تجاوز خطرها الشرق الأوسط.. تحذير سعودي متواصل من مسيرات إيران

> سلمى حداد

> ​تطورت تكنولوجيا الطائرات المسيرة الإيرانية بسرعة خلال السنوات الماضية، ليتزايد خطرها على منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربي بشكل خاص، وذلك في ظل توترات تزدحم بالمنطقة والعالم.

وتستخدم جماعة الحوثي اليمنية المسلحة هذه الطائرات التي تزودها بها إيران، لمهاجمة القوات الحكومية في البلاد، وتهديد أمن دول المنطقة، خاصةً المملكة العربية السعودية والإمارات.

واستهدفت الجماعة اليمنية بالفعل، خلال السنوات الماضية، عدة مواقع حساسة داخل المملكة والإمارات بهذه المسيرات، خاصةً الانتحارية منها، لكن خطرها لم يتوقف عند هذا الحد إذ حضرت في الحرب الروسية الأوكرانية.

  • تحذير سعودي جديد

في 18 فبراير 2023 قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن بلاده حذَّرت من مسيّرات إيران، التي قال إنها "تضرب حالياً في أوكرانيا".

وفي جلسة حوارية خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، أشار إلى أن علاقة بلاده مع روسيا "جيدة، وهذا مفيد للجميع؛ لإبقاء أبواب الحوار مفتوحة".

وهذا التحذير السعودي الثاني من نوعه بشأن مسيرات إيران إذ قال الوزير السعودي في تصريحات صحفية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في 24 سبتمبر 2022: إن "تكنولوجيا المسيرات الإيرانية تشكل خطراً متزايداً على منطقة الشرق الأوسط".

وشدد "بن فرحان" على أهمية التعاون بين دول المنطقة للتصدي لخطر الطائرات المسيّرة المصنّعة بإيران، مشيراً إلى أنه "يجب التطرق إلى الموضوع عبر مقاربتين؛ مقاربة قصيرة المدى تعتمد على بناء مقدرة لمواجهة الأخطار الموجودة".

ووفق الوزير السعودي، فإن المقاربة طويلة المدى، تستوجب "العمل معاً لفهم التهديدات وبناء أطر لخطة عمل تساعدنا على بناء تقنيات في المستقبل لنستطيع مواجهة هذا الخطر وحماية أنفسنا وشركائنا منه".

وأشار إلى أن إيران تزود الحوثيين بالمسيرات باستمرار، مشيراً إلى أن السعودية تمكنت من صد نحو 94% من الهجمات بالطائرات المسيرة ضدها.

ليست السعودية فقط، فالطائرات المسيرة الإيرانية استخدمها الحوثيون لشن سلسلة هجمات نادرة ضد العاصمة الإماراتية أبوظبي ومدينة دبي، في بداية 2022، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

  • في سماء أوكرانيا

كما انتقل خطر المسيرات الإيرانية إلى الحرب المندلعة على شواطئ البحر الأسود، بعد أن استخدمتها روسيا في هجماتها ضد أوكرانيا.

وأعلنت أوكرانيا في 23 سبتمبر 2022، أنها قررت خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب تزويد طهران القوات الروسية بطائرات مسيرة، في خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها "تعاون مع الشر".

كما جاء في بيان على موقع وزارة الخارجية الأوكرانية أن "تزويد روسيا بالأسلحة لشن حرب ضد أوكرانيا عمل عدائي يوجه ضربة خطيرة للعلاقات بين أوكرانيا وإيران".

وأضاف البيان أنه "رداً على هذا العمل العدائي، قرر الجانب الأوكراني سحب اعتماد سفير إيران وكذلك تقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين بالسفارة الإيرانية في كييف بشكل كبير".

ويقول خبراء عسكريون إن الطائرات المسيرة الإيرانية ستكون مفيدة لروسيا في كل من الاستطلاع والهجوم بعد تحديد الأهداف المناسبة والتعامل معها.

وكان الجيش الأوكراني قد أعلن في 13 سبتمبر 2022، أنه واجه للمرة الأولى طائرة مسيرة إيرانية استخدمتها روسيا في ساحة المعركة.

وكانت الاستخبارات الأمريكية قد حذرت في يوليو الماضي، من خطط طهران لإرسال مئات الطائرات المسيرة المحملة بالقنابل إلى روسيا؛ "لمساعدتها في عمليتها العسكرية في أوكرانيا".

ورغم نفي إيران ذلك في البداية، تباهى قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، في تصريحات صحفية، مؤخراً، بتسليح القوة العظمى العالمية، في إشارة إلى روسيا.

وفي 5 فبراير 2023 قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين من دولة حليفة للولايات المتحدة، أن موسكو وطهران تعملان على إنشاء مصنع في شبه جزيرة القرم لإنتاج ما يصل إلى 6 آلاف طائرة مسيرة إيرانية لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وأكدت الصحيفة أن المصنع الجديد يعكس أحدث تطور في العلاقات بين طهران وموسكو. ونقلت عن مصادر أن طهران وموسكو تعتزمان إنتاج طائرة مسيرة أكثر سرعة لكي تشكل تحدياً جديداً للدفاعات الجوية الأوكرانية.

وفي ديسمبر الماضي، حذر البيت الأبيض من أن إيران وروسيا تدرسان ما إذا كان سيتم بناء خط إنتاج مشترك للطائرات المسيرة في روسيا.

وأكد المسؤولون لـ"وول ستريت جورنال" أن "المحادثات بين البلدين تحولت إلى خطط ملموسة من خلال الزيارة التي قام بها الوفد الإيراني، يوم 5 يناير الماضي، إلى بلدة ييلابوجا الروسية، التي تقع على بُعد نحو 600 ميل شرق موسكو".

  • خطر في العراق

وامتداداً لمخاطر هذه المسيرات، اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا، في 2021، إيران بتنفيذ هجوم بطائرة مسيرة استهدف الناقلة "ميرسر ستريت" قبالة خليج عُمان؛ ما أدى إلى مقتل اثنين من طاقم الناقلة.

وعلاوة على ذلك، تستهدف المليشيات الموالية لإيران في العراق، القوات الأمريكية من حين لآخر باستخدام المُسيرات.

وحذّر السيناتور الأمريكي من الحزب الجمهوري، مايك مكول، في ديسمبر 2021، من خطر الطائرات المسيرة الإيرانية على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.

ووصف مكول، الاعتداءات من قبل "إيران أو الحوثيين أو المليشيا المدعومة من طهران بالعراق" بأنها غير مقبولة مطلقاً.

وأضاف أن "الأشخاص الذين يعيشون في الشرق الأوسط ومن ضمنهم أمريكيون، لا يستطيعون العيش بحرية واستقرار وازدهار وهم يتعرضون لاعتداءات من قبل المسيرات الإيرانية".

وشدد على أن الولايات المتحدة ستستعمل كل الأدوات اللازمة لوقف "تزويد إيران بالطائرات المسيرة، ومعاقبة كل من يستمر في تزويدها بهذه الطائرات وقطعها رغم تأثيرها المدمر".

  • عقوبات أمريكية

وفرضت الخزانة الأمريكية، في نهاية أكتوبر 2021، عقوبات على برنامج الطائرات المسيّرة الإيرانية، حيث طالت سعيد آقاجاني، العقل المدبر في برنامج الطائرات المسيرة والمدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية.

وجاءت العقوبات بعد اتهامات وجهها مسؤولون أمريكيون لإيران بشن هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة أمريكية في سوريا.

وقال مسؤولون حينذاك، إن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران زودت وحرضت على الهجوم، لكن طائرات الدرون لم يتم إطلاقها من إيران.

كما فرضت الولايات المتحدة في 8 سبتمبر 2022، عقوبات على شركة خدمات نقل جوي إيرانية ساعدت في شحن طائرات مسيرة لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا، محذرةً الشركات غير الإيرانية من التورط في تلك التجارة.

  • خطر متواصل

ويتزايد خطر هذه الطائرات؛ لإصرار طهران على مواصلة تطويرها وعقد مناورات تدريبية لاستخدامها.

أحدث التطورات في هذا المجال كشف عنها التلفزيون الرسمي الإيراني، في مايو 2022، حيث نشر صوراً لقاعدة وصفها بـ"السرية" تابعة للجيش الإيراني لصناعة الطائرات المسيّرة.

من جانبها، ذكرت وكالة أنباء "دفاع برس" التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، أن القاعدة الاستراتيجية للطائرات المسيرة التابعة للجيش الإيراني يطلق عليها اسم "قاعدة 313".

وأضافت أن "القاعدة تضم طائرات عسكرية هجومية وانتحارية بعيدة المدى وتابعة للجيش الإيراني".

وتناول معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، بتقرير له في يونيو 2022، الطائرات المسيرة التي تملكها إيران، ومدى الخطر الذي تشكله على خصومها.

وبحسب الخبير الأمني في المعهد فرزين نديمي، فإن إيران تستخدم تكنولوجيا الطائرات المسيرة دون طيار؛ "لإعادة إحياء الموقف الرادع الذي شوهته العمليات الأخيرة من القتل المستهدف لبعض قادتها وعلماء الطاقة النووية، والهجمات على المواقع العسكرية والنووية، والانتفاضات المحلية الشعبية".

وتابع أن إيران "تدّعي امتلاكها الأسطول الأكثر قوة وتنوعاً من الطائرات بدون طيار في الشرق الأوسط، وقد حققت بالفعل تقدماً كبيراً في هذا المجال خلال العقود الأخيرة".

وأشار نديمي إلى أن الطائرات المسيرة الإيرانية تُستخدم على نطاق واسع من قبل وكلائها بالمنطقة منذ عام 2004 على الأقل، ما يشكل تهديداً مطلقاً من النواحي كافة يصعب كشفه والتصدي له.

الخليج أونلاين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى