​قصص الأنبياء.. نوح عليه السلام

>
نوح عليه السلام، هو من نسل نبي الله إدريس عليه السلام، وقد ولد بعد وفاة آدم بعشرة قرون أو أجيال، وقد بعثه الله تعالى لما وقع الناس في الضلالة والكفر، وعبدوا الأصنام والطواغيت، فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض، وهو من أولي العزم من الرسل.

وتبدأ القصة قبل نوح من عند رجال صالحين يدعون ودا، وسواعا، ويغوثا، ويعوقا، ونسرا، وكان لهم شأن في قومهم، فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يصنعوا تماثيل ويسموها بأسمائهم، ففعلوا، ثم جاءت أجيال أخرى من بعدهم فعبدت هذه الأصنام، وكانت هذه هي بداية الانحراف وعبادة الأصنام من دون الله.

بعث الله نوحا عليه السلام، وكان نبيا ورسولا وعبدا شكورا، يحمد الله في كل شأنه، ويعبده بجميع الطاعات القلبية والقولية والعملية، وقد أرسله الله إلى قومه لينذرهم من عاقبة انحرافهم وكفرهم بالله، وراح يدعوهم لعبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، وتحرك نوح لدعوة قومه بكافة أساليب الدعوة، فراح يتحدث معهم في أوقات الليل والنهار، وبأسلوب الدعوة في السر أحيانا وفي العلن أحيانا أخرى، وبالترغيب تارة والترهيب أخرى.

رفض القوم دعوته، واستمروا في الكفر وعبادة الأصنام، ونصبوا العداوة لنوح، واتهموه بالضلال والجنون، وهددوه بالرجم والإخراج، ونالوا منه وآذوه كثيرا.

واستجاب لنوح عدد قليل من ضعفاء القوم، بينما ازداد عناد قومه وسادتهم، ولم ييأس نبي الله من دعوة قومه وراح نوح يذكرهم بأنه رسول من رب العالمين، وأنه على الحق وليس به ضلالة، فكذبوه وقالوا: إنك بشر مثلنا، وما نراك اتبعك إلا أراذلنا ومن ليس لهم رأي، ولا نرى لك علينا من فضل، فقام نوح بسلسلة حوارات إقناعية، فقال نوح: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي، وقد بعثني بالنبوة والرسالة رحمة بكم، هل أملك أن أجبركم على الاستجابة وأنتم لها كارهون؟، بالطبع لا، يا قومي هذه دعوة من أجلكم أنتم، ولم أطلب منكم أجرا على هذه الدعوة، وأنا صريح وواضح معكم، لم أدعي أنني أملك خزائن، أو أعلم الغيب، أو كوني ملك، فأنا عبد ورسول.

طلب القوم من نوح أن يطرد الضعفاء الذين آمنوا معه حتى يفكروا في الاستجابة لدعوته، فقال نوح: لا أملك طرد مؤمن من عبادة ربه، وما لي شأن بضعفهم أو بما يفعلون، فمن سيحاسبهم الله تعالى، مهمتي هي إبلاغ دعوة الله وإنذار الناس من غضب الله وعقوبته.

تطاول الزمان والمجادلة بين نوح وقومه، واستمر فيهم نحو 950 عاما، لكن لم يؤمن معه إلا القليل، وساءوا الأدب مع نوح، فكان كلما تحدث معهم، جعلوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوه، وغطوا أعينهم بثيابهم حتى لا يروه، وازدادوا في استكبارهم وعنادهم، وقالوا: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، ووصل الأمر بهم أنه كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم اتباع نوح، وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل وصاه بألا يتبع نوح أبدا، فأصبح الكفار لا يلدون إلا كفارا، بينما القلة المؤمنة ما زالت قليلة ولم يعد يؤمن معهم غيرهم.

شعر نوح بالكرب العظيم من عدم استجابة قومه، وبما يفعله الآباء من توريث أبناءهم الكفر، وبعدم استجابة أحد أبناءه لدعوته واتباعه للكفار، فرفع يديه شاكيا إلى الله من اتهام قومه له بالكذب، وقال: رب انصرني عليهم، ودعا الله أن يهلك الكفار ولا يدعهم يورثوا الكفر للأجيال التالية، وأوحى الله إلى نوح أنه لن يؤمن قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون، وأننا نعم المجيبون لدعائك.

وأمر الله نوحا أن يجمع أخشاب الأشجار ويصنع سفينة كبيرة استعدادا لنزول العقاب، ولا يكلمه بعد ذلك عن قومه الظالمين، وبدأ نوح في صناعة سفينة عظيمة، عالية الارتفاع وكبيرة الطول، وكلما مر عليه ملأ من قومه استهزأوا به وقالوا: أين العقوبة التي وعدتنا بها يا نوح، هل هذه السفينة هي العقوبة؟، فقال نوح: إن كنتم تسخرون منا فنحن نسخر من كفركم بالله الذي يوقع بكم العقوبة، وسوف ترون بأعينكم من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه العذاب المقيم.

انتهى نوح من صنع السفينة كما أمره الله تعالى، وأوحى الله إليه أن ينتظر منه الأمر بتحميل السفينة، ودله على علامة بدء تنفيذ هذا الأمر وهي فوران المياه من التنور (العيون)، ولما جاء أمر الله وفار التنور، بدأ نوح في تحميل السفينة بالمؤمنين وقد كانوا قلة، وكذلك حمل فيها من الحيوانات والطيور من كل زوجين اثنين، ونهاه الله عن ركوب أي كافر في السفينة فقد سبق حكم الله بغرق كل الكافرين على وجه الأرض، جزاءً لما ارتكبوا من معصية الله ونبي الله نوح، وركب أهل بيت نوح إلا أحد أبناءه رفض الركوب.

ازداد فوران المياه من العيون والتنانير، وهطلت أمطار شديدة من السماء، وارتفع منسوب المياه شيئا فشيئا وبدأت تتحرك السفينة فقال نوح: سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، بسم الله مجريها ومرساها.

رأي نوح ابنه في مكان معزول فناداه: يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين، فرفض وقال سآوي إلى أعلى الجبل ليحميني من الماء، فقال نوح: يا بني لا عاصم اليوم من أمر الله، وبينما هم كذلك جاءت أمواج عاتية فصلت بين نوح وابنه، فقال نوح: رب إن ابني من أهلي، فقال الله له إنه ليس من أهلك، إنه ممن سبق عليهم القول بالهلاك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى