الرؤية الاقتصادية في مجال التعدين

> علينا أن نسعي جميعا على جذب رؤوس الاموال الداخلية والخارجية للاستثمار وتنمية قطاع التعدين، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على هيئة الاستثمار وهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية والتجارة والصناعة، ولكن من المستحيل أن يكون هناك استثمار حقيقي والبلد بهذا الوضع المزري من ناحية توفير الخدمات وفقدان الأمن وانتشار الفساد على كافة المستويات، يجب في المرحلة الأولى محاسبة كافة الفاسدين الذين يعوقون الاستثمار واستبدالهم بأشخاص أكفاء ومخلصين، ويجب أيضاً توفير الخدمات والبنى التحتية من طاقة كهربائية وطرق وغيرها، كما يجب أن تنشأ المناطق الصناعية خارج المدن ويُوفر لها الأمن بشكل كامل، وهذا يمكن أن يتحقق بكل سهولة فتخصص قطع من الأراضي حتى في الصحراء وتمد لها الطرق وخطوط الكهرباء والماء والصرف الصحي وهذه العملية لا تستغرق اكثر من ستة أشهر، ويجب على الدولة أن توفر القروض الميسرة بفائدة لا تتجاوز الـ 3 ٪ للمشاريع الإنتاجية، كما أنه من المهم فرض ضرائب عالية على استيراد المنتجات المماثلة للتي تصنع في اليمن أو يتم استخراجها مثل الجرانيت الرخام.

إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وذلك بإعادة تأهيلها من قبل كادر يمني ما كان ذلك ممكناً، أو حتى جلب شركات عالمية لتأهيلها وإدارتها لفترة زمنية محددة وتدريب كادر يمني لإدارتها وتشغيلها، وإشراك القطاع الخاص وتحوليها إلى قطاع مختلط، وطرح أسهمها للمواطنين، ومنح مقدار من الأسهم بمبالغ رمزية لكافة العاملين فيها من كادر هندسي وإداري وعمال، أما المشاريع الصناعية الاستراتيجية الكبرى فيمكن لليمن أن يستدين بقروض ميسرة لمشاريع استراتيجية منتجة بحيث أن هذه المشاريع تكون قادرة على إرجاع الديون بفوائدها وتحقيق فائض كبير للبلد وتشغيل ملايين الأيادي العاملة، وفي هذا المجال يمكن أيضاً المشاركة مع القطاع الخاص وجعل العاملين شركاء في هذه المصانع مثل مصانع الإسمنت ومصانع أحجار البناء والزينة ، وكذلك مشاريع الصناعات البتروكيماوية من النفط وصناعة الألمنيوم من أملاح البوكسايت المتوفرة بكميات كبيرة في مناطق مختلفة من البلاد وتعدين النحاس والرصاص والحديد الموجودة بكميات كبيرة في البيضاء وأبين والمناطق الجنوبية الشرقية من محافظة تعز، فضلا عن استخراج الفلسبار الذي يستخدم لصناعة السيراميك والأصباغ، واستخراج كبريتات الصوديوم الذي تستخدم في صناعة الورق والمنظفات والأقمشة، واستخراج الكبريت والفوسفات للصناعات الكيمياوية والأسمدة، فضلاً عن صناعات الصلب وصناعات السيارات والالكترونيات وصناعات الأسلحة والعتاد وغيرها وذلك للاستهلاك الداخلي فضلا عن التصدير، وذكر هذه الصناعات على سبيل المثال لا الحصر، يمكن البدء بإنشاء الآلاف من المصانع في آن واحد حيث يمكن بكل سهولة الحصول على قروض عالمية لمشاريع إنتاجية، فالكادر الهندسي والكادر الإنتاجي والكادر الاقتصادي من الشباب متوفر وبفائض كبير وسوق الاستهلاك الداخلي متوفر بشكل كبير أيضاً فضلاً عن الأسواق الخارجية، والمصارف العالمية مستعدة لتقديم أي مقدار من القروض المطلوبة إذا كانت هناك دراسة جدوى واضحة تبين أن الوارد يمكن أن يسدد القرض وفائدة القرض ويحقق ربحا إضافياً للبلد.

في هذه الحالة أستطيع أن أقول وبكل ثقة أن نزول أسعار النفط في المستقبل سيكون نعمة على اليمن وليس نقمة حيث يمكن للبلد أن يتحول نظامه الاقتصادي الريعي إلى نظام اقتصادي منتج، يعتمد على إنتاجية الفرد كما هو حاصل في أغلب دول العالم الآن، التي لا تمتلك موارد نفطية، أما إذا بقي الوضع كما هو عليه الآن من دون وجود سياسة اقتصادية واضحة ومن دون وجود سعي جدي لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية فإن البلد مقدم على مستقبل خطير ومجهول، حيث سيأتي اليوم الذي لا تكفي فيه الموارد النفطية تغطية ربع معاشات الموظفين والعاملين في الدولة بمختلف قطاعاتها وكذلك انهيار قيمة العملة المحلية، فضلاً زيادة نسبة العاطلين عن العمل وبالذات من فئة الشباب من الخريجين وغير الخريجين، ولكن ذلك لن يكون إن شاء الله بهمة المخلصين لبلدهم والنزيهين والأكفاء من المواطنين الشرفاء.

*رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى