ذهب رمضان، وانقضت أيام العيد، أُطلق أسرى ونُفِّس عن كُرَب، فرحت أُمهات وابتهج أقارب.

وفي مواسم الخير أُخرجت صدقات، وأُعطيت زكوات، وجلس متنافرون على موائد سحور وإفطار.

وفي العيد تنزّهت العائلات في الحدائق والشواطئ، وتهادى الناس ولبسوا الجديد، وملأ الأطفال الحارات والدُّور صخبا حبيبا، ومضغوا الزبيب والشوكولا، ومارسوا ألعابهم المفضّلة.

وفي مناسبة بهيجة كالعيد تُغنّي القنوات، ويشاهد المواطن صورا حيّة لأجواء فرائحية تملأ الربوع، فمن عائلات تختال بين المزارع وتسيح بين الظلال الى متنزهين ذهبوا إلى البحر واستراحوا على رماله الناعمة.

كما أضفى حلول موسم الربيع جمالا فوق جمال فرحة العيد.

أهل الإنفاق صنعوا الابتسامة في وجوه البائسين، وكثيرا من الأغنياء لم يصغِ لموعظة الأمريكي مؤسسة شركة "آبل" التقنية الذي مات بسرطان البنكرياس وترك خلفه ثروة تُقدّر بسبعة مليارات دولار، إنّهُ يقول محدِّثا نفسه والناس .."أنْ أذكّر نفسي بأنني سوف أموت قريبا، هو أفضل طريقة لكي أتجنب الوقوع في فخ التفكير بأن لدي شيئا أخسره".

قال وهو على فراش الموت.. "ليس لديّ فرحٌ كبير بما أملكه، في النهاية الثروة أصبحت مجرد رقم فحسب".

ثم اسمع أيُّها التاجر ورجل الأعمال، حين لا يُغني عنك المال شيئا الّا ما أنفقت في وجوه الخير يقول الملياردير.."وأنا مستلقٍ على سريري مريض، وأتذكر شريط حياتي أدرك أن سمعتي والثروة التي أمتلكها لا معنى لها في وجه الموت الوشيك".

يا أهل الأموال، كم أسعدتم قلوبا، كم سرور أدخلتموه في قلوب المسلمين في هذا البلد الذي عانى ومايزال من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

يقول ستيف جوبز مخاطبا صاحب الثروة .."يمكنك استئجار شخص لقيادة سيارتك، أو خادم لقضاء أغراضك، أو توظيف قياديين لإدارة أعمالك وكسب المزيد من المال، لكن لا يمكنك استئجار شخص ما وبأي ثمن لحمل الألم أو المرض نيابة عنك".

ثم إن هذا الملياردير يترك مجموعة من الحقائق غفل عنها كثير من الناس، إنّه يقول ناصحا.."لا تعلّم أطفالك أن يكونوا أغنياء، بل علّمهم أن يكونوا سُعداء".

وقال .."تناول طعامك كدواء، وإلّا ستحتاج إلى تناول الدواء كغذاء".

وحقيقة مضيئة أخرى قالها.."اترك مالك في الشمس واجلس في الظل، ولاتقصّر على نفسك وعلى من حولك، فالمال جُعِلَ لنحيا به لا لنحيا من أجله".

وأخيرا قال وهو يستعد للرحيل من دار الدنيا.."عند حضرة الموت يُخيّل لكل الواقفين إلى جانب الشخص الذي سيموت قريبا كمثل شخص يضع أغراضه في السيارة ليستعد للرحيل، ثم يغيب عن الوعي ويبدأ في التقاتل مع أنفاسه حتى يصمت كل شيء".

أيُّها الناس كأن ستيف جوبز يقول لكم: "لا تنسوا سكرات الموت".