​من أبطال المسلمين

> سعد الدين الشاذلي (2)

(يتبع يوم أمس) .. وقام الفريق سعد الدين الشاذلي بمناورة من أصعب المناورات العسكرية التي عرفها تاريخ الصراع المصري الإسرائيلي، إذ أمر قواته بالانسحاب ليلا من دون أي دعم جوي أو استخباراتي.

ومع بزوغ فجر اليوم التالي، رصد الطيران الحربي الإسرائيلي القوات المصرية التي يقودها الشاذلي وهاجمها. ونظرا لافتقارها إلى الأسلحة المضادة للطائرات، لم يكن بمقدور قوات الشاذلي الرد إلا بالمدفع الرشاش والأسلحة الخفيفة.

وهكذا تكبدت قواته خسائر بنسبة 10  % إلى  20 %، لكنها تمكنت في الوقت نفسه من تجنب القوات البرية الإسرائيلية إلى أن وصلت إلى قناة السويس. وأصبح الشاذلي آخر قائد عسكري عربي يمر من شرق القناة إلى غربها.

بعد هذا الإنجاز، ظل الشاذلي يحظى باحترام كبير داخل الجيش المصري، وتدرج فيه حتى أصبح رئيسا للأركان. وفي عام 1970 عينه الرئيس المصري جمال عبد الناصر قائدا لمنطقة البحر الأحمر العسكرية بعد الغارات والاختطافات اليومية للمدنيين وتدمير منشآت على سواحل البحر الأحمر التي كانت تقوم بها القوات الإسرائيلية، لاسيما إبان حادثة الزعفرانة في التاسع من سبتمبر 1969.

ورأى حينها جمال عبد الناصر أن اللواء الشاذلي هو الشخص المناسب الذي يمكنه وقف التوغلات الإسرائيلية في المنطقة، وفعلا نجح في الحد من عمليات الاعتداء الإسرائيلية.

وفي 22 يناير 1970 نجح اللواء الشاذلي في صد هجوم للقوات الإسرائيلية التي كانت تطمح إلى احتلال جزيرة شدوان الصخرية بالبحر الأحمر بالقرب من مدخل خليج السويس، بعدما قصفتها جوا، وأتبعت ذلك بإنزال الجنود بالمروحية وبمراكب الإنزال.
فقد أمر اللواء الشاذلي بالهجوم على الجزيرة بمساعدة عدد من سكان المحافظة، ونقل إليها جنودا ومعدات في الظلام، وتمكّن من تحريرها من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد وفاة جمال عبد الناصر وصعود أنور السادات إلى سدة الحكم، عُيِّن الشاذلي رئيسا لأركان القوات المسلحة المصرية يوم 16 مايو 1971 في إطار ما سميت بثورة التصحيح -التي باشرها السادات للتخلص من عناصر نظام جمال عبد الناصر- نظرا لكفاءته وتجربته العسكرية الطويلة، وأيضا لمعرفته الكبيرة بالعلوم العسكرية التي اكتسبها بفضل دراسته في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي.

وضع الشاذلي خطة "المآذن العالية" في أغسطس 1971 لمهاجمة القوات الإسرائيلية واقتحام قناة السويس عبر تدمير خط بارليف الدفاعي، الذي بنته القوات الإسرائيلية بعد احتلالها منطقة سيناء بعد حرب 1967، بهدف تأمين الضفة الغربية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية إليها.

سعد الدين الشاذلي مؤسس سلاح المظلات في الجيش المصري
سعد الدين الشاذلي مؤسس سلاح المظلات في الجيش المصري

وابتكر الشاذلي هذه الخطة نظرا للضعف الكبير الذي كانت تعاني منه القوات الجوية المصرية وضعف قدراتها الدفاعية، وهو الأمر الذي كان يحد من إمكانية تنفيذ عملية هجومية كبيرة.

لكن في الوقت نفسه كان بالإمكان تنفيذ عملية محدودة لعبور قناة السويس، وتدمير الحصن الدفاعي لخط بارليف الإسرائيلي، واحتلال ما بين 10 و12 كيلومترا شرق القناة، لاتخاذ مواقع دفاعية ضد هجمات الطيران الإسرائيلي.

وارتكزت خطة "المآذن العالية" للشاذلي على نقاط ضعف القوات الإسرائيلية، والتي كانت تتجلى في عدم قدرة الأخيرة على تحمل الخسائر البشرية بسبب العدد المحدود لعناصرها، بالإضافة إلى إطالة أمد الحرب، لأن إسرائيل كانت تعتمد دائما على حروب خاطفة تنتهي في غضون أسابيع قليلة مخافة تأثر أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.

وكانت هذه الخطة ترمي إلى حرمان إسرائيل من أهم مزاياها القتالية، وهي الهجوم عبر الأطراف من خلال وضع الجنود المصريين على البحر الأبيض المتوسط شمالا وخليج السويس جنوبا، في وقت لا يمكن فيه للقوات الإسرائيلية الهجوم من الخلف لوجود قناة السويس، ولن يبقى أمامها من حل سوى الهجوم من الأمام، وهو ما يجعلها تتكبد خسائر كبيرة.

بعد احتلال إسرائيل منطقة سيناء المصرية غداة حرب 1967، بنى الجيش الإسرائيلي خطا دفاعيا يسمى "خط بارليف" لمنع القوات المصرية من العبور إلى الضفة الغربية لقناة السويس، وعُزِّزَ هذا الخط بعدة حصون على الضفة الشرقية لقناة السويس، التي تفصل بين الجيش الإسرائيلي والجيش المصري. كما أقامت القوات الإسرائيلية حاجزا رمليا بارتفاع بلغ 17 مترا على شواطئ القناة لمنع الجيش المصري من محاولة عبور القناة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى