أوروبا في عدن

> حضر السفراء الى مدينة المرسى، "هنا عدن" نقطة الإبحار الى الآفاق، سوف تصير المدينة ملاذاً يُستجار بهِ عند الملمات، فقد حكى عنها الزمن أنها قِبْلَة الحيارى.

لم تكن صنعاء قد رشُدَت، حين كانت مدينة الميناء الأشهر ملتقى لسُفن الشرق والغرب، منذ عقود ما بعد الوحدة وفوضى الشمال لم تتوقف كأنها تهيئ لسقوط الجمهورية.

وجاء الانقلاب وسقطت صنعاء التي يحبُّ سفراء أوروبا طقسها البارد، لكن هذه المرّة تذكّر رجال الديبلوماسية أن عدن كانت موطناً لأشخاص من لونهم وجنسهم، وأن أوروبا عرفت المدينة منذ قرون، ولولا أنها مدينة طقسها حار لرَكَزَ أهل تلك البلاد من الساسة والسيّاح والسفراء الخيام في شواطئها المِلاح وعرصاتها الفِساح.

كان راديو صنعاء قبل 37 سنة يرصد بدقة أخبار 13 يناير، ونصّب النظام نفسه هناك وسيطاً مخلصاً بين الأطراف المتنازعة في الجنوب.

وبقيت حكومة صنعاء ترقُب تداعيات الأحداث لاستغلالها في وقت لاحق، وكأن الجنوب قد غرق في بحر لا شاطئ له، وعاجلوا بوحدة اندماجية بموافقة جنوبية.

أما حرب 13يناير فلم يُصَب خلالها الناس بمجاعة ولا أمراض ولا نزوح ولا أزمة إنسانية ولم تدُم طويلاً، لكن حرب الحوثي والشرعية اليمنية دخلت السنة التاسعة ودمّرت الحرث والنسل وخلقت أكبر أزمة إنسانية في العالم، ولم يستغلها أحد في الجنوب بل فتحت عدن ذراعيها للهاربين من جحيم الحرب حكام وساسة ومواطنين، هي المدينة التي أُستجير بها فأجارت، ودفعت ثمناً باهضاً من أمنها واقتصادها ومعيشة سكانها.

حتى تاريخ 22 مايو لو لم تكن المدينة عدن لما وُجٍدَ ولا حَضَر.

اليوم تشهد أوروبا أن مدينة المرسى، هو المكان المناسب الذي سيرشَح عنه مخرجاً للأزمة اليمنية وترسو عليه توافقات المتنازعين من أجل السلام.

وأن عدن سُميت "العربية السعيدة" في المبتدأ منذ آماد بعيدة، ثم انسحب الاسم على اليمن كله فقد شهد شعبها أيام السعود والهناء نظاماً وقانوناً واقتصاداً وسوقاً ومعيشة.

قال أبو تمّام في أيام السعود وأيام النحس:

مرَّت سنونُ بالسعودِ وبالهنا

فكأنّها مِنْ قِصْرها أيَّامُ

ثمَّ انْثنتْ أيامُ هجرٍ بعدَها

فكأنها من طولِهَا أعوامُ

ثمّ انقضت تلك السنونُ وأهلُها

فكأنّـــها وكأنّهُــــمْ أحـــلامُ

جاء السفراء من السويد والبرتغال وفرنسا والنرويج والمانيا واختاروا مكاناً في المدينة اسمه "جولة الفُل" يقفون عندهُ ليستنشقوا عطر المدينة، وفي ضميرهم بوح الزائر وعَجَلَة اللهفان، وكأني بسفير الاتحاد الأوروبي يهتف فيهم "هُنا عدن".. فيردُّون: "أوروبا في عدن".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى