صاحب الفخامة وأبوبكر السقاف

> يلتفت الرئيس علي ناصر محمد إلى تفاصيل معطيات الوطن الحياتية، إن في السراء أو الضراء، معزيا تارة أو مهنئا، مقدما النصح وناقدا أو مباركا، فاتحا صدره قبل بيته لزوار أرض الكنانة أو سوريا العربية قبلها لأهل وطنه بشتى مشاربهم، وكأنه يتلمس فيهم بقية من ذكرى أو شيء من توثيق الصلات وتجديدها بمزايا الحميمية التي يراد بها قهر وحشة الغربة -أيا كان ترف العيش- فالنفس البشرية أيا كانت مفطورة على الحنين إلى الموئل المفرد الوطن، زواياه وأركانه، مفرداته وتفاصيله، مسقط الرأس وملاعب الصبا.

وقوفا بها صحبي عليّ مطيهم

يقولون لا تهلك أسى وتجمل

أتذكر حينا من الدهر مضى، استقبالنا لأستاذنا الكبير عمر الجاوي في ليلة (موسكوفية) شتوية باردة، وما أن أوصلناه لبيته والفرحة تشع من عيون زوجته الفاضلة وابنته ليلى وشقيقة زوجته العجوز حتى رن التلفون -ونحن لما نستقر في أماكننا بعد- وحين عاد عمر بعد رده على المتصل قال لي: علي ناصر يسلم عليك، وتفاجأت بأن علي ناصر قد حسب الساعات والدقائق لرحلة الجاوي واتصل ليطمئن على وصوله.

ولم أفوت أن أسأل عمر من جانبي: من أين يعرفني علي ناصر ليسلم علي؟ فرد عمر بطريقته المملحة: يا ابني.. سألني من عندك فأجبته، ثم أنه يعرف عمك أحمد حق المعرفة.

والآن، والساعات ثكلى في وطن يتمزق من الحرب يغادرنا أبوبكر السقاف مفكر وفيلسوف هذه الأمة غير المنازع في الثالث عشر من ديسمبر الفائت على بعد عشرة أيام من ذكرى وفاة عمر الجاوي قبل ربع قرن من الآن.

ويتلقف علي ناصر المناسبة -وإن كانت أليمة- ليحيي في قاهرة (الشعب المصري) كما يحب السقاف أن يقول: حفلا تأبينيا للراحل الكبير تقام وقائعه يومنا هذا.

ولا شك في أن بقية صالحة من آل مصر الذين عرفوا السقاف طالبا في بلدهم منذ منتصف الخمسينيات الماضية، ثم صديقا ورفيقا وزميلا في المحطات التالية من حياته، سوف يشاركون في الحفل التأبيني هذا اختصاصا وتقديرا لمناقب مفكر ريادته عربية قبل أن تكون محلية أو قطرية.

وكانت جهات أخرى في مقدمها المجلس الانتقالي الجنوبي وعلى رأسه الرئيس عيدروس الزبيدي قد بادرت للعمل على إحياء أربعينية للسقاف في قابل الأيام، والتي ستكون على قدر يليق بالراحل الكبير يوزع خلالها كتاب عن مناقبه وبعض من كتاباته القيمة، بينما ضن مجلس القيادة ورئيسه ببعث برقية عزاء في وفاة السقاف وإن من باب حفظ ماء الوجه، ونحن نعذر صاحب الفخامة على تناسي ذلك بل خيرا فعل، فأبو بكر السقاف كان صوت الحق المنافح لظلم الجمهورية العربية اليمنية ومن بعدها الجمهورية اليمنية بقياداتها القبلية - العسكرية، ومن داخل صنعاء نفسها التي كان صاحب الفخامة أحد أقطابها الإدارية والأمنية ولا أريد أن أقول القمعية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى