تقارب جزائري بريطاني غير مسبوق في المجالات العسكرية

> الجزائر "الأيام" القدس العربي:

> ​تظهر بريطانيا منذ بداية السنة الجارية، اهتماما لافتا بتعزيز التعاون في المجالات العسكرية مع الجزائر. ذلك ما عكسته الزيارة المتقاربة لاثنين من كبار المسؤولين البريطانيين إلى البلاد، ولقائهما مع رئيس أركان الجيش الجزائري الذي وجّه من خلالهما عدة رسائل تتعلق بـ”حيادية الجزائر في الصراعات الدولية الجارية وغيرتها على سيادتها”.

آخر الزائرين البريطانيين للجزائر كان وزير الدولة المكلف بالقوات المسلحة ستيفان هيبي، الذي حل بالجزائر بداية الأسبوع على رأس وفد هام. واستقبل هذا المسؤول البريطاني الرفيع، في وزارة الدفاع، من قبل الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الذي أجرى معه مشاورات تمحورت حول تعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين.

وبحسب وزارة الدفاع الجزائرية، فقد تطرق الجانبان خلال اللقاء، إلى حالة التعاون العسكري بين جيشي البلدين وسبل تعزيزه أكثر مستقبلا، كما تناولا التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموما والقارة الإفريقية على وجه الخصوص، وتبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وذكر الفريق أول سعيد شنقريحة في كلمته، أن هذا النوع من النشاطات واللقاءات، يُمثل “فرصا مواتية للارتقاء بالحوار الاستراتيجي بين الجزائر وبريطانيا العظمى إلى مصاف تطلعات مؤسستينا”. وأبرز رئيس الأركان الجزائري “استعداد القيادة العليا للجيش لبذل الجهود اللازمة من أجل تجسيد ديناميكية تعاون تعود بالفائدة على المؤسستين، وقائمة على أساس تبادل صريح ورؤية موضوعية وبراغماتية”.

وحول مجالات التعاون الممكنة، قال شنقريحة إن السلطات العليا للبلدين حريصة على ترقيتها أكثر فأكثر، لا سيما من خلال التركيز على المجالات ذات الاهتمام المشترك، على غرار تبادل الخبرات في إطار مكافحة الإرهاب وفي مجال التكوين، مشيرا إلى “الرغبة في تحديد الفرص المتاحة والمجالات المواتية للتعاون من أجل تجسيدها”، وهو ما وافق عليه المسؤول البريطاني الذي أبدى بدوره استعداد بلاده لتطوير أكبر للتعاون العسكري الثنائي بين البلدين في مختلف الميادين.
وتأتي هذه الزيارة بعد نحو ثلاثة أسابيع فقط من أخرى أداها للجزائر، المستشار البريطاني الأعلى للدفاع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مارشال الجو مارتن إيليوت سامبسون. وخلال استقبال هذا العسكري البريطاني الرفيع، قال الفريق أول شنقريحة إن الجزائر على أتم الاستعداد من أجل “تفعيل التدابير التطبيقية اللازمة قصد بلوغ الديناميكية المنشودة، على أساس تعاون صريح ومسعى متبصر ودائم وبراغماتي”. اقترح رئيس أركان الجيش الجزائري، على ضيفه البريطاني، الشروع في دراسة مشتركة، قصد تحديد الفرص المتاحة ومجالات تجسيدها، لا سيما التكوين.

ولم تخل كلمة شنقريحة من رسائل سياسية عادة ما تطرح حول موقف البلاد من الحرب الروسية الأوكرانية في ظل العلاقات المتميزة بين الجزائر وروسيا، فقال “أود التنويه بهذه المناسبة أن الجزائر تنتمي إلى دول عدم الانحياز وهي غيورة على تاريخها الحافل بالأمجاد والبطولات، وغيورة أيضا على استقلالها وقرارها السياسي السيد، وتتعامل مع دول صديقة كثيرة تربطها معها علاقات اقتصادية وعسكرية”.

وفي كل مرة يحل مسؤولون بريطانيون بالجزائر، يكون للمسائل الأمنية والاستراتيجية حظ واسع من النقاشات، مثل زيارة وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية المكلف بآسيا الجنوبية والوسطى وشمال إفريقيا والأمم المتحدة والكومنولث، طارق محمود أحمد، الذي طغت على لقاءاته مع المسؤولين الجزائريين، قضايا مكافحة التطرف والهجرة غير الشرعية، والتأكيد على وجود علاقة “قوية وواضحة، لا سيما فيما يخص مكافحة الإرهاب والتطرف الأيديولوجي”.
وتبدو بريطانيا رغم محورية دورها في المنظومة الغربية وانخراطها لصالح أوكرانيا في الصراع الدائر، أبعد الدول، على الأقل ظاهريا، في التدخل في علاقات الجزائر مع روسيا. عكس ذلك، حاول نواب في الكونغرس الأمريكي وآخرون في البرلمان الأوروبي، ممارسة ضغط على الجزائر، عبر الادعاء بأن مشتريات السلاح الجزائرية من روسيا تساهم في تمويل الحرب على أوكرانيا، والاعتماد في ذلك على صفقة وهمية، تتعلق بإبرام الجزائر صفقة بـ7 مليار دولار مع روسيا، وهي الصفقة التي لا أثر لها حسب خبراء جزائريين، في المعاملات الجزائرية الروسية خلال السنتين الأخيرتين.

وفي خريف السنة الماضية، اعتبر نائب كاتب الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد راتلي، بمناسبة إحياء الغرفة السفلى للبرلمان البريطاني الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أن الجزائر “تعد من بين أهم الفاعلين في إفريقيا وضمن المجتمع الدولي، فضلا عن كونها شريكا أمنيا محترما وموثوقا ومتعدد أطراف ملتزما”، معربا عن أمله في تعزيز وتعميق التعاون والعلاقات في القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثل الدفاع ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وينتظر البلدان هذه السنة، عقد دورة الحوار الاستراتيجي التي ستطرح مسائل التعاون الاقتصادي والعسكري والتعليم، خاصة مع رهان الجزائر للانفتاح أكثر على اللغة الإنكليزية، وهو ما استوعبه البريطانيون الذين أعلنوا ترحيبهم بقرار الحكومة الجزائرية اعتماد تدريس الإنكليزية في التعليم الابتدائي، وهم حاضرون في الجزائر من خلال مركزهم الثقافي ومعهدهم الدولي لتعليم الإنكليزية ويساهمون بعدة نشاطات لترقية تعليم لغتها في أوساط الشباب والطلبة في الجامعات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى