إستراتيجية جديدة لواشنطن لتعطيل المسيّرات العسكرية الإيرانية

> واشنطن "الأيام" العرب

>
​دأبت الولايات المتحدة على تعطيل برنامج الطائرات المسيرة الإيراني في الآونة الأخيرة من خلال سلسلة من العقوبات الاقتصادية وقيود التصدير، للحد من وصولها إلى دول أخرى في ظل ما يتردد عن استخدام روسيا لتلك المسيرات في حربها ضد أوكرانيا، لكن هل نجحت جهود واشنطن في الحد من هذا البرنامج؟يقول الباحث إريك لوب، وهو باحث غير مقيم في برنامج إيران بمعهد الشرق الأوسط وأستاذ مشارك في السياسة والعلاقات الدولية في جامعة فلوريدا الدولية، والكولونيل المتقاعد إدوارد ريل الذي يعمل على التقنيات المتقدمة وأجهزة الاستشعار ومعالجة أجهزة الاستشعار في شمال كاليفورنيا، إنه في السادس من يناير فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أعضاء المجلس التنفيذي لـ”منظمة القدس لصناعات الطيران والفضاء”، وهي شركة دفاع إيرانية أسسها فيلق الحرس الثوري الإيراني عام 1985.

وتقوم المنظمة بتصميم وتصنيع طائرات استطلاع ومقاتلة مسيرة ومتوسطة المدى من طراز “مهاجر – 6″، والتي من المفترض أنها نُقلت إلى روسيا في الصيف.

وفي سبتمبر الماضي تردد أن روسيا استخدمت “مهاجر – 6” لتنسيق هجوم على ميناء أوديسا الأوكراني، مما يتناقض مع نفي طهران لتزويد موسكو بطائرات مسيرة بعد غزو أوكرانيا. وتم فرض عقوبات على منظمة القدس من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية منذ ديسمبر 2013.

وقد تزيد الحكومة الأميركية أيضا العقوبات المفروضة على مسؤولي “شركة صناعات الطائرات الإيرانية”، التي تنتج الطائرة الانتحارية دون طيار (شاهد – 136) التي حولت روسيا اسمها إلى “جيران – 2” والتي برزت بشكل بارز في حربها ضد أوكرانيا.

ومنذ سبتمبر نشرت روسيا “شاهد – 136/جيران – 2” في موجات من ضربات الطائرات المسيرة والصواريخ، مما أدى إلى شل البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا وترويع سكانها المدنيين.

وعلى غرار منظمة القدس تمت معاقبة شركة صناعات الطائرات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لأكثر من عقد.

وطوال سنوات فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المجمع الصناعي العسكري الإيراني وقاعدة التصنيع، بما في ذلك كيانات مثل منظمة القدس وشركة صناعات الطائرات وشركة فجر لصناعة الطيران والمركبات وصناعات دعم وتجديد الطائرات المروحية الإيرانية وصناعات الطائرات الإيرانية، على سبيل المثال لا الحصر.

ومع ذلك استمر قطاع الطيران الإيراني وصناعة الطائرات المسيرة في التوسع والازدهار. ولم تستطع العقوبات الغربية منع إيران من أن تصبح لاعبا بارزا في سوق الطائرات العسكرية المسيرة ومشاركة تكنولوجيا الطائرات المسيرة مع الشركاء والوكلاء داخل وخارج الشرق الأوسط.

وقامت إيران بتصنيع وتشغيل طائرات عسكرية مسيرة منذ الحرب الإيرانية – العراقية في منتصف ثمانينات القرن الماضي. ومع أكثر من ثلاثة وثلاثين نموذجا، يشكل مجمع الطائرات العسكرية المسيرة الإيراني المتطور للغاية إحدى الركائز الأربع لإستراتيجيتها الأمنية وهيكل قوتها، مكملا تكنولوجيا الصواريخ والقوات بالوكالة والحرب الإلكترونية.

وقد عرضت الطائرات دون طيار بشكل متزايد ميزة غير متماثلة لإيران، مع إدراك أنها لا تستطيع التنافس مع القوات الجوية الأكثر حداثة في المنطقة، حتى في الوقت الذي تحاول فيه الحصول على طائرات مقاتلة من طراز “سو – 35” من روسيا مقابل طائرات مسيرة وصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى.

والطائرات الإيرانية المسيرة أرخص من نظيراتها الغربية وقد أثبتت فاعليتها في ساحة المعركة، سواء ضد المتمردين المحليين والإقليميين أو ضد الحلفاء في الخليج وحوله.

كما مكنت الطائرات المسيرة إيران من إبراز قوتها وكسب الأرباح، وعرض التكنولوجيا وتعزيز هيبتها، وتقوية التحالفات، والتأثير على الصراعات في الشرق الأوسط وخارجه.

وتحقيقا لهذه الغاية سلمت إيران طائرات مسيرة وتصاميمها ومكوناتها وتدريبها إلى شركائها ووكلائها في العراق ولبنان واليمن، وكذلك إلى حكومات أجنبية مثل إثيوبيا وروسيا والسودان وسوريا وفنزويلا، وهي معاملات سهلها انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر 2020.

وفي مايو الماضي أقام اللواء الإيراني محمد باقري حفل قص الشريط لمصنع إيراني جديد للطائرات المسيرة في طاجيكستان، وهو أول منشأة لإنتاج تلك الطائرات في الخارج.

وفي أكتوبر، بينما واصلت روسيا نشر “شاهد – 136/جيران – 2” ضد البنية التحتية الأوكرانية والمدنيين الأوكرانيين، قال اللواء يحيى صفوي، أحد كبار المساعدين العسكريين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إن 22 دولة تريد شراء طائرات إيرانية مسيرة.

وإلى حدّ الآن امتنعت إيران عن تزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ أطول مدى وأكثر فتكا، مثل الطائرة الانتحارية المسيرة من طراز “أراش – 2” والصواريخ الباليستية قصيرة المدى “فاتح – 110″ و”ذو الفقار”.

امتنعت إيران إلى حدّ الآن عن تزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ أطول مدى وأكثر فتكا، مثل الطائرة الانتحارية المسيرة من طراز “أراش – 2” والصواريخ الباليستية قصيرة المدى “فاتح – 110″ و”ذو الفقار”

ومن خلال القيام بذلك تسعى طهران إلى تجنب التعرض لإعادة فرض العقوبات بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، إلى أن ينتهي سريان بند رئيسي في أكتوبر 2023. وبالتزامن مع ذلك، وفي مدينة بندر عباس الساحلية، تعاقدت البحرية التابعة للحرس الثوري مع مجمع بناء السفن والصناعات البحرية الإيرانية لتحويل سفينة حاويات شهيد مهدوي إلى حاملة طائرات مسيرة.

وبالإضافة إلى زيادة العقوبات ضد إيران، تعتزم واشنطن فرض قيود على الصادرات والضغط على الشركات الخاصة لتعطيل سلسلة التوريد التكنولوجية المرتبطة بصناعة الطائرات المسيرة في طهران. وتم الإعلان عن هذه الخطط بعد ظهور تقارير تفيد بأن “شاهد – 136” يتم تصنيعها بمكونات أميركية وبريطانية. ولا تؤدي هذه المكونات فقط إلى تسريع سير إيران نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، بل تظهر أيضا قدرتها الخارقة على تجاوز العقوبات.

وكما هو الحال مع العقوبات الغربية، من غير المرجح أن يؤدي المزيد من ضوابط التصدير وضغوط الشركات إلى الحد بشكل كبير من وصول إيران إلى هذه المكونات.

وتتبنى القيادة الإيرانية نهجا يشمل الحكومة بأكملها وتستخدم جميع الأدوات المتاحة، من نخب النظام التي تدرس في جامعات الخارج إلى التجسس الإلكتروني، للوصول إلى أحدث التقنيات. وقد تواجه إيران صعوبة في الوصول إلى تكنولوجيا الاتصالات المعقدة أو إنشائها. ومع ذلك لا يزال بإمكانها -بسهولة- شراء شريحة استقبال إشارة إلكترونية من إنتاج شركة “تكساس إنسترومنتس” ومن النوع الذي اكتشفته القوات الأوكرانية داخل طائرة “شاهد – 136” التي تم إسقاطها، لاسيما من سوق التكنولوجيا الكبيرة وغير المنظمة في الصين.

وبالنظر إلى صعوبة -إن لم نقل استحالة- تعطيل برنامج الطائرات المسيرة الإيراني من خلال العقوبات الاقتصادية وضوابط التصدير، من الأفضل للولايات المتحدة أن تتبنى إستراتيجية جديدة. ومن شأن هذه الإستراتيجية أن تسعى إلى استخدام نهج مبتكر وشامل لكسر الحلقة التي لا نهاية لها من فرض العقوبات الأميركية وتجنب العقوبات من جانب إيران.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى