قراءة في بناء المواقف

> التعامل مع المواقف ليس بالأمر الهيّن وبالذات عند اتخاذ القرارات المصيرية، فالعديد من الدول والأنظمة والقادة سبق لهم القيام بتلك الخطوة دون دراسة وكانت على عجل وأدت في بعض الأحيان إلى مصير كارثي تنعكس نتائجه على واقع ومعيشة الناس وأحوالهم من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل الانفراد بالسلطة أو الانقلاب عليها أو خوض حروب عبثية، أو إدخال البلد والناس في أزمات اقتصادية متلاحقة، أو انتهاك صارخ لحقوق المعارضين أو الإعدامات للمحتجين أو السياسيين.. إلخ.

اليوم بعد مخاض طويل وعسير من عمر هذا الحراك الذي خرج به شعب الجنوب ككل دون تمييز أو استثناءات عبر من صدحوا بأصواتهم ضد الهيمنة والتسلط والتعصب، تراكمات قديمة ومساوئ تضخمت لدى العديد من شرائح المجتمع التي تعمدت كثير من القوى القديمة من خلال ممارساتها إذكاءها عبر الكره والانتقام من الغير ضد الغير أو الجزء ضد الكل أو العكس صحيح.

الكل انبرى في موقف معين واتخذ زاوية لنفسه دون أن يبحث أو يفكر أو يستشير، وبنى على أساسه موقفا متسلطا أكثر منه واعيا ليقف موقف العداء الذي يخلق العديد من الحواجز التي تراكمت وارتفع منسوب مياهها ليغطي على كل خطوات استطاعت كسرها والتماثل للشفاء من كل تلك المساوئ.

هناك خلافات سياسية وهناك أبعاد لها يجب ألا نبني عليها عداء شخصيا لأنها تنطلق من مصلحة عامة وصون النظام من الانزلاق نحو الكارثة.

قلة من السياسيين من يستوعب منظومة عمله، وهناك دائما من يدفع فاتورة تلك الخلافات ويصبح رهينة لها على مدى عقود بسبب

سوء الظن أو أنه ليس من فريقي أو أنه ما زال يعارض فكرة ما، وللأسف هذه نجدها كثيرا في عديد المواقف التي يعايشها الكثير منا.

المجلس الانتقالي الجنوبي لم يأت من فراغ، بل تعاضد الشعب معه من كل حدب وصوب وكانت الأصوات تتعالى لإيجاد كيان جامع

للجنوب يضم في جنباته كل أطياف العمل السياسي والحزبي على اختلافاتهم، هناك منهم من حمل معه نتائج تلك التراكمات، والآخر أكثرهم من الشباب من يسعى إلى بناء حاضر جديد ينظر ويعمل للمستقبل متجاوزا كل تلك التراكمات التي مر بها آباؤنا جميعا.

تمت مطالبة المجلس الانتقالي الجنوبي بأن يكون منفتحا على الجميع وشنت حرب ضده وضد هويته قبل كيانه، وتلك المواقف العدائية التي برزت للأسف قامت ببناء مواقفها على خلفيات سياسية محضة دون النظر لحقوق الشعب في الجنوب، ولم تستطع حتى اليوم تجاوزها.

يقولون إن السياسة فن الممكن وإذا ما وجدت أخطاء فهي إلى زوال، هم يبررون مواقفهم ويعجزون عن تقبل مواقف المجلس الانتقالي الجنوبي ولا يعتبرونه معبرا عن قضايا شعب وأرض الجنوب رغم انفتاحه على الجميع، ومن لم يستطع

الحضور إلينا ذهبنا إليه ومازال الباب مفتوحا وسيظل، وليس مؤاربا أمام الجميع من أبناء الجنوب للدخول والمساهمة والمشاركة السياسية الفاعلة دون توجيه، وما أهداف المجلس والمبادئ التي أسّس عليها إلا من خروج هذا الشعب منذ نحو ثلاثة عقود وحرب لا تزال تشن ضده بشراسة من كافة النواحي.

ستظل الاختلافات حاضرة وستظل الخلافات موجودة ما لم نتحرر منها فكرا ووجدانا.

لا أحد يبحث عن خلق عداوات، لكن لنحترم حق الشعب في وجوده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى