السلام مقابل الغاز والنفط.. قيادي حوثي: تم إيقاف القتال في مأرب بأوامر من قياداتنا العليا

> "الأيام" العرب اللندنية

> ​كشفت جماعة الحوثي عن اتفاق مع السلطة المحلية في مأرب يقضي بوقف أي أعمال قتالية، والحفاظ على الوضع الميداني الراهن مقابل حصول الجماعة الموالية لإيران على حصة شهرية من عائدات النفط والغاز في المحافظة الواقعة شمال شرقي العاصمة صنعاء.

ومن شأن إعلان الجماعة الموالية لإيران عن هذا الاتفاق أن يزيد من حجم الضغوط على السلطة المحلية في مأرب التي يمثلها المحافظ سلطان عرادة، حيث يواجه الأخير اتهامات متكررة بالتمرد على مجلس القيادة الرئاسي، وتكريس مأرب إمارة إخوانية.

وأوضح القيادي البارز في جماعة الحوثي عبدالكريم المتوكل، في جلسة حوارية على منصة تويتر شارك فيها نشطاء وشخصيات سياسية يمنية لبحث آخر التطورات العسكرية والسياسية والاقتصادية في اليمن، أن المعركة بمحافظة مأرب تم إيقافها بأوامر من قيادتهم العليا بعد أن اقتربوا من المجمع الحكومي في عاصمة المحافظة التي تحمل الإسم ذاته.

وأكد القيادي الحوثي في تصريحات نقلتها مواقع يمنية على نطاق واسع أن قيادتهم العليا أبلغتهم بعدم التقدم والتوقف عند آخر الحدود التي وصلوا إليها، نظراً لالتزام سلطات مأرب بتزويدهم بحصتهم من نفط وغاز مأرب والتي تصلهم شهرياً إلى صنعاء ويتم توزيعها على المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.

ولفت المتوكل إلى أن القيادة العليا للجماعة تراعي أهمية الحفاظ على منشآت النفط والغاز في مدينة مأرب وتجنيبها العمليات العسكرية التي قد تؤدي إلى حدوث كارثة وأزمة في كمية الوقود والغاز التي تصلهم منها حصة كاملة.

وأوضح أن هذا الاتفاق عالج بشكل كبير مشكلة أزمة الغاز التي كانت تعاني منها العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الشمالية وأسهمت في رفد الاقتصاد بالضرائب والإيرادات لتوفير الخدمات للمواطنين، حسب تعبيره.

وأضاف القيادي الحوثي أن الحفاظ على منشآت النفط والغاز في مأرب هو مسؤولية جماعية، مشيراً إلى أنهم يعدون خططا عسكرية أخرى تنطلق صوب بقية الجبهات لقتال من وصفهم بـ”العدوان” في جبهات الضالع ولحج والساحل الغربي، وصولا إلى باب المندب وفك الحصار المفروض على اليمن.

وكان الحوثيون قد دفعوا منذ فبراير 2021 بالآلاف من عناصرهم للسيطرة على مأرب التي تعد آخر معاقل السلطة الشرعية في شمال اليمن، وتمكنوا من فرض سيطرتهم على معظم أجزائها كما نجحوا في تطويق مركز المحافظة من ثلاث جهات قبل أن يتوقف القتال في العام الماضي.

وكثيرا ما اتُّهِم حزب التجمع الوطني للإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالتواطؤ مع الحوثيين وإفساح المجال لهم لفرض أمر واقع جديد في المحافظة الغنية بالنفط والغاز.

ويقرّ مراقبون بأن إعلان القيادي الحوثي البارز أن توقف القتال في المحافظة جاء نتيجة اتفاق مع السلطة المحلية يعكس واقعا جديدا وخطيرا في الآن ذاته، ذلك أن جماعة الإخوان بعد تراجع نفوذها في المجلس الرئاسي الجديد باتت تسعى لخلق بؤر انفصالية في جسد الشرعية، وقد تكون الخطوة الموالية لها بعد مأرب هي الذهاب إلى تكرار السيناريو ذاته في حضرموت في ظل تنامي الدعوات لانفصال هذه المحافظة الجنوبية الغنية أيضا بالنفط والغاز.

ويلفت المراقبون إلى أن تصريحات القيادي الحوثي تشكل إدانة لحزب الإصلاح الذي لطالما نفى التهم الموجهة إليه بالتعامل مع جماعة الحوثي أو التواطؤ معها، مشيرين إلى أن الحزب الإخواني وفق تصريحات المتوكل صار يشكل متنفسا اقتصاديا مهما للحوثيين، ولدعم  مشروعهم في اليمن. 

ويعتبر المراقبون أن هذا الوضع يشكل مأزقا كبيرا بالنسبة إلى مجلس القيادة الرئاسي الذي من الواضح أنه عاجز عن مواجهة التحدي الإخواني، كما أنه يمثل مشكلة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، والذي يسعى جاهدا لترتيب صفوف الشرعية وتوحيد جهودها في مواجهة الحوثيين.

ويقول المراقبون إن بقاء سيطرة حزب الإصلاح على محافظة مأرب بات غير ممكن القبول به، وإن هناك حاجة ماسة إلى إجراء تغييرات، وإلا فإن ذلك سيقود إلى تماد أكثر من قبل قيادات الحزب، وهو ما يترتب عليه تفتت اليمن إلى دويلات.

وكان المحافظ الإخواني سلطان العرادة أعلن في وقت سابق عن تأسيس ما يشبه الإدارة الذاتية المستقلة في مأرب، والتي لا تخضع للسلطة الشرعية، في موقف يعكس تمردا على المجلس الذي يسعى لإجراء تحويرات، بمن في ذلك المحافظ، ويطالب بضرورة امتثال السلطة المحلية لتحويل إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي في العاصمة عدن.

 وأقر المحافظ خلال اجتماع مع عدد من القيادات والمسؤولين في المحافظة موازنة عامة خاصة بمأرب للعام الجاري، بلغت 337 ملياراً و263 مليوناً، وبزيادة عن موازنة العام الماضي بنسبة 20 في المئة.

وتضم الموازنة العامة لمأرب موازنات السلطتين المحلية والمركزية في حكومة إمارة مأرب، والوحدات الاقتصادية والهيئات والمؤسسات والصناديق الملحقة بكل منطقة، بالإضافة إلى موازنة المشاريع المحلية ومشاريع التنمية الاجتماعية والمركزية موزعة على الأبواب الأربعة للموازنة.

ويرى نشطاء يمنيون أن حزب الإصلاح لن يقف عند حدود انتزاع مأرب بل سيسعى بكل قوة لفرض سيطرته الكاملة على محافظة حضرموت الإستراتيجية، مراهنا على القاعدة العسكرية الأولى المتمركزة في وادي وصحراء حضرموت وأيضا على استقدام المزيد من المقاتلين من مأرب، ومستغلا الهدنة المطولة مع الحوثيين.

وكانت مصادر بمدينة مأرب كشفت مؤخرا عن قيام قيادات بارزة في حزب الإصلاح بزيارات إلى معسكرات تدريب لعناصر الحزب، وحثهم على المشاركة إلى جانب المعسكرات الموالية لهم في مديرية عرماء بمحافظة شبوة وكذلك المنطقة العسكرية الأولى بوادي وصحراء حضرموت.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن تلك المصادر قولها إن القيادي البارز المطلوب دولياً خالد العرادة، الذي يحمل رتبة عسكرية بالجيش الموالي لجماعة الإخوان في اليمن، أجرى عددا من الزيارات إلى معسكرات تابعة له ودفع بتعزيزات إلى المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت وأخرى لتعزيز آخر معسكرات الإخوان في مديرية عرماء بمحافظة شبوة.

وأضافت المصادر أن العرادة هاجم، خلال محاضرات تحريضية ألقاها داخل معسكرات الحشد الشعبي التابعة لجماعة الإخوان بمأرب، التحالف العربي وقوات النخبة الحضرمية والمجلس الانتقالي وقواته المسلحة وتوعدهم بتنفيذ عمليات موجعة وتصفية قيادتهم وإعادة السيطرة على حضرموت وشبوة.

ويعكس هذا التحشيد أن اليمن مقبل على تطورات ميدانية قد تغير كليّا شكل وطبيعة الصراع القائم، وهذا ستكون له تبعات مأساوية، حيث سيكون من الصعب جدا فرض سبل لتسوية النزاع المستمر منذ عام 2014.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى