بالدجل فقدنا الرؤية وانعدمت المصداقية واستقوى الفساد

> ثالوث العدوان على الجنوب بعد حرب التحرير وانتصار الإرادة، خرج بقضه وقضيضه متخفيا تارة ومتنكرا تارة أخرى، جر خلفه من جر، حالة الدجل أخفت الحقيقة وطمست معالمها وألقت بالتحريش وسوء الظن، وإثارة الفتنة شغلتنا بقضايانا نحن ولم تشغلنا بقضايا وطننا، وما يجب علينا فعله لأجله، هكذا عرفنا خصمنا فسعى لتبديلنا وتغيير وجهتنا، وهو يعلم أننا قوة صلبة بتشابك أيدينا ببعض، وحده الدجل من فرق بين الأحبة ومزق أواصر الصحبة.

لقد نجح وهو كائن خفي ينسل بيننا نحسبه منا وهو ينخر فينا، أحالنا وحوشا نأكل لحوم بعضنا، ونفشل جهود بعضنا، العداوة والبغضاء والكراهية وسيلته للتفريق بيننا، سبع سنوات مضت في الفشل والإخفاق، تزداد سنة بعد سنة ليس فينا من غيرنا، نحن وحدنا في الساحة والفشل من صنعنا، إن أبحروا أبحرنا وإن شاطأوا شاطأنا، ونصبنا أنفسنا رعاة لمصالح من انتصرنا عليهم، وفينا اليوم من سيعيدون بناء المتصدع من جديد، بعدما تهدم ولو بتدمير مشروعنا في بيتنا، الذي بدأنا نرممه وقد انتصب هيكله، وأوشك على الظهور.

إنه الدجل خالف بين وجوهنا فلم نعد نعرف بعضنا، ودماءنا وسحنتنا، نستخدم أرضنا ساحة المعركة مثل أوكرانيا ورئيسها يستلم آلة الحرب والدمار، التي ستقصفها روسيا وتدمرها في أرضه، نحن هكذا انتهت حربنا وانتصرنا، ثم فقدنا البوصلة وغابت عنا الرؤية، واختفت المصداقية، واستقوى فينا الفساد، الذي جعل الحليم حيران، لاتنفعه خبرة ولا كفاءة، ولا دعم محلي وخارجي ، يستنزف الدماء في حرب مفتوحة، ويستنزف المال في معالجة أجساد مجروحة، ودموع أم الشهيد غير الممسوحة في مسيرة الاستنزاف العامة المستمرة، بخوضها العام الثامن على التوالي، ومازلنا أوفياء ولكن بدون كهرباء، ولا ماء، ولا رواتب، ولا سيادة، ولا إرادة، ولا إدارة لمصالحنا ومنافذنا، ولا نمتلك قرارا نستطيع فرضه والعمل به لا بالخداع ولا بالخضوع.

إن غياب الرؤية وانعدام المصداقيةواستقواء الفساد، فرضه علينا الدجل الخفي الذي لا نعلم كيف نواجهه ونتصدى له، كلنا أدوات بيده يستخدمنا في تقويض مشاريع بعضنا البعض، كلما اقتربنا من الاتفاق والحسم والحنين لبعضنا كإخوة جنوبيين، نبش فينا عيبنا فاحترق من دخل ناره واكتوى من هرب منها، فلايستطيع أحد إصلاح أمر قد فسد ولا علاج قضية قد عفنت، ظلامنا لايزول وظمأنا لا يروى، فقرنا وجوعنا لا يسد وخيراتنا لانقترب منها، إنه سحر الدجل الذي أغنى الفقير بإفقار الغني، وأعز الذليل بذل العزيز، قهر الأبطال ورفع البطال، كسر شوكة الميزان وأغلق المحاكم ونزع الأقلام وحشرج أصوات المعلمين، وأرعش مشارط الأطباء، فقطعت ما لايتم تقطيعه، وأفشلت نوايا أصحاب الهمم ففشلوا في كل مشروع أقدموا ويقدمون عليه، نحن وماعشعش في رؤوسنا من ازدراء وانتقاص واستعداء لبعضنا البعض، فتحنا أبوابنا وقلوبنا ومددنا أيدينا لكل مشروع إلا مشروعنا نحن، يحسبوننا جميعا وقلوبنا شتى.

لنكن أنانيين ذاتيين مصلحيين جشعين لاباس في ذلك، إن كان لأجلنا ولمصلحتنا أولا وقبل كل شيء، لنكن مراوغين ومتحايلين لمصلحة بعضنا البعض، لنخدم بعضنا البعض في الخفاء إن لم نتمكن في العلن، لنقوِ عزائم بعضنا البعض كي ينجح أحدنا، بدلا من أن نفشل معا في وطننا الصغير، لنرمم بيتنا ونحسن الخدمات فيه. لنكن حتى أوغادا أو حقراء في نظر الآخرين، لنحتمل ذلك، ولنعش رحماء أحباء متواضعين مع بعضنا البعض، فالجنوب لنا معا كجنوبيين ولدتنا أمهاتنا فيه، واختارنا الله لنكون في هذه آلأرض، ومن أهلها وساكنيها، فلم غابت عنا الرؤية وانعدمت فينا المصداقية واستقوى الفساد بيننا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى