الإنسان دائما ما يطمح للاستقرار والسلام وهو الهدف السامي والطموح المشروع الذي يسعى للوصل إليه والذي من خلاله وبه تبدأ عجلة التنمية والتطوير تدور وتصب في خدمة الإنسان في جميع مجلات الحياة، لكون ويلات الحروب المتعاقبة دمرت كل شيء أمامها، إلا أنه مع انتهاء الحرب العالمية لاح بصيص الأمل فانبثق عنها ونتيجة لها ظهورت توجهات تعاضت خلالها الشعوب والأمم التي حملت في مضمونها تنويرا وتحديثا وتغييرا في مفهوم الإنسان للحياة، للسير في بناء المجتمعات وحفزت العالم للاتجاه إلى التنمية والتطور التكنولوجي لخدمة الإنسانية وأنهت طموح السلطات المتعطشة للدم لغزو البلدان بالحديد والنار.
وهذا ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية واتجه العالم إلى التنمية وسخرتها لخدمة البشرية، وبهذا أدرك العالم مفهوم السلام ومردوده والمتمثل في إنهاء العنف وحلول العدالة والأمن والاستقرار والتنمية وازدهار الشعوب وغاب الحرب وترسخ السلام وهذه هي المحطة الأولى التي نقلت الشعوب من الحرب إلى السلام وبها ازدهرت المجتمعات الإنسانية وتطورت التنمية.
في الجانب الآخر وبالمنظور العلمي والعملي إلى (حالة لا سلم ولا حرب) نجد أنها تصل بالإنسان إلى أدني مستوى الحياة وتضيع عندها الحقوق وتنتهك بها الإنسانية ويتشرد خلالها الأطفال ويتحول المجتمع إلى مجتمع يأكل القوي الضعيف وتفقد بها القيم الموروثة وينتشر الفساد ويسود الظلم ويفتقد بها التعليم ويصبح الجهل هو السمة السائدة التي يتميز به المجتمع بالإضافة إلى عدم مقدرة الإنسان البسيط تسيير حياته لعدم وجود الإمكانيات وعدم وجود السلطة التي تحافظ على أمن المجتمع والتي تضمن له الحياة الكريمة.
وبالنظر إلى عالمنا الصغير (بلادي ) نجد اليوم أنها غابت عنها الحكمة التي تغنى بها الشعب وساد بها الظلم وانتهاك الحقوق ومات الفقير من الجوع وتسلق إلى الحكم من لا حكمة لديه وانتشر الفساد وغاب العدل وانعدم بها الأمن والأمان وقتل القتيل من جهة مجهولة.
انعدمت فيها المشاعر الإنسانية وزاد بها الحرامية وسرقت الأرض واغتنى منها سالبين السلطة التي تتظللوا بظلالها، هكذا حال بلادي على الرغم من مشاركة العالم وسعيه في البحث لإيجاد الحلول التي تعيد السلام إلى البلاد، إلا أن العالم المتحضر لم يجد أذن صاغية لإحلال السلام لكون اهتمام من في السلطة ليس السلام بل بكرسي الحكم واستئثارهم بثروات البلاد لملء جيوبهم وأرصدتهم التي أصبحت بالبنوك زاخرة من خيراتها ، لهذا اهتمامهم انحصر في البحث في مسوقات السلام كيف تضمن لهم الحفاظ على كرسي الحكم ، والذي يتعقب المشاورات يجد ان غايتهم ومرادهم بشقيها (الحوثي والشرعية بالرغم من التفاوت اليسير بينهما في هذا المضمار)أن السمة الغالبة للجانبين هو السعي للحفاظ على كرسي السلطة وليس السعي لإحلال السلام الذي يضمن الحقوق للشعب.