آخر موديل من البدلات.
ميركل المستشارة الألمانية لنا خير مثل على ما قالت عندما سألوها الصحفيون، نراك يا سيادة المستشارة دائماً وفي أغلب الأوقات تلبسي بدلة واحده فقط وبنفس اللون، فقالت لهم: أنا مش عارضة أزياء كل يوم ألبس بدلة. أنا موظفة براتب.

لمن يوجه هذا الكلام؟ هل للأغبياء المطبلين، أم للأذكياء التابعين، أم للأشرار الذين سيأتونك بكثير من الأعذار والعراقيل؟
 سئمنا شعارات وسئمنا تطبيلا وتهليلا خاصة في الجنوب، وسئمنا ركودا اجتماعيا وأخويا وتنافرا في ما بيننا، ولا درينا من الفهمان منا ومن الغبي، لكن على ما يبدو أن كلنا أغبياء لا نكذب على أنفسنا.
أخيراً الذي لم يتفقد أحوال شعبه غير مرغوب فيه، ومن يغلق مكاتبه في وجه مواطنيه غير مرغوب فيه، ومن يمشي بمواكب ضخمة ويرهب الناس بأطقمه المسرعة لا نريده بالمرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى