شكسبير باللهجة العدنية

> تسجل فرقة خليج عدن بقيادة المخرج المتميز الصديق عمرو جمال تميزا جديدا من خلال النسخة العدنية من مسرحية الأديب العالمي شكسبير هاملت، مثلما كانت الفرقة متفردة بإنتاج فيلم عشرة أيام قبل الزفة كأول فيلم سينمائي يمني، تحدى الظروف التي أوجدتها الحرب التي تعصف بالبلاد منذ ثمانية أعوام، وغياب أي دور أو اهتمام حكومي بمثل هذه الأعمال الإبداعية.

البارحة كنت ضيفا على قاعة المجلس التشريعي التي تحتضن عروض الفرقة خلال هذه الفترة، برفقة الصديق عمرو الإرياني رئيس الدائرة الثقافية في المجلس الانتقالي، الذي تولى ترجمة المسرحية إلى اللهجة العدنية، كان محيط المبنى ممتلئا بالحضور من الجنسين، وفي الداخل بالكاد وجدنا مكانا في جزء من قاعة المبنى الذي كان في الأصل كنسية تم بناؤها في حقبة الاستعمار البريطاني، وطوال العرض المسرحي كان الجميع منصتا باهتمام، ومتفاعلا بقوة مع المشاهد التي اختلطت فيها الدراما مع القفشات الضاحكة.

لك أن تتصور أن مدينة مثل عدن التي أنشأ فيها أول دار عرض سينمائي في ثلاثينيات القرن الماضي، ومع هذا لا تمتلك حتى الآن مركزا ثقافيا، ومسارحها اختفت ودور السينما أهملت، ولهذا بذلت الفرقة جهدا استثنائيا لتحويل قاعة الكنيسة إلى مسرح، بما في ذلك الإضاءة وأجهزة الصوت وغيرها، وتحملت الفرقة التي تخوض معركة الوعي وإعادة إحياء الفنون، نفقات ترميم المبنى من الداخل جراء تضرره من الحرب الأخيرة، ويؤكدون أن الهدف من اختيار هذا المكان، هو لفت أنظار المجتمع والحكومة إلى المواقع الأثرية للمدينة، على أن تنقل عروضها خلال فترة عيد الأضحى إلى سينما (هريكن) وهي أول سينما يتم افتتاحها بالمدينة في ثلاثينيات القرن الماضي.

مهابة المكان التاريخي ونمطه المعماري وموقعه المطل على مدينة كريتر، أضفت بعدا جماليا على المسرحية التي تدور أحداثها في القارة الأوربية، غير أن الأجمل في هذا العمل الإبداعي، هو أن المخرج المتمكن عمرو جمال وصديقه الشاعر عمرو الإرياني، استطاعا إضفاء طابع فكاهي على جزء من مشاهد المسرحية التي تتحدث عن محنة ولي العهد هاملت الذي قتل والده على يد عمه، وخسر محبوبته وتزوجت والدته من قاتل أبيه وتنتهي بمأساة مقتله ووالدته وعمه.

تمتلك فرقة خليج قاعدة جماهيرية عريضة في كل المحافظات، ومؤخرا تمكنت من تسجيل حضور عربي، وهي قريبا تطرق أبواب الحضور العالمي من خلال مشاركتها في مهرجان برلين، وعن قرب ومنذ بداية صداقتي مع المخرج العدني عمرو جمال قبل ثلاثة أعوام، لمست كمًا من الجهد يبذله في سبيل بقاء الفرقة وازدهار المسرح، لكنه وزملاءه بدون سند حقيقي من الجانب الحكومي أو غيره، لأنهم يعملون من أجل الفن وله، وفي سبيل إعادة الوجه الجميل للمدينة التي كانت رائدة في المسرح والفنون وحاضنة للثقافة ورمزا للتعايش.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى