حكاية كلمة

> عودنا الإعلام المحلي بمختلف فروعه من إعلام مرئي أو صحافة سواء كانت هذه الصحافة صفراء أو تلونت بلون آخر، وفقا للجهة التي تنحاز إليها هذه الصحف والقنوات على مختلف مسمياتها بامتهان الكذب وتقديمه لنا وبأسلوب بديع على أنه حقيقة لا يمكن دحضها بأي حال يتبارى فيها الصحافيون لكسب "رزقهم " وفقا لما يستخدمونه من كلمات ومفردات في مديح فلان وتلميع صورة علان وإظهاره بمظهر الرجل الناجح ليضمن معها ترقية مع علاوتين ومكافأة "ضخمة" تفتح النفس وتشرح القلب وتجعل الابتسامة ترتسم بقوة على وجهه.

الحقيقة في بلادنا أمرها غريب فلن تجد أحدًا يؤمن به، أو يصدقها بل إن البعض قد يعتبر هذا الحقيقة مجرد "عواء" كعواء الكلب لا يسمع به أحد ولا يبالي بسماعه أحد، بل إن البعض يتشاءم من مجرد سماعه لأننا تعودنا منذ فترة طويلة على سماع جميع أنواع وألوان الكذب فلم نعد نميز بين الكذب والحقيقة.

الكذب يزين لنا دائما بكلمات "حسينة" نجد فيها أنفسنا وقد تملكتنا هذه الكلمات وأشعلت فينا الحماس والأمل ليظهر لنا بعدها بأن هذه الكلمات هي عبارة عن مسكنات خفيفة جاءت فقط لتخفف عنا وقع الصدمة وترسم لنا معالم عالم افتراضي جميل لا يمكن بأي حال أن يتحقق على أرض الواقع.

أتساءل من منا المخطئ هل نحن أخطأنا بأن سلمنا عقولنا لمثل هذه الأحلام، وهل معيب على الإنسان أن يحلم وينسى الواقع، أو يجب عليه أن يعيش في "نكد" وهو ينظر إلى هذا الواقع الذي يسبب له الضيق والألم أو هل أخطأوا هم كإعلام لأنهم أعطونا جرعات مفرطة من الأمل، أدمنت عليه عقولنا فأصبحنا مثل المدمن الذي يبحث عن المزيد من الجرعات من دون التفكير في العواقب.

الكلمة سلاح وأمان يمكن أن يكون حادا ليسبب الألم وممكن يكون صادقا ليعطي الأمل، فليس العيب أن نتحدث عن الواقع بكل ما فيه من فضاعة نعطي صورة تقريبية للواقع لنضع أيدينا فوق أيدي بعض، نبحث فيه عن الحلول، نتسابق فيه إلى مضمار الخير لنرتقي إلى المراتب العليا بين الأمم، ولكن العيب هو أن نبيع الاحلام وأحيانا نبيع الأوهام في وصفه لا تجدها إلا في مصحة السلام لعلاج الأمراض النفسية.

ختاما الكلمة هي أمانة تلاحق صاحبها في الدنيا والآخرة يجب علينا اختيارها بعناية و احترامها وتكريمها فهي تحمل "ريحنا" إلى العقول في رسالة يعرفون بها من أنت.

* قاضي في محكمة صيرة الابتدائية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى