​في ذكرى التصالح والتسامح.. لننتصر للمستقبل والمستقبل وحده

>
عبرنا عن رأينا مراراً وأكدنا بأن عملية التصالح والتسامح بين أهلنا في الجنوب كانت مسألة وطنية وأخلاقية وإنسانية دائمة وستبقى كذلك ببعد تاريخي يتجاوز الشعارات والتوظيف السياسي لأحداث الماضي المؤسفة، أو التفاعل السلبي مع استحضارها من قبل أعداء الجنوب وقضيته الوطنية بهدف إرباك الحاضر وخلط الأوراق وعرقلة السير نحو المستقبل الذي ينشده شعبنا وكل قواه الوطنية المخلصة التي تؤمن بأن الذهاب نحو المستقبل الآمن والمزدهر للشعب الجنوبي العظيم، هو ما ينبغي الفعل والنضال المخلص والتوحد من أجله ويستحق التضحية دون سواه، فالماضي خلفنا وأصبح تاريخاً مدوناً في سجل مسيرتنا الوطنية المتعددة المحطات وبكل ما لها وما عليها، وهو الأمر الذي يحتم علينا اليوم الاستفادة من كل دروسها وعبرها، منعاً لتكرارها ومغادرة مربعات التمترس والتخندق ضد الآخر الذي كان مع الأسف الشديد بديلاً للغة الحوار الجدي المسؤول ولأسباب مختلفة لسنا في وارد ذكرها هنا.

ولنكن جميعاً على يقين بأن هناك من أراد وعمل في الماضي ويريد ويعمل اليوم بكل الوسائل والطرق الخبيثة، السرية منها والمكشوفة لبقاء الجنوبيين في دائرة الانتقام والانتقام المضاد وفي إطار سلسلة متتالية من جحيم الفتن المتنقلة التي أشعلوها بالأمس ويغذونها اليوم، لجعل الجنوبيين دوماً يتنفسون أوجاعهم وآلامهم وكأن حياتهم توقفت عند محطات الماضي وأخطائه وحدها فقط، وأصبحوا أشبه بالموتى فاقدي الحركة والقدرة على التحرك إلى الأمام، حتى لا يكون باستطاعتهم معانقة المستقبل المشرق الذي ينتظرهم ويستحقونه بكل تأكيد إن هم عرفوا جيداً كيف عمل ويعمل أعدائهم ضدهم ومنذ زمن طويل.

إن المسؤولية الوطنية تفرض على الجميع التوجه الجاد والصادق والمسؤول نحو الغد، وجعل الحوار الوطني الجنوبي القائم منطلقاً صحيحاً وصلباً ومحطة تاريخية للتوافق على بناء المستقبل برؤية وطنية جنوبية ثاقبة، ونأمل أن يصل قريباً إلى محطته الأخيرة، رؤية شاملة تضع قطيعة جادة مع تجارب الماضي السلبية وتتجاوز بنجاح كوابح ومعوقات النهوض الوطني الجنوبي الذي بات ضرورة تاريخية ملحة بكل المقاييس.

إن وضع الأسس السليمة للنظر في قضايا الماضي التي تحتاج للمعالجات المسؤولة مستقبلاً وعبر الأخذ بالتجارب الإنسانية العديدة في مجال تحقيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر ورد الاعتبار لكل من مسهم الضرر بأشكاله وصوره المختلفة بآلية وطنية جنوبية مبتكرة تأخذ بعين الاعتبار تاريخ وتجربة الجنوب وخصوصياته من كل الجوانب والأبعاد، تحقيقا للعدالة والإنصاف بعيداً عن بواعث الانتقام وروح الثأر وبما يبلسم جراح الجميع ويوحد إرادتهم وصفوهم ويقطع الطريق أمام من يتربصون بالجنوب وأهله شراً، وهي مهمة وطنية نبيلة لن تتحقق في تقديرنا بالصورة المطلوبة إلا عبر استعادة الجنوب لدولته الوطنية الجنوبية المعنية وحدها بتحقيق هذا الهدف الوطني والإنساني العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى