​من أبطال المسلمين

> (يتبع  يوم أمس) .. ولكسر هذا الخط، نفذت القوات المصرية في السادس من أكتوبر 1973، بقيادة اللواء الشاذلي، هجوما على المكان، حيث حلقت 200 طائرة مصرية على ارتفاع منخفض فوق القناة، وتوجهت في عمق سيناء وضربت القوات الإسرائيلية الرئيسية، في حين شنت وحدات من سلاح المدفعية قصفا كثيفا على حصون "بارليف" وحقول الألغام.

وهكذا عبرت المجموعة الأولى المكونة من 4 آلاف جندي قناة السويس، وفتحت حوالي 70 ممرا عبر الحاجز الرملي باستخدام مضخات المياه ذات الضغط العالي. تبعتها مجموعة المشاة التي عبرت بدورها القناة واستولت على معظم النقاط والحصون القوية لخط "بارليف".

وفي اليوم التالي (7 أكتوبر) وُضعت 5 جسور فوق القناة، وبدأت الفرق المدرعة بعبور القناة إلى سيناء.

وفي الثامن من أكتوبر، فشل الهجوم الإسرائيلي المضاد في دفع المصريين إلى التراجع، وحاولت إسرائيل مرة أخرى في التاسع من أكتوبر لكنها تكبدت مرة أخرى خسائر فادحة، ففقدت في يومين أكثر من 260 دبابة و30 طائرة وآلاف القتلى.

بعد هذا الانتصار، بدأت الكفة تميل لصالح إسرائيل عندما نفذ جيشها بقيادة الجنرال أرييل شارون عملية عسكرية قوية بين الجيش الثاني المصري الذي تمركز على الضفة الشرقية لقناة السويس في سيناء، وبين الجيش الثالث الذي كان على ضفتها الغربية.

وبالموازاة مع ذلك، أمر الرئيس المصري أنور السادات بشن هجوم جديد للتقدم نحو ممرات سيناء، وقد عارض اللواء الشاذلي بشدة أي تقدم باتجاه الشرق لأنه من شأنه أن يترك القوات المصرية معرضة لسلاح الجو الإسرائيلي دون غطاء جوي مناسب؛ لكن السادات ظل مصرا على رأيه، وأمر الجنرالات بتنفيذ الأمر بهدف مساعدة الجيش السوري، حسب رأيه. وفي 14 أكتوبر ، بدأ الهجوم لكنه فشل وانهزم الجيش المصري.

كتاب قصة حياة (سعد الدين الشاذليي الرجل الثعلب) من تقديم دكتور يوسف حسن يوسف
كتاب قصة حياة (سعد الدين الشاذليي الرجل الثعلب) من تقديم دكتور يوسف حسن يوسف

أراد الشاذلي الرد على هذه العملية بإعادة انتشار لواءين وكتيبة من الجيش الثاني لمحاصرة الإسرائيليين. لكن السادات رفض الأمر خشية أن يبدو وكأنه انسحاب وتتضرر معه معنويات الجيش المصري. لكن نتائج هذا الاختيار كانت كارثية على القوات المصرية.
بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل، ظلت العلاقة متشنجة بين السادات والشاذلي. ورغبة منه في إبعاده عن الجيش، عيّنه سفيرا لدى المملكة المتحدة، ثم سفيرا في البرتغال. وخلال هذه الفترة قام السادات بزيارته التاريخية لإسرائيل في نوفمبر 1977.

قدم الشاذلي استقالته من منصبه، وانتقد علنا اتفاقيات كامب ديفيد، التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن عام 1978 بمنتجع كامب ديفيد في الولايات المتحدة الأميركية.

اختار سعد الدين الشاذلي العيش لاجئا سياسيا في الجزائر، وهناك أصدر كتابا قدم فيه روايته لحرب 1973، وبسببه حوكم غيابيا أمام محكمة عسكرية بتهمة إصدار كتاب دون موافقة وإفشاء أسرار عسكرية، وهي التهمة التي نفاها، واعتبر أن ما نشره هو معلومات حكومية وليست عسكرية. وحكم عليه غيابيا بالسجن 3 سنوات مع الأشغال الشاقة، وتمت مصادرة جميع ممتلكاته في مصر.

وبعد اغتيال السادات عام 1981 انتقلت "العداوة" تجاه الشاذلي إلى الرئيس الجديد محمد حسني مبارك، الذي كان بدوره قائدا لسلاح الجو خلال حرب 1973 تحت رئاسة الشاذلي.

وعندما عاد الشاذلي إلى مصر عام 1992 بعد 14 سنة في المنفى، اعتُقِل في المطار، وأصر مبارك على تنفيذ العقوبة السجنية في حقه.

توفي الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي يوم الخميس 10 فبراير 2011 بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة بالقاهرة، عن عمر يناهز 89 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، وذلك بالتزامن مع ثورة 25 يناير 2011 في مصر، والتي أنهت حكم محـمد حسني مبارك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى