مشهد يتكرر يومياً لطفح المجاري وسط شوارع العاصمة عدن

> أحمد زكي

> لا تزال العاصمة عدن، تعيش وضعاً مأساوياً يهدد بكارثة بيئية جرَّاء استمرار طفح المجاري في معظم شوارعها وحاراتها، التي أصبحت، بحسب كثيرين، مهدّدة بإغلاق بعض المنازل والشوارع نتيجة توسعها يوماً بعد آخر.

ويتكرر يومياً مشهد طفح المجاري وسط شوارع العاصمة عدن، ويتسبب تسرب المياه إلى قنوات الصرف الصحي في فيضانها وانتشارها على مساحات واسعة من الأحياء السكنية والأسواق.

وواجهت شبكة المياه والصرف الصحي في شوارع العاصمة عدن انهياراً وشللاً تاماً طوال أكثر من خمس سنوات، وشكا سكان مديرية الشيخ عثمان "حي الممدارة » بالعاصمة عدن من تفاقم مشكلة طفح المجاري أخيراً، بسبب ما قالوا إنه الإهمال من السلطات المحلية.

وأفاد السكان بأن طفح المجاري أصبحت مشكلة رئيسية يعانون منها وسط تجاهل المجلس المحلي المسؤول الأول في المديرية .


وتتعاظم كارثة طفح المجاري أحياناً وصولاً إلى الأسواق الشعبية لبيع الخضراوات والفواكه واللحوم، كما هو الحال في سوق الشيخ عثمان، الذي استقبل في الأمس القريب نهراً من المجاري.

وتعجز السلطات المحلية عن إيجاد حلول للأزمة، بحسب السكان والباعة المتجولين في سوق الخضراوات المركزي، إذ تقتصر معالجاتها على "الترقيع" عبر إصلاحات للمجاري تنفذ بأي طريقة متاحة، قبل أن تنفجر في اليوم التالي.

ويقول محمد هزاع الذي يبيع فواكه لصحيفة "الأيام" أنهار المجاري دائمة، ما يجعلنا نتكبد خسائر فادحة، إذ يرفض بعض الزبائن دخول السوق والشراء خشية الإصابة بأمراض ناتجة من انتشار الأوساخ، لكن بعضهم يضطرون إلى فعل ذلك بسبب عدم قدرتهم على قصد أسواق مماثلة بعيدة للشراء".

ويشير إلى أن الباعة وتجار المواد الغذائية المتضررين فقدوا الأمل بإمكانية معالجة السلطات المحلية.

ومع تكرار المشهد، تحوّلت المشكلة إلى مادة للسخرية، حيث يسمي البعض سوق الخضراوات الشيخ عثمان الحيوي بـ"شارع النافورة"، نظراً إلى شدة طفح المجاري من شبكات الصرف الصحي المهترئة في شكل يشبه نوافير المياه.

وبخلاف الرائحة المزعجة التي تجبر المحلات على الإغلاق أو تعطير الأجواء باستخدام روائح منعشة، تتسبب أزمة طفح المجاري في سوق الخضار في تلطيخ ملابس المارة بالمياه الملوثة.

وتحدثت ربة منزل وهي الأخت صفيه الهاجر عن معاناتها وعائلتها الشديدة كسكان جراء طفح مياه الصرف الصحي ومدى التدهور الكارثي للوضع البيئي والصحي الذي يعيشون فيه، الأمر الذي يجعلهم وأسرهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفتاكة.

وقال محمد عادل الذي يقطن في حي الممدارة قرب تقاطع الممدارة ، لـ«لصحيفة الأيام » إنهم طالما طالبوا المجلس المحلي بوضع حلول ومعالجات لكارثة الصرف الصحي في تقاطع الممدارة، لكن مطالباتهم «لا تلقى آذانا صاغية لحل جذري، ولكن تم إقفال الطريق لأكثر من شهرين لحل المشكلة، ولكن دون جدوى وبعد اتمام المشروع لم تمر فتره وجيزة إلا وعادت المشكلة كما كانت».

عبدالرحمن صالح يسكن في حي الممدارة ، ويعمل على سد أنفه أثناء خروجه من منزله كل صباح نتيجة تسرب المجاري في حيِّه، وهو، في الوقت ذاته حال كل المارة يومياً من هذا الحي الذين يستخدمون السلوك نفسه، ويعقدون جباههم ويتمتمون بكلمات غاضبة، وعلى وجوههم تظهر علامات «القرف» من الروائح الكريهة التي تخنقهم باستمرار.

ويصف الحاج عبدالرحمن صالح ، المشهد، بقوله إن «روائح كريهة ومقززة تنبعث بشكل متواصل في هذا الحي نتيجة طفح المجاري وتكاثر للبعوض والذباب دون أي تحرك من قبل الجهات المعنية، ويضيف: «منذ سنوات لم أرَ هذا الحي خالياً من مياه المجاري، وهذا يعكس مدى إهمال المسؤولين ومدى صبرنا كمواطنين على تقاعسهم».

ويتابع عبدالرحمن حديثه وهو حبيس الأنفاس: «للأسف أصبحنا كسكان في عدن مستسلمين لهذا للواقع السيئ الذي نعيشه، حيث تنفجر مجاري مياه الصرف الصحي في أي حي وتستمر أياماً بل وشهوراً وأعواماً على الحالة ذاتها، دون أن نصرخ على أقل تقدير في وجه سلطات المحلية لتقوم بواجبها».

ويؤكد مسؤولون بمؤسسة المياه والصرف الصحي، على حرصهم الدؤوب لإصلاح كافة مشاكل الصرف الصحي ولكن بعد الحرب أصبحت مؤسسة المياه والصرف الصحي خاوية على عروشها كما أفاد، وقال إنهم بصدد تطوير البنية التحتية للصرف الصحي في العاصمة عدن.

وأضاف أيضاً تعتبر شبكات الصرف الصحي من أساسيات البُنى التحتية اللازمة لتأمين ظروف معيشية ملائمة للسكان، إلا أن الحكومة لم تُجرِ أيّ إصلاحات في هذه الشبكة منذ 4 أعوام.

وتعاني عدن من طفح المجاري وتكدس القمامة في معظم شوارعها وأحيائها، الأمر الذي ساعد في انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة، كالإسهالات والكوليرا والدفتيريا والتيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي كان للعاصمة عدن - بحسب منظمة الصحة العالمية- النصيب الأكبر منها بنسبة 34.6 في المائة من الحالات المَرَضية على مستوى المناطق اليمنية.

وأفاد الطبيب أنور وجدي ، الذي صرح لصحيفة "الأيام »، بأن مياه الصرف الصحي تتسبب بـ 15 مرضاً خطراً ومميتاً، نتيجة احتوائها على أنواع متعددة من الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات، والمواد السامة ، التي تزيد خطورتها، بحسبه، عند اختلاطها بالمياه الخارجة من المستشفيات بمحتواها من الدماء والمواد الكيماوية والعضوية الضارة. وأشار إلى أن المياه العادمة تسبب أمراضاً وأوبئة كثيرة كالكوليرا والملاريا والالتهابات، وأنواعاً أخرى من الطفح الجلدي، كما أن روائحها الكريهة تحمل سميةً وتلوثاً غير مرئيين. وقال إن المياه الملوثة تُعد العامل الأكبر لانتقال الكوليرا، بنسبة تصل إلى 90 في المائة.

واعتبر الطبيب أنور أن جميع طرق الوقاية والسلامة التي تقدمها عدد من المنظمات الدولية اليوم بعدن تبوء بالفشل، نتيجة عدم معالجة المشكلة الأم، وهي طفح مياه المجاري في عدن.

خاص لـ "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى