​العاطفية الوطنية!!

>
​إشكاليتنا أننا نتكلم ونكتب عن قضيتنا بعاطفية، وكأنها حالة مفصولة عن سياقها المحلي والإقليمي والدولي والقانوني والمالي،لا نلامس تعقيداتها فبمجرد أن يبرز موقف أو إجراء صادم لنمطيتنا أولا يتلاءم وتصوّرنا، تتبارى صيغ: "نحن قد قلنا وحذرنا وقد شددنا وكتبنا ونصحنا..الخ!! " وفي غالبها كلام إنشائي لا يشخّص مفردات وتشابكات وعقبات واقعها وكيفية الانتصار عليها بلغة المصالح لا لغة الحق والباطل، فاللغة الأخيرة آخر مايلتفت لها العالم.

كيف حالتنا!!؟
حققت قضية الجنوب اختراقات لكن مازلنا ندار بالاستعمار، مع أننا قاومنا وقدمنا الشهداء والأموال. لكن لم يتساءل كثير منا من استثمر سياسيا مقاومتنا العسكرية البطولية؟
لم يستثمرها سياسيا مشروعنا الوطني إطلاقا لأننا كنا "طرائق شتى" لانملك حاملا سياسيا يستثمرها فاستثمرتها شرعية اليمننة بمكون جنوبي ظل في الواجهة رئيسا ورئيس وزراء ووزراء، وأحيوا رميم مجلسي النواب والشورى، وكانوا يضعون في واجهتها شخوصا جنوبيين ليشرعنوا للجمهورية اليمنية وليس للانتصار للقضية الجنوبية، وعاضد الحالة انقلاب الحوثي رغم أنه اتجه جنوبا بالحرب والتدمير، لكن القرارات الدولية وكذا حرب التحالف قامت من أجل كيان اسمه "الجمهورية اليمنية" مازال الجنوب ضمن هذا الكيان دستوريا وقانونيا واقتصاديا وماليا وتجاريا.  والتقاسم فرضته هذه الحقائق وحقيقة أخرى طرأت أمرا واقعا. إن القضية الجنوبية لم يعد يحتويها"تنصيب " بل قضية وكيان وهذا مافرض شراكة الانتقالي، لكن العالم مازال يتعامل مع سياق الجمهورية اليمنية بغض النظر عن عدالة القضية الجنوبية وحاملها وقوتها ومقاومتها وشهدائها، وهو مافرض على الانتقالي أن "يتشرعن" ويدخل في شراكة مع اليمننة على قاعدة "مكره أخاك لا بطل" ليدافع عن قضيته كما يراها ويؤمن بها، ويباشر تحالفات وليمنع  تسويقها عبر اليمننة أو هكذا كانت التقديرات سواء وقع في فخ أم لا، ومع كل الضغوطات عليه فإن إنجازاته تقاس بردود فعل أعدائه.
نصر المقاومة الجنوبية تسلمته الشرعية اليمنية، لانه لم يكن لديها حامل سياسي يستلمه سياسيا، فالانتقالي جاء لاحقا ولم يكن انقلابيا كالحوثي بل انبثق جزءا جنوبيا من سياقات حرب دولية وإقليمية ضد الانقلاب، أو هكذا تم تسويق الحرب، سياقات قد لا نلمس كواليسها كمحللين لكنها تفرض أن أي موقف يتعارض مع سياقاتها سيكون سلبا على القضية الجنوبية وأدوات تثبيتها. لذا فإن قيادته قيّمت أن الشراكة أهون الضررين،  إذ لم يكن لديه خيارات أخرى !! ولذا كان قرار التحالف غالب عليه كبقية الأطراف بل وفرض الشراكة في العملية السياسية عليه كغيره، والشراكة مغالبة وأخذ وعطاء، حتى الوصول إلى الهدف الجنوبي .. هكذا وضع الانتقالي استراتيجيته.

بدأت الحرب بمكون جنوبي عنون للشرعية اليمنية، لكن أفشلها صمود الحوثي ثم ظهور كيان الانتقالي في الجنوب حاملا للقضية الجنوبية بآفاقها فنزع عنها شرعية تمثيل الجنوب في سياق اليمننة، والآن يجرّب التحالف الشرعية بمكوّن غالبه"تعزي" ، صحيح أنه لايملك السيادة على طربال في تعز لكنه أكثر خبثا، فلديه امتدادت ولوبيات وروافع في الإدارة والبنوك والتجارة والمال والأعمال ومنظمات العمل المدني والنزوح. ولكي نقاومه لابد من استخدام كل الوسائل، وأكرر، كل الوسائل لفكفكتها والتضييق عليها وغير ذلك كلام واتساب لن يغير شيئا بل لن تغيره خطابات  "الغيثي" حتى لو أصر فيها بكل عبارات عدالة قضيتنا ورفضها لليمننة.

لكن هناك تساؤل يجب على كل جنوبي أن يتساءله...
لماذا فرض الإقليم الشراكة مع المكوّن "التعزي" في الشرعية ولم يفرضها مع المكوّن الجنوبي فيها؟
لايهم ماذا قال محمد الغيثي في خطاب التشاور والمصالحة فما قاله ضمن كيان اسمه"الجمهورية اليمنية"  وآخر ما يتم تنفيذه فيها كلام الاجتماعات والوثائق الفضفاضة من معاهدات ودساتير. المهم أن تخرج لنا من هذه الهيئة بإطار خاص للقضية الجنوبية في مفاوضات وقف الحرب لان مفاوضات وقف الحرب ليست كلام بل أسس بناء مستقبلي.

 لذا فالجنوبيون ملزمون بوحدة الصف وعلى مدمني "الطرائق الشتى" أن يراجعوا أنفسهم فيكفي أن كل طرف يرى عيوب غيره، أما هو بلا عيوب !! فالجنوب ليس الانتقالي بل للجميع وبالجميع، وأن يتعاضدوا لبناء مؤسسات مستقلة حتى بحدها الأدنى، التي سيتعامل معها العالم، وتفكيك "التعزية" فهي خطر بقفازات ناعمة وخشنة.
وما زالت ضاغطة أيضا على مشروع الجنوب إجراءات ومعاهدات قانونية وسياسية واقتصادية ومالية وتجارية ومعاهدات دولية. لا بد من حلها مع الطرف الشمالي  أو أن تكون لديهم تحالفات دولية وإقليمية لفكها أو قادرة على فرض أمر واقع عسكري مهما كانت النتائج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى