يا رسولي.. توجه بالسلامة
> يا رسولي توجه بالسلامة.. أغنية الفنان أبوبكر سالم بلفقيه الأثيرة، لها قصة أظنها تستحق أن تروى، فقد كنت من بين شهودها.
حين رجع أبوبكر إلى عدن بعد غيبة امتدت قرابة 20 سنة وأقام حفلا فنيا قدم فيه أغنيتين بالمسرح الوطني هما يا رسولي، وعادك إلا صغير، وقد رأيتم هنا في تسجيل أغنية يا رسولي كيف تحول الجمهور كله من فرط اشتياقه لأبي بكر بعد طول غيابه إلى كورس يردد معه الأغنية التي حفظها عن ظهر قلب، لكن كيف ترك أبوبكر عدن التي يحبها كثيراً وسافر؟
بعد الاستقلال مباشرة كان جلاوزة الجبهة القومية من الثوار السابقين يتقافزون في كل شوارع عدن وأزقتها بعد أن فرغوا من دحر جماعات جبهة التحرير وغيرهم، ويحضرون لاحتفالات متواصلة بنصرهم العظيم، وأخذوا كل من طالت أيديهم من الفنانين ليغنوا تمجيداً لنصر جبهتهم العظيم.
قال بلفقيه لهم: "أنا ليس من عاداتي الغناء لأشخاص أو جهات، ولا أدخل السياسة فيما أقدمه للناس من فن"، وبطبيعة الحال لم يعجبهم رده وطلبوا منه إعداد أغنية لهذه المناسبة الاحتفالية على أن يرجعوا إليه بعد يومين بالضبط لأخذه إلى محطة التلفزيون، لكن بلفقيه -كما علمت بعد ذلك- دبر سراً سفراً إلى خارج عدن بعيداً عن أعين الرقباء، ناوياً أن لا يرجع إلا بعد تحسن الأحوال، لكن الوقت طال وطالت غربته قبل تحسن الأحوال، وهذا ربما ساعد فنه العظيم على الانتشار إلى كل مكان.
ومع مرور الأيام يزداد حنينه لعدن، ويسأل إن كانت الظروف مناسبة لرجوعه ليعود، وكان جواب من يسألهم من الحساد وكلهم من الفنانين مثله (وأعرفهم ولا أريد فضح أسمائهم بعد كل هذه السنين) كان جوابهم واحداً لا يتغير في كل مرة: احذر من المجيء إلى عدن وإلا قبضت عليك الشرطة من المطار، لأنك تعد هارباً من أرض الوطن.
وتأخرت عودة أبي بكر كثيراً، وقبل مغادرته لعدن -أو فلنقل هربه مجاراة لحساده- كنت قد لقيته بصحبة زميلي حسين السيد محمد في بيته (وهو بيت عمه عرفان الذي كان يسكن فيه مع زوجته وأولاده) أمام السينما الأهلية بكريتر، وأجريت معه حواراً صحفياً امتد صفحة كاملة في صحيفة "الأيام" في صدورها الأول، وفي الصفحة الأخيرة تكرم عميد "الأيام" العظيم الأستاذ محمد علي باشراحيل بإفساحها لي (ويمكن لمن أراد الرجوع إلى أرشيف "الأيام") قال أبو بكر كل شيء، وربما لم يعجب بعضهم ما قاله.
عندما أزف موعد زواج ابنتيه في عدن كان أبوبكر يريد القدوم لحضور الزواج بأي ثمن، وقتها كنا قد أقمنا اتحاداً للفنانين اليمنيين الديمقراطيين، ووقتها كان الرئيس علي ناصر محمد في قمة السلطة، وكانت رعايته للفن وأهله شاملة، وكانت علاقتنا به حميمة، فطرحنا مسألة رجوع بلفقيه لحضور زواج ابنتيه في لقاء بين رئيس اتحادنا عيديد طه عيديد وأمينه العام عبدالكريم توفيق، فرحب علي ناصر واستحسن الأمر وعرض استضافة أبي بكر على حساب الرئاسة، وحجزنا له جناحاً في أكبر فنادقنا (جولد مور) حيث إن فندق عدن، وهو الأكبر، لم يكن قد تم تجهيزه بعد، وجاء أبوبكر سالم بلفقيه إلى عدن بعد طول غياب، وغنى كما لم يغني من قبل، وسمعنا منه يا رسولي كما لم نسمعها من قبل، وسجل تاريخ فننا مآثره للأجيال دخلت من أفضل صفحات الزمن الجميل.
حين رجع أبوبكر إلى عدن بعد غيبة امتدت قرابة 20 سنة وأقام حفلا فنيا قدم فيه أغنيتين بالمسرح الوطني هما يا رسولي، وعادك إلا صغير، وقد رأيتم هنا في تسجيل أغنية يا رسولي كيف تحول الجمهور كله من فرط اشتياقه لأبي بكر بعد طول غيابه إلى كورس يردد معه الأغنية التي حفظها عن ظهر قلب، لكن كيف ترك أبوبكر عدن التي يحبها كثيراً وسافر؟
بعد الاستقلال مباشرة كان جلاوزة الجبهة القومية من الثوار السابقين يتقافزون في كل شوارع عدن وأزقتها بعد أن فرغوا من دحر جماعات جبهة التحرير وغيرهم، ويحضرون لاحتفالات متواصلة بنصرهم العظيم، وأخذوا كل من طالت أيديهم من الفنانين ليغنوا تمجيداً لنصر جبهتهم العظيم.
قال بلفقيه لهم: "أنا ليس من عاداتي الغناء لأشخاص أو جهات، ولا أدخل السياسة فيما أقدمه للناس من فن"، وبطبيعة الحال لم يعجبهم رده وطلبوا منه إعداد أغنية لهذه المناسبة الاحتفالية على أن يرجعوا إليه بعد يومين بالضبط لأخذه إلى محطة التلفزيون، لكن بلفقيه -كما علمت بعد ذلك- دبر سراً سفراً إلى خارج عدن بعيداً عن أعين الرقباء، ناوياً أن لا يرجع إلا بعد تحسن الأحوال، لكن الوقت طال وطالت غربته قبل تحسن الأحوال، وهذا ربما ساعد فنه العظيم على الانتشار إلى كل مكان.
ومع مرور الأيام يزداد حنينه لعدن، ويسأل إن كانت الظروف مناسبة لرجوعه ليعود، وكان جواب من يسألهم من الحساد وكلهم من الفنانين مثله (وأعرفهم ولا أريد فضح أسمائهم بعد كل هذه السنين) كان جوابهم واحداً لا يتغير في كل مرة: احذر من المجيء إلى عدن وإلا قبضت عليك الشرطة من المطار، لأنك تعد هارباً من أرض الوطن.
وتأخرت عودة أبي بكر كثيراً، وقبل مغادرته لعدن -أو فلنقل هربه مجاراة لحساده- كنت قد لقيته بصحبة زميلي حسين السيد محمد في بيته (وهو بيت عمه عرفان الذي كان يسكن فيه مع زوجته وأولاده) أمام السينما الأهلية بكريتر، وأجريت معه حواراً صحفياً امتد صفحة كاملة في صحيفة "الأيام" في صدورها الأول، وفي الصفحة الأخيرة تكرم عميد "الأيام" العظيم الأستاذ محمد علي باشراحيل بإفساحها لي (ويمكن لمن أراد الرجوع إلى أرشيف "الأيام") قال أبو بكر كل شيء، وربما لم يعجب بعضهم ما قاله.
عندما أزف موعد زواج ابنتيه في عدن كان أبوبكر يريد القدوم لحضور الزواج بأي ثمن، وقتها كنا قد أقمنا اتحاداً للفنانين اليمنيين الديمقراطيين، ووقتها كان الرئيس علي ناصر محمد في قمة السلطة، وكانت رعايته للفن وأهله شاملة، وكانت علاقتنا به حميمة، فطرحنا مسألة رجوع بلفقيه لحضور زواج ابنتيه في لقاء بين رئيس اتحادنا عيديد طه عيديد وأمينه العام عبدالكريم توفيق، فرحب علي ناصر واستحسن الأمر وعرض استضافة أبي بكر على حساب الرئاسة، وحجزنا له جناحاً في أكبر فنادقنا (جولد مور) حيث إن فندق عدن، وهو الأكبر، لم يكن قد تم تجهيزه بعد، وجاء أبوبكر سالم بلفقيه إلى عدن بعد طول غياب، وغنى كما لم يغني من قبل، وسمعنا منه يا رسولي كما لم نسمعها من قبل، وسجل تاريخ فننا مآثره للأجيال دخلت من أفضل صفحات الزمن الجميل.