​السينما السورية في عام 2022: حركة الإنتاج لا تزال رهينة الأوضاع الاقتصادية

> دمشق «الأيام» العرب:

>
عام مضى تحركت فيه السينما السورية في مسارات متصاعدة حينا ومتراجعة حينا آخر، لكن المؤكد أن العديد من السينمائيين فيها ما زالوا قادرين على تحقيق أحلامهم في رؤى سينمائية مختلفة. في هذا المقال، نستعرض أبرز ملامح الإنتاج السينمائي السوري خلال العام الحالي الذي أوشك على الانتهاء والذي يبدو أنه إنتاج لا يزال رهين الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي يمر بها البلد.

تابع المشهد السينمائي داخل سوريا نشاطه خلال عام 2022 وهو محاط بالكثير من الطموحات التي يحملها مبدعون وعراقيل يفرزها وضع راهن. وعلى الرغم من تسيد المؤسسة العامة للسينما الحضور السينمائي الأهم داخل البلاد، لكن نشاطات خاصة واكبت الحدث وشكلت حضورا مهما في المشهد السينمائي السوري، كان أهمها إنتاج فيلمين روائيين طويلين هما “كازي روز” إخراج وائل رمضان و”فيك آب” للمخرج أحمد إبراهيم أحمد.

وأرخى الوضع المالي المأزوم في سوريا بظلاله على الشأن السينمائي، وأثر في حركة الإنتاج، إذ تراجع إنتاج الأفلام الطويلة من أربعة أفلام إلى إثنين، بينما أنتجت ثمانية أفلام قصيرة وخمسة عشر فيلما في مشروع دعم سينما الشباب المخصص للهواة، وهذا رقم متراجع جدا مقارنة بإنتاجات الأعوام السابقة في كلا الشكلين.

وامتد الضرر إلى بعض النشاطات الموازية، وكان أوضحها في مجال النشر السينمائي، حيث تراجعت إلى حد كبير أعداد منشورات سلسلة الفن السابع التي تصدر عن المؤسسة العامة للسينما، فبعد أن كانت الإصدارات تصل إلى ستة عشر كتابا في العام الواحد، لم يصدر خلال العام 2022 سوى كتابين، والسبب نقص حاد في مادة الورق أو بعض مستلزمات الطباعة بسبب العقوبات الاقتصادية على سوريا.
  • خط إنتاج جديد
أفلام المؤسسة العامة للسينما حققت حضورا لافتا في المشهد السينمائي والثقافي العراقي أفلام المؤسسة العامة للسينما حققت حضورا لافتا في المشهد السينمائي والثقافي العراقي
بقراءة سريعة سنجد أن المؤسسة العامة للسينما أنتجت خلال عام 2022 فيلمين روائيين طويلين هما “حي المنازل” عن سيناريو للكاتب سامر محمد اسماعيل وإخراج غسان شميط، الذي يعود لنشاطه في تقديم السينما الروائية بعد غياب عدة سنوات قدم خلالها عددا من الأفلام الوثائقية الطويلة. ويحكي الفيلم سيرة أسرة تعيش في دمشق في وسط شعبي والأحداث التي تحيط بها خلال أيام الحرب. والفيلم الثاني كان تجربة جديدة جمعت بين المخرج باسل الخطيب والفنان دريد لحام بعد فيلمي “دمشق حلب” و”الحكيم”.

الفيلم من تأليف تليد الخطيب ويحمل اسما مؤقتا “العائلة”. وتظهر فيه ملامح عن الحياة الاجتماعية القاسية التي يحياها بعض الأطفال في ظل وجود تشوهات اجتماعية وما يمكن أن تحدثه من مصاعب في حيواتهم.
كما أنهت المؤسسة في العام 2022 العمليات الفنية لفيلم “أيام الرصاص” وهو من تأليف أحمد عدرة وأيمن زيدان وإخراج أيمن زيدان، ويحكي عن شخصية رجل أمن تقاعد من عمله ويحاول العودة إلى مكانته ووضعه الاجتماعي السابق.

أما في شكل الفيلم الروائي القصير، فأنتجت مؤسسة السينما ثمانية أفلام قدمت خلالها طيفا من السينما الشبابية، وكانت كلها في شكل الفيلم الروائي الذي يقدم حالات اجتماعية مختلفة، وحملت أسماء تقدم للمرة الأولى أفلاما سينمائية قصيرة منها روبين عيسى الممثلة السورية المعروفة التي قدمت فيلما حمل اسم “فيلم طويل جدا”، كما قدمت تاتيانا أبوعسلي فيلم “دعاء”، وكذلك قدم محمد سمير طحان فيلم “أماني”، وقدم علي إبراهيم فيلم “تركواز”، أما فراس محمد فقدم فيلما جديدا له مع المؤسسة جاء أقرب إلى البنية التجريبية وحمل اسم “خردة”، وقدمت لوتس مسعود فيلم “الخروج إلى الداخل”.
وفي مشروع دعم سينما الشباب، قدمت مؤسسة السينما خمسة عشر فيلما قصيرا حملت مجموعة من الأفكار التي تراوحت بين الذاتي والاجتماعي، وهي تأتي بعد مرحلة تعثر تراجعت خلالها إنتاجات هذه السلسلة بسبب جائحة كورونا وما سببته من انقطاعات في العمل .

ورغم تراجع فعالية الإنتاج في المؤسسة العامة للسينما في 2022، لكن المؤسسة استحدثت لنفسها خطا إنتاجيا جديدا، بدأت ملامحه سابقا من خلال بعض الأفلام الوثائقية أو الروائية، لكنها في الموسم الحالي حولته إلى حالة إنتاجية واضحة المعالم تحقق من خلالها حضورا سينمائيا جديدا ومرنا.
الشكل الإنتاجي الجديد الذي أوجدته المؤسسة هو الأفلام متوسطة الطول، التي تقارب مدتها ساعة من الزمن، وتسعى من خلاله لضمان تقديم عدد أكبر من الأفلام يعوض النقص على مستوى إنتاج الفيلم الطويل كما يقدم مساحات إبداعية جديدة ومختلفة ويقدم صيغة إنتاجية مرنة تقاوم صعوبات الإنتاج المحيطة بالأفلام الطويلة، كونها تتميز بكلفة إنتاجية منخفضة وتتطلب عدد أيام تصوير أقل وغيره.

في هذا التوجه، أنتجت المؤسسة العامة للسينما، الجهة الرسمية الوحيدة الداعمة للفن السابع، ثلاثة أفلام روائية متوسطة الطول. حمل الأول اسم “الأم السورية شمس لا تغيب”، وهو مأخوذ عن رواية “يوم ليس كباقي الأيام” للكاتبة كفى ثابت كنعان أعد لها السيناريو وأخرج الفيلم عوض القدرو. ويحكي الفيلم عن أمهات الشهداء ومدى المعاناة التي يتعرضن لها جراء فقد أبنائهن.

أما الفيلم الثاني فحمل اسم “إنعاش” وهو من تأليف وإخراج عمرو علي في أول تعاون له مع مؤسسة السينما، يحلل فيه عبر حكاية تجري معظم أحداثها في مشفى حقيقة المشاعر الإنسانية وكيف يحمل البعض عواطف الشر والجشع تجاه الآخرين حتى لو كانوا من المقربين.
والفيلم الثالث حمل اسم “بوح” وهو من تأليف وإخراج أيهم عرسان صاحب العديد من الأفلام الروائية القصيرة التي قدمها سابقا وحقق بها جوائز عديدة. فيلم “بوح” يذهب إلى مساحات وجدانية تخص شريحة المثقفين والفنانين، يروي حكاية مخرج مسرحي تتصارع أناه الفنية مع عوالم زوجته الممثلة المسرحية، ويرصد ما يكون بينهما من تنافس ومخاطر مهنية وحياتية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى