السودان وإثيوبيا يبحثان عدد من القضايا بين البلدين
> الخرطوم "الأيام" القدس العربي
>
وانعقدت في القصر الرئاسي في الخرطوم جلسة مباحثات مشتركة بين أحمد والقائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان.
وحضر المباحثات من الجانب السوداني وزراء الخارجية والدفاع ومدير المخابرات العامة والقائم بأعمال سفارة السودان في أديس أبابا، مقابل وزراء الدفاع والسلام والداخلية الإثيوبيين، ومستشار الأمن القومي ومدير المخابرات الإثيوبي ووزير مكتب الاتصال الحكومي ونائب وزير الخارجية الإثيوبي والسفير الإثيوبي في الخرطوم.
وحسب إعلام المجلس السيادي السوداني «أطلع البرهان رئيس الوزراء الإثيوبي على تطورات الأوضاع السياسية في البلاد والجهود المبذولة لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة. فيما أكد أحمد أن الغرض من الزيارة إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة الهامة في مسيرته السياسية».
وانخرط رئيس الوزراء الإثيوبي في عدد من الاجتماعات مع الأطراف السياسية في السودان، الداعمة والرافضة للاتفاق الإطاري، والآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد.
وأضاف أن أحمد أكد دعمه ودعم بلاده الكامل للعملية السياسية والاتفاق الإطاري، حتى ينعم السودان بالاستقرار، مؤكداً مواصلة متابعته لسير تنفيذ الإتفاق وصولاً لسلام دائم وشامل.
وزاد: «رئيس الوزراء الإثيوبي أكد لهم أن الحلول ليست في يد الخارج، وإنما عند أهل السودان، لذلك ينبغي عليهم توحيد أنفسهم من أجل تحقيق الوفاق الوطني الشامل» وأبدى استعداد بلاده للمساعدة «في تقديم كل ما من شأنه تحقيق وفاق وطني سوداني سوداني».
وتأتي زيارة أحمد للخرطوم، بعد خلافات عديدة تسببت في توتر العلاقات بين البلدين، حيث شهدت منطقة الفشقة السودانية، التي ينتشر في مناطق منها مزارعون ومجموعات مسلحة إثيوبية، معارك بين الجانبين، تصاعدت وتيرتها، بالتزامن مع انقلاب البرهان على الحكومة الانتقالية في السودان في 25 أغسطس 2021.
ورغم أنّ مصر والسودان حضّتا مراراً إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزّان السدّ إلى حين التوصّل لاتّفاق شامل، أعلنت أديس أبابا العام الماضي إنجاز المرحلة الثالثة من ملء خزّان السدّ الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول- قمز الإثيوبية على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 متراً.
وبالنسبة إلى مصر، فإن السد يشكل تهديدا وجوديا، إذ تعتمد على النيل في حوالى 97 من مصادرها المائية. ويأمل السودان في أن يسهم المشروع في ضبط الفيضانات السنوية، لكن يخشى أن تلحق أضرار بسدوده في غياب اتفاق حول تشغيل سد النهضة.
وعلى الرغم من اللقاء الذي تم لاحقا، بين البرهان وأبي أحمد، في مدينة بحر دار الإثيوبية، على هامش منتدى «تانا حول قضايا الأمن والسلم الأفريقي» في أكتوبر من العام الماضي، إلا أن العلاقة بين البلدين ظلت تقف في المحطة ذاتها.
لكن الأهم، أن زيارة أحمد وتحركاته لدفع الاتفاق الإطاري، جاءت بالتزامن مع مبادرة أطلقتها الحكومة المصرية للحوار بين الأطراف السودانية، والتي من المقرر أن تنعقد اجتماعاتها في الفترة من 1 وحتى 8 فبراير المقبل، وسط رفضها من «الحرية والتغيير» أبرز الفاعلين السياسيين في السودان.
ويعد السودان محطة تنافس إقليمي بين مصر وإثيوبيا، حسب المحلل السياسي أمين مجذوب، الذي تحدث لـ«القدس العربي» مشيرا إلى أن القاهرة «مهتمة بوجود حلفاء لها في الحكومة السودانية المقبلة، وتقارب في مواقف البلدين فيما يتعلق بسد النهضة».
ورجح أن تكون الحكومة في أديس أبابا «تسعى لإغلاق ملف اللاجئين الإثيوبيين في السودان وتيسير عودتهم إلى بلادهم، حتى لا يتم استخدامهم كورقة من القوى المناوئة لها من الداخل بعد توقيع اتفاق السلام بين الأطراف الإثيوبية».
ورأت أن ملف سد النهضة «محسوم في كل الأحوال من الجانب الإثيوبي، أيا كانت تحركات الأطراف الأخرى».
رغم التباعد الذي شهدته العلاقة بين البلدين خلال العامين الماضيين، زار رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخرطوم، أمس الخميس. الزيارة هي الأولى من نوعها، منذ أغسطس 2020، وقد أكد الزعيم الإثيوبي خلالها، دعمه للعملية السياسية الجارية في السودان، وذلك بالتزامن مع مبادرة مصرية تدفع نحو حوار سوداني- سوداني جديد ينتظر أن تنطلق اجتماعاتها في فبراير المقبل.
وحضر المباحثات من الجانب السوداني وزراء الخارجية والدفاع ومدير المخابرات العامة والقائم بأعمال سفارة السودان في أديس أبابا، مقابل وزراء الدفاع والسلام والداخلية الإثيوبيين، ومستشار الأمن القومي ومدير المخابرات الإثيوبي ووزير مكتب الاتصال الحكومي ونائب وزير الخارجية الإثيوبي والسفير الإثيوبي في الخرطوم.
- التعاون والتنسيق
وحسب إعلام المجلس السيادي السوداني «أطلع البرهان رئيس الوزراء الإثيوبي على تطورات الأوضاع السياسية في البلاد والجهود المبذولة لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة. فيما أكد أحمد أن الغرض من الزيارة إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة الهامة في مسيرته السياسية».
- لا ضرر على السودان
وحول قضية الحدود قال إنها» قديمة، ويجب الرجوع إلى الوثائق لحلها».
وحول لقاءاته مع الأحزاب السياسية، أكد عدم تقديم مقترحات جديدة» مبديا ثقته «في قدرة السودانيين على تجاوز قضاياهم السياسية».
والتقى أحمد كذلك قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) والذي قدم له شرحا حول التطورات السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد، والجهود المبذولة على ضوء الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر الماضي، معلناً التزامهم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لتحقيق الاستقرار في البلاد، مشدداً على «ضرورة تعاون الأطراف على تنفيذ الاتفاق لتجاوز الازمة السياسية واستكمال الفترة الانتقالية».
وأوضح رئيس الآلية، فولكر بيرتس، في تصريح صحافي، أنهم أطلعوا رئيس الوزراء الإثيوبي، على موقف الآلية الثلاثية المسّهل للحوار والمحادثات الجارية لدعم العملية السياسية في السودان.
- دون تدخلات خارجية
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي دعا إلى الإسراع في إكمال العملية السياسية لإخراج السودان من الأزمة، مرحبا بالزيارة المرتقبة لوفد «الحرية والتغيير» لدولة إثيوبيا.
أما جبريل إبراهيم الأمين العام للكتلة الديمقراطية، والتي ترفض الانضمام للاتفاق الإطاري، وتؤيد المبادرة المصرية، فقد أشار إلى أنهم خلال لقائهم بأحمد قدموا شرحا مفصلا حول موقفهم من الإتفاق الإطاري ورؤيتهم بأنه لا يمكن أن يحقق وفاقا وطنيا، وان أي حكومة يتم تشكيلها بموجبه «لن تصمد طويلا ولا مستقبل لها».
وأشار ممثل مجموعة القوى الوطنية، محمد حمد سعيد، التي تتخذ ذات موقف الكتلة الديمقراطية، أن أحمد أكد لهم بأن زيارته للسودان ولقاءاته «ليست بهدف أن تكون بلاده وسيطا في الأزمة لأنه على قناعة بأن الحل بيد السودانيين» مبديا استعداده للجلوس مع الجميع لتحقيق الوفاق الوطني الشامل في البلاد.
- سد النهضة
ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء سدّ النهضة وتشغيله، إلا أنّ جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن اتفاقاً.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول- قمز الإثيوبية على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 متراً.
ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا معاً نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصبّ في البحر المتوسط.
وتصر أديس أبابا على أن السد لن يؤثر على حصص مصر والسودان من مياه النيل، وتطمح في أن يحقق المشروع تنمية اقتصادية وأن يصبح السد أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة إنتاج تبلغ 6500 ميغاواط.
وبينما اتهم مسؤولون إثيوبيون الحكومة السودانية بالانحياز إلى الجانب المصري في قضية سد النهضة، أكدت الخرطوم أنها تتبنى المواقف التي تخدم مصالحها وتحمي أمنها القومي، الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات بين البلدين.
وفي أعقاب سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، دفعت أديس أبابا بمبادرة مشتركة مع الاتحاد الأفريقي، أدت إلى توقيع الأطراف المدنية والعسكرية في أغسطس 2019، وثيقة دستورية، تشارك من خلالها الجانبان السلطة لأكثر من عامين، أطاح بها انقلاب عسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول2021.
ويعد السودان محطة تنافس إقليمي بين مصر وإثيوبيا، حسب المحلل السياسي أمين مجذوب، الذي تحدث لـ«القدس العربي» مشيرا إلى أن القاهرة «مهتمة بوجود حلفاء لها في الحكومة السودانية المقبلة، وتقارب في مواقف البلدين فيما يتعلق بسد النهضة».
- موطئ قدم
في المقابل تسرع إثيوبيا الخطى بعد أن جاءت مصر عبر مبادرتها لإدخال بعض المؤيدين لها في العملية السياسية، وفق مجذوب، الذي بين أن أثيوبيا «تريد أيضا موطئ قدم في هذه التسوية، وأن تضمن كذلك موقفا سودانيا مقاربا لموقفها فيما يتعلق بسد النهضة، كما أنها تريد معاندة الموقف المصري».
ولفت إلى أن هناك ملفات أخرى قد يكون الجانبان المصري والإثيوبي يسعيان نحوها» مشيرا إلى أن القاهرة «تريد ضمان انسياب المواد الخام الحيوانية والزراعية، وأيضا الجانب الإثيوبي يعتمد على السودان كثيرا في توفير الغذاء والمواد البترولية، ولديه ملف منطقة الفشقة الواقعة في الحدود الشرقية السودانية وتمثل عمقا أمنيا للجبهة الداخلية لأديس أبابا».
- إذابة الجليد
ورأت أن ملف سد النهضة «محسوم في كل الأحوال من الجانب الإثيوبي، أيا كانت تحركات الأطراف الأخرى».