حكايتي

> الكلمات أمرها عجيب فهي تحمل معانٍ أوزانها متفرقة ما بين الخفيف والثقيل كل إنسان يفهمها وفقا لقراءته لها، ومزاجه ومكانته فأحدهم يقرأها خيرا فيفرح بها، والآخر يقرأها شرا فيمتعض منها، وثالث يراها مزحا فيضحك منها، ورابعا لا يكترث لها ويلقيها أرضا مع أنها كلمات إلا أن معانيها وإن تعددت تجعلنا في مزاج مختلف، المهم هو كيف نزِن هذه الكلمات هل جاءت تساند مظلوم وتشير إليه أو أنها جاءت مرافقة لباطل و "مطبلة" له، أو جاءت مزيجا من الاثنين ودخلت في قواميس العامة على أنها كلمات محايدة، فلا هي أسعدت هذا ولاهي أغضبت ذاك، كل فرد فهمها حسب مزاجه، لأن الكلمات هي نفسها، بل و تحمل ذات المعنى ولكن اختلافنا كان في التأويل فالأصل أن الاختلاف رحمه ولكن في زماننا هذا فإن الاختلاف نقمة وعداوة.

لغتنا العربية تظل لغة عظيمة فيها مساحة شاسعة تمنحك الحرية لتقول كل شيء فتمنحك كلماتها فصاحة ولسانا وتجعلك مفرداتها تعبر عما يدور في نفسك فهذه اللغة تعطيك القدرة على قول كل شيء فهي تقف خلفك لتشير إليك وتقف أمامك لتخبر عنك وتقف بجانبك لتنقل عنك وتقف على لسانك لتبني معك قصة حزنك، وكذلك فرحك، فهي أيضا تدخل إلى قلبك النابض لتأخذ منه مشاعرك وإحساسك بل وأحزانك و تحولها إلى كلمات يقرأها الجميع تنقل بصدق ما يدور في قلبك وبإخلاص فهي تعطي للمشاعر بأنواعها بُعدا آخر ومعنى جميل يجعل القارئ أيا كان مستواه وتعليمه يفهمها لأن البساطة مغزولة في حروفها فتفهمها بسرعة وببساطة وبدون مقدمات لماذا أتحدث عن لغتنا العربية، لأنني أحبها حبا كبيرا أعشق فيها بساطتها وحلاوة كلماتها كما أني اكتشفت في ثناياها نفسي، فأبحرت فيها قدر ما استطيع وطاوعتني وسارت معي كرفيقه لدربي تنقل عني غضبي وضحكي وجدّي وهزلي في قالب معبر و مؤثر عني بغض النظر عن من يؤيدني في ذلك أو من يعارضني، فتبقى هذه الكلمات ليست عبارة عن أحاسيس فقط بل هي تنقل تجربتي في الحياة، حلوها ومرها وتصف ما عانيته بقالب قشيب، لم تخنني الكلمات يوما ولم أتوسل يوما من أحد ليقل عني شيئا، بل هي من تكلمت عني و قالت ما أريد ولم تبعني كما يفعل البعض، بل كانت لي نعم السند ونعم الجليس.

فهي تنظر لمعاناتي وأحيانا لدمعي وتنقل كذلك أحلامي وإن تبخرت فالأحلام تبقى أحلام، يجب أن تستيقظ منها عاجلا أو آجلا لأن الزمان الذي نعيشه ليس فيه مكان للأحلام بل فيه ألم وأحيانا خيبة أمل ليس لأنك ليس قادر على تحقيق هذه الأحلام بل لأن هناك من أبناء جلدتنا من يقفون أمامك ويفسدون أحلامك، كأنهم كابوس جاء ليقول لك كفى.. قم، فالواقع لا يعرف سوى خيبات تعقبها خيبات، لابأس أن حلمنا قليلا وبالغنا في أحلامنا فالأحلام تدخل السعادة، إلى قلوبنا والبهجة في حياتنا ولكن نحن في بلاد الأحلام فيها ممنوعة، والطموح فيها مفقود والمعاناة ستظل تحكي عن الأمس الذي مضى وستحكي عن اليوم الذي نتجرع فيه مرارته ولا أدري بماذا سيأتينا الغد هل ستسمر الحياة بمرها أو سيأتي فرج لا نعلمه هل سيعيد الابتسامة إلى وجوهنا أو سيلغي الأفراح من قاموسنا سنعيش لنكتب طالما دبّت الروح في أجسادنا فإن متنا عندها فقط سأضع النقطة الأخيرة، و سأذهب إلى قبر به عملي، ويسدل الستار عني لتنتهي معها حكايتي.

قاضي محكمة صيرة الابتدائية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى