الحمر: الخليج يقود حراكا دبلوماسيا وسياسة قائمة على الفعل

> «الأيام» اندبندنت عربية :

> العالم أمام حقبة سياسية تتغير فيها موازين القوى والغرب لم يستطع توريط العرب في حرب أوكرانيا

"يقود الخليج العربي اليوم حراكاً دبلوماسياً لا شرقياً ولا غربياً يضع مصالح شعوبه والأمة العربية في المقدمة وينتهج سياسات لم تعد قائمة على رد الفعل بل الفعل، والعمل بما يحصن جبهته الداخلية إزاء أي محاولة لا تتماشى مع مصالحه". على هذا النحو تمحورت كلمة نبيل يعقوب الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام.
  • النظام العالمي الجديد
وتطرق الحمر، خلال كلمته في منتدى أصيلة بالمغرب، الجمعة 21 أكتوبر الحالي، بعنوان، "الخليج العربي بين الشرق والغرب"، إلى الحرب الأوكرانية المستعرة حتى اللحظة، وذهب إلى أنها "بداية تشكل نظام عالمي جديد، وبغض النظر عمن ينتصر فيها، فإن العالم أمام حقبة سياسية جديدة ستتغير فيها الموازين، وتتعزز مواقع بعض القوى وتفقد أخرى مواقعها كما بدت فيه أوروبا، التي لم تعد إلا ذراعاً للولايات المتحدة خلال الحرب الأوكرانية التي افتقدت الزعامات التاريخية".

وأوضح المستشار الحمر "أن ما كشفته الحرب الدائرة في أوكرانيا بالنسبة للعالم العربي أن الغرب لم يستطع أن يجر العرب إلى جانبه في ساحة الحرب، وهذه كانت علامة بارزة في مسيرة التحولات التي شهدتها منطقتنا العربية بين الشرق والغرب"، وأشار إلى أن "الغرب مارس ضغوطاً كبيرة على دول الخليج من أجل إحداث تحولات رئيسة في مواقفها بالنسبة إلى الحرب، تنوعت بين العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية، والأهم هو فتحه الساحة العربية لإيران من أجل أن تعيث فيها إرهاباً ودماراً".

وأكد أنه "لم يكن من مصلحة دول الخليج أن تدخل طرفاً في هذه الحرب أو في الصراع الدائر بين الدول الكبرى، إذ تملك دول الخليج العربي تاريخاً طيباً وعلاقات اقتصادية مستقرة سواء مع روسيا أو الصين أو سائر الدول الشرقية، وطوال تاريخها حاولت تجنب الصراعات وسياسات الاستقطاب من أي جهة كانت، واحتفظت بعلاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع الجميع".
  • الغرب والكيل بمكيالين
وفي ضوء الحرب الأوكرانية تطرق، إلى أنها "كشفت كثيراً من مواقف العالم الغربي، خصوصاً ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمبادئ ومفاهيم الإعلام الحر التي ذهبت كلها أدراج الرياح عندما لامست الحرب العالم الغربي".

ورصد وزير الإعلام السابق "كوني رجل إعلام فلا أعرف حتى الآن كيف ستصنف المنظمات الغربية كـ(مراسلون بلا حدود) و(منظمة العفو) ما مارسه الإعلام الغربي من مصادرة للآراء وعنصرية وحجب المواقع الإعلامية خلال الحرب فيما كانت طوال السنوات الماضية تدين وتشجب وتستنكر وتحمل علينا وعلى إعلامنا".

واستدرك، "التحولات التي شهدتها سياسات القوى الكبرى في التعاطي مع المنطقة العربية على وجه الخصوص اتسمت بالتقلبات التي بلغت في بعض الأحيان درجة الحدة، إضافة إلى التدخلات الفجة في الشؤون الداخلية لهذه الدول تحت شعارات مختلفة وواهية، لم يكن آخرها محاولات فرض قيم مرفوضة دينياً واجتماعياً وإنسانياً وخلقياً على عالمنا العربي".


وأوضح أن "الجميع على دراية تامة بالواقع العربي إبان الحرب الباردة عندما كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يهيمنان على العالم، وما أعقب ذلك من انهيار الأخير لتستفرد الأولى بالعالم وحدها. ومن ثم تفرض شروطها وسياساتها التي نلنا منها نحن العرب نصيبنا خصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية".

وتابع، "في هذه الأثناء كانت هناك قوى عالمية تتشكل في الجهة الشرقية من العالم بخاصة بروز الصين كقوة عالمية امتدت بتأثيراتها في كل بقاع العالم بما فيها الولايات المتحدة نفسها، التي كانت تراقب بحذر شديد صعود الصين التي مارست ضبطاً للنفس في الأزمة التايوانية الأخيرة". وقال "منذ ذلك الحين جرت مياه كثيرة في العالم بما فيها عالمنا العربي".
  • حدود أمام التدخلات الخارجية
وذهب الحمر خلال كلمته إلى أنه "إذا ما كانت هناك حسنة لما كان يطلق عليه الربيع العربي، الذي خطط له من قبل الدول الغربية لتدمير المنطقة العربية وانهيارها، أقول إذ ما كانت هناك حسنة فإنها خلقت تحولات إيجابية جديدة في عالمنا العربي في ما يخص تعزيز الجبهة الداخلية العربية والنأي بها عن التدخلات الخارجية وتكثيف الاتصالات والتنسيق في ما بين دولنا من أجل خلق مواقف أكثر انسجاماً في الحديث مع الخارج إلى جانب الوعي العربي العام الذي تشكل في أعقاب ذلك".

وأكد أن "الاستقرار والأمن اللذين رسختهما دول الخليج لعقود طويلة خلقا نهضة تنموية كبيرة ومثالية انعكست إيجاباً على الشعوب التي زاد التحامها والتفافها حول أنظمتها، مما فوت فرصاً كثيرة لضرب هذه الأنظمة المستقرة، فيما كانت الشقة تتباعد أكثر وأكثر بين النظام الإيراني والشعب الذي عانى فقراً مدقعاً لقيام هذا النظام بصرف مدخرات إيران على منظماته الموالية وأهدافه التوسعية في الخليج وزعزعة الاستقرار فيه"، وأشار إلى أن "هذا الأمن والاستقرار والتنمية شهدت أيضاً عبثاً من قبل أطراف دولية متعددة ساعدتها في ذلك أحزاب ومنظمات تعتنق أيديولوجيات هرئة، كانت يوماً ما في سدة الحكم ولم تستطع أن تخلق أي مجتمع مثالي. فانهارت بعد أن انقلبت على ما ادعته من مبادئ تقدمية".

وتابع، "أستطيع القول أيضا إن الأيديولوجيات والأحزاب التي أضرت بدولنا وشعوبنا قد ولت وانتهت، وانكشفت شعاراتها الزائفة أمام الرأي العام، ولم يبق غير فلول تلفظ أنفاسها، انظروا حولكم، أين أحزاب الإسلام السياسي كالإخوان؟ وأين الأحزاب التي ادعت التقدمية ونصبت نفسها مدافعة عن قضايا الأمة العربية كحزب البعث وغيرها من الأحزاب؟ مدعية التطور والديمقراطية وحملت لواء العروبة والقومية، وفي الوقت نفسه عقدت التحالفات مع صنيعة إيران وما يطلق عليه حزب الله وتصمت عن جرائمه المخزية في دولنا العربية وما يرتكبه من مذابح واعتقالات".
  • عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء
وبرهن المستشار الحمر أن "زعماء من الشرق والغرب زاروا الخليج خلال الآونة الأخيرة في أكبر وأحدث دليل على تأثير السياسات الخليجية في العالم الذي أصبح يخطب وده، بينما بعض هذه الدول كانت تتخذ موقفاً عدائياً من الخليج، ولكنها سرعان ما أدركت أن ذلك ليس من مصلحتها، ولا يخدم توجهاتها السياسية والاقتصادية والأمنية".

وأضاف، "ما يشهده الخليج اليوم من تحولات نابعة من إرادته الذاتية مع تراجع قناعات غربية كثيرة بأن سياسات الضغط لم تعد تجدي نفعاً مع هذه الدول، التي برهنت في أكثر من موقف أن هذه الممارسات مصيرها الفشل، وكان فشل ما يسمى الربيع العربي أكبر دليل على ذلك".

وأكد أن "الخليج العربي يشهد اليوم تحولات تسير في نسق طبيعي وسريع فاجأ كثيرين، بل فاق توقعاتهم، هذه التحولات تختلف عن الصورة النمطية السابقة لتشق اليوم طريقها بقوة وثبات وثقة وتصبح رقماً صعباً في السياسات الدولية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى