د. نبيل خوري: الشرعية ليس لها موطئ قدم في اليمن وأين دور الحكومة وأين تسكن؟

> «الأيام» استماع:

>
 الشعب اليمني كفيل بحل مشكلته فلا تنتظروا مبادرات من مبعوث أممي ولا أمريكي
الجنوب يأخذ مبادرات باتجاه دولة جنوبية مستقلة عن الشمال

في مقابلة تلفزيونية على قناة المهرية أمس الأول في برنامجها البوصلة، مع نائب السفير الأميركي الأسبق في اليمن د. نبيل خوري، والتي ركزت على الموقف الأميركي ورؤيته لحرب اليمن، وميزان المعادلة السياسية والعسكرية وانعكاساتها، و أيضا دور الأمريكيين، وهل هم حلفاء لكل ماهو عليه، من صح وخطأ لمواقف التحالف، وكذلك رؤية وميزان الحوثي في المعادلة العسكرية ثم المشهد اليمني جنوبا.

وعن قراءته للموقف الأمريكي في العام التاسع لحرب اليمن، يجيب د. نبيل خوري: "الواقع والمؤسف أن الموقف الأمريكي لم يتغير كثيرا، بل تدحرج منذ بضعة سنوات نحو ترك المسألة، فزمام المبادرة ليس بيد الولايات المتحدة بالنسبة لما يحصل في اليمن، في أول تاريخ لهذه الحرب كان الموقف تماما مع التحالف وترك الملف اليمني بيد المملكة العربية السعودية تحديدا، والتحالف العربي، وكانت هنالك بعض الاختلافات في الرأي وبعض المصادمات، ولكن اليوم دور أميركا الدبلوماسي تقلص في الشرق الأوسط ككل، وبرغم اهتمام بايدن بأول أيامه باليمن وتعيينه مبعوثا خاصا لليمن ولكن لم يضع لا هو ولا المبعوث الخاص برنامجا واضحا ورؤية أمريكية واضحة، بل قالوا من الأول نحن نساند الأمم المتحدة، وبالواقع دبلوماسيا المبعوث الأممي هو الذي يتحرك ويطرح أفكارا ومبادرات، ويتحدث مع جميع الأطراف، والمبعوث الأمريكي يقول: أنا معه وأنا وراءه وندعم ماتفعله الأمم المتحدة.

وعن سؤال لماذا حرب اليمن لم تعد اهتماما أمريكيا، وإنما كما لو أنها سلمت قرارها للمملكة العربية السعودية والإدارة الأممية؟ أجاب د. خوري: "أظن أن جزءا من التفسير هو نظرة شاملة لهذه الإدارة، وهي أنها تقوم بتقليص نشاطها ووجودها في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، بداية بالانسحاب من العراق وانتقالاً إلى الانسحاب من أفغانستان، وعدم طرح أفكار جدية بالنسبة لما يحصل في سوريا، وبالنسبة لوجود عسكري أمريكي صغير، ولكن أميركا موجودة لردود فعل، وليس لأخذ أي مبادرات في سوريا.

إذن في المنطقة ككل هناك تقلص للدور الأميركي، ومن جهة أخرى العالم يتغير من نظام القطبين إلى عالم متعدد الأقطاب، فإذا أخذنا الشرق الأوسط اليوم وأي مشكلة فيه بداية من سوريا، يجب أن تأخذ رأي روسيا وتركيا وإسرائيل وحتى الصين اليوم بباقي الخليج، الصين تلعب دورا قويا، وبرزت أخيرا بعد استعدادات دامت لعشرات السنين كقوة حقيقية، فالصين لأول مرة تأخذ مبادرات دبلوماسية حقيقية في المنطقة، أهمها المصالحة التي حدثت بين المملكة العربية السعودية وإيران بوساطة صينية مهمة، فهنا أين أميركا من هذه المصالحة، فبعد سنوات كانت أميركا هي المهمة بالنسبة لأي مبادرة تجاه إيران. اليوم أميركا بالنسبة لإيران أخذت المقعد الخلفي".

هل عدم تأثر اليمن بالتقارب السعودي الإيراني، مفاده أن هناك تراجعا للنفوذ الأمريكي مقابل تقدم للنفوذ الصيني؟

لا، بالنسبة لليمن الصين ليست مستعدة الآن، أظن أنها لعبت دورا بالتقارب السعودي الإيراني، ولكن الصين ينقصها الخبرة في الشرق الأوسط، والضلوع في شؤون سياسية في المنطقة، لكي تتدخل في اليمن، وأظن أن وزير الخارجية الصيني، سئل مباشرةً عن اليمن هل ستتوسطون لحل الأزمة في اليمن؟ قال بكل صراحة "لا"، فلا ننتظر من الصين اليوم، وهذا موضوع معقد بالنسبة للصين، ربما بعد سنوات يمكنها أن تلعب دورا، لكن الآن حاليا تنظر إلى الصورة الكبيرة في الشرق الأوسط وليس لكل دولة على حدة.

ماذا عن خلاصة جهود المبعوث الأميركي في اليمن ما الذي أنجزه هذا الرجل؟

أنا كنت على تواصل معه في أول عام من تعيينه، ونصحته إذا لم يكن لك أثر على الأرض بعد ستة أشهر ستخسر اهتمام المنطقة، ولن ينظروا إليك كفاعل أساسي فيها، فإما أن تقدم نشاطا معينا، وأفكارا معينة، وتدعمها بقوة رئيس الولايات المتحدة، وإلا دورك سيفقد أهميته، وأظن هذا ما حدث اليوم، اليوم يتحرك كينج هنا وهناك، ولكن لا يطرح أفكارا جديدة ويقول أشياء عادية، مثلا يجب على الأطراف أن تتصالح وتتفاهم وما إلى ذلك.

ماذا عن رؤيتك لدور المبعوث الأممي في اليمن جروندبرج؟

في الواقع إنه بالفعل نشيط، ويقوم بدوره على أتم وجه، اتصل بالجميع وقدم أفكارا معينة، أظن أن دوره كان الفاعل الرئيسي للهدنة، التي تتجدد تلقائيا، وأظن أنه يقدم أفكارا محددة، ويطرح مراحل لحل المشكلة اليمنية، بدايةً بالهدوء ووقف القتال على كل الجبهات، انتقالاً إلى مؤتمر يجمع الأطراف اليمنية والإقليمية، ومن ثم تفاهم حول طاولة واحدة للأطراف اليمنية كلها، حول أي مستقبل لليمن يريدون.

هل أصبحت حرب اليمن منسية أم أن السبب حرب روسيا وأوكرانيا التي أخذت أميركا من الشرق الأوسط نحو الصراع هناك في القرم؟

نستطيع أن نقول 90 % من اهتمام واشنطن هذه الأيام هو الحرب في أوكرانيا، والباقي هو تركيز على الصين والتحضير لمواجهة الصين بطريقة من الطرق، وأظن أن هناك حيرة من واشنطن، حيث ينظرون إلى الصين، على أنها المنافس الحقيقي والقوي لأميركا عالميا، ولكنهم لا يدرون تماما كيف يواجهون هذا التحدي، فهنالك استعدادات عسكرية، وهنالك خطوط تماس بين القوى الصينية والأميركية في المحيط الهادي وجنوب الصين، وهذا شيء خطير جدا، فبين الصين وروسيا تضاءل أي اهتمام أميركي لشؤون أخرى في الشرق الأوسط، وبالنسبة للتقارب الذي حدث بين السعودية وإيران.


أميركا اضطرت أن توافق وتقول: إذا كان هنالك سلم فنحن مع السلم في المنطقة، اليوم سمعنا أيضا بمناورات بحرية عسكرية مابين دول الخليج العربية وإيران، وهذا تطور جديد ويقلب الموازين تمامًا وليس لأميركا أي دور فيه.

ويقول د. نبيل خوري أن السعودية والإمارات أخذت زمام المبادرة، وتلعبان دورا قياديا في منطقة الشرق الأوسط، وأمنيا الإمارات سيطرت على جنوب اليمن وعلى الموانئ فيها وعلى مداخل البحر الأحمر، وبالنسبة للأرض فالمملكة العربية السعودية تتحرك تجاه إيران وتجاه الموانئ، التي تهمها على البحر الأحمر، وهنالك مناورات مشتركة بحرية بين أميركا والإمارات ومصر وإسرائيل، إسرائيل دخلت اللعبة، وتلعب دورا مهما في التحالف مع الإمارات، وبرغم إذا كان واشنطن تحب أو لا تحب الحوثيين، فهذا واقع يجب أن تتعامل معه، المملكة العربية السعودية غيرت من الموقف المعلن من أول الحرب، وهو إعادة الحوثيين إلى أماكن تواجدهم قبل الحرب، وتغيير الانقلاب، كل هذا تغير، اليوم السعودية تقبل بالحوثيين كواقع مفروض عليهم وكل ما يريدونه هو أن يؤمنوا بلادهم والمنشآت النفطية والحدود الجنوبية مع اليمن، فإذا كان هنالك تفاهم أمني بواسطة إيران، بأن لا يكون هناك تبادل إطلاق نار، وصواريخ مع الحوثيين، فالمملكة العربية السعودية مرتاحة أن تترك الوضع كما هو، وواقع الجنوب معقد، وتقريبا الإمارات تتولى ما يحصل في الجنوب، والولايات المتحدة متفرجة ولا تريد التدخل حاليا.

لماذا تترك اليمن وتهمل، هل تغيرت المعادلة في النظرة لميزان اليمن بشأن الأمن القومي؟

اليمن كدولة موحدة وقوية، يمكن أن تؤثر على موازين القوى في المنطقة ولكن هذا انتهى، المسألة الآن أن أي شيء يحصل في الجنوب، نسأل الإماراتيين، وأي شيء يحصل في الشمال نسأل المملكة العربية السعودية، ماذا عن تقاربكم مع إيران؟ ماذا عن علاقتكم مع الحوثيين؟ سيطروا على الوضع، وإذا كانت الممرات المائية آمنة بالنسبة لسفن النفط، التي تتحرك من الخليج عبر قناة السويس إلى أوروبا فبالتالي ماذا يهم، فالولايات المتحدة مستعدة أن تترك الأمر للأوروبيين.

كيف تفهم النفوذ السعودي- الإماراتي في حرب اليمن؟

في فترة القيادات الجديدة، محـمد بن سلمان ومحـمد بن زايد، وما يقولونه بأن حجم دولهم السياسي، لا يضاهي حجمهم الاقتصادي، وأن لديهم قوة اقتصادية مهمة، يجب أن تحول إلى دور سياسي قوي، وأيضًا خلافات بالرأي مع الولايات المتحدة منذ عشر سنوات بدأت وليست جديدة، تؤدي إلى عدم ثقتهم بالولايات المتحدة، ولذلك تحركوا ليفرضوا قوة ذاتية بقوتهم العسكرية، وتحالفاتهم في المنطقة، وهذا منطق الإمارات مع إسرائيل، فهي ترى فائدة أكبر بالتعامل مع إسرائيل، مما أن تتعامل مع الولايات المتحدة، وبالتالي هذه الدول اليوم ترى الوضع الإقليمي، والوضع العالمي بأن هنالك مكانا لهم، بأن يلعبوا دورا قياديا، وهذا ما يفعلونه، شاءت الولايات المتحدة أم أبت، وليس صحيحا أن الولايات المتحدة تملي على المملكة العربية السعودية، السعودية تتصرف بنفسها، برغم أنف الولايات المتحدة، وتستقبل من تريد ولا تستقبل من لا تريد.

النفوذ في المشهد اليمني ليس سوى نفوذ أميركي بريطاني، إلى أي حد هذا المنطق غير صحيح؟

هذا غير صحيح، أنا لا أرى أبدًا أن الولايات المتحدة تحرك الأشياء، بل تتحرك من وراء الأمم المتحدة، ومنذ فترة قررت السعودية تقليص تصديرها للنفط بمعنى رفع أسعار النفط، وحاول الرئيس بايدن مباشرةً بالحديث مع الملك، ومع ولي العهد في المملكة، بأن يؤثر على قرارهم ولم يصغوا له، وبالنسبة للعلاقة مع إيران، الولايات المتحدة بنفسها تراجعت، وكانت إدارة بايدن تود العودة للاتفاق النووي مع إيران، ولكن بعد الثورة التي حصلت والانتفاضة في إيران تراجع الدور الدبلوماسي الأميركي، فإذّ بالمملكة العربية السعودية تقفز إلى هذا المكان، وتبدأ حوارا سياسيا مع إيران، فبالتالي مايحصل مع إسرائيل، ما يقال عنه التطبيع مع إسرائيل، لم تكن مبادرة لهذه الإدارة، بل أخذتها إدارة ترامب سابقًا لأسباب مالية أنانية، ولم تكن بتفكير استراتيجي، أو مصلحي، ولكن إدارة بايدن مشت وراء هذه المبادرة، وحاولت إقناع المملكة العربية السعودية بفتح علاقات مع إسرائيل، ولكن السعودية ترفض حتى الآن، ولديها شروط معينة وتنتظر ظروفا معينة.

وأيضا ماتفعله الحكومة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، الذي تحكمه بالقوة في فلسطين، أميركا مستاءة منه، ومن تصرفات اليمين الإسرائيلي، ولكن اليمين الإسرائيلي هو الحكومة اليوم، ولديه تقريبًا أكثرية في المجتمع الإسرائيلي، وأميركا لا تفعل أي شيء، وتترك الأمور تتدحرج من مصيبة إلى مصيبة أكبر في الداخل الإسرائيلي وعلى الحدود.

وعن تخوف واشنطن من إيران وذراعها الحوثيين في اليمن يجيب د. خوري : "في الواقع واشنطن لم تكن أبدًا متخوفة من الحوثيين، ولم يكن هنالك علاقة مباشرة بين واشنطن والحوثيين، ولو سألت أغلب السياسيين هنا، لا يحبذون علاقة مع الحوثيين، ولكن هنالك نوع من تقبل، وليس هنالك تخوف، فالقوة العسكرية الأميركية لم تتغير، مازالت أميركا الأقوى عالميًا، عسكريا أقوى من الصين وروسيا مجتمعتين، ولكن النفوذ الأميركي يتقلص، وهم يرون أن الحوثي مسيطير على اليمن الشمالي فليظل مسيطرا هناك، هل يؤذي أميركا مباشرة؟ لا يؤذيها، إذن هي غير متخوفة منه، أو من إيران.

تحاول إدارة بايدن جاهدة، ألا تكون هنالك حرب مع إيران، ولكن بالنهاية إذا اضطرت أن تحارب إيران، فأميركا عسكريا أكثر من مستعدة، وتستطيع أن تدمر إيران كلها، وتفضل ألا تصل الأمور إلى هذا المستوى، وما يحصل على الأرض أن التحالف العربي اليوم تقبل الحوثيين وهنالك تأثير لإيران بالوضع ولكن التقارب الذي يحصل مع إيران معناه إذا استاءوا من تصرفات الحوثي، يستطيعون أن يقولوا لإيران تفضلوا أثروا على أصحابكم في صنعاء، وهذا ليس الوضع الأفضل بالنسبة للشعب اليمني، ولكن بالنسبة للقوى الدولية والإقليمية مستعدة أن تترك الوضع كما هو.

أيمكن القول أن حرب اليمن مصيبة يمنية، ولن تكون مضخة صراع للأمن القومي العربي والمصالح الدولية؟

هذا تماما ما يحصل، هنالك نوع من احتواء للمشكلة اليمنية، الاحتواء معناه اذا الصراع في اليمن لم يمتد للتأثير على المنطقة ككل انطلاقا من سفينة صافر وإمكان تلويث البيئة بالنفط، ونفس الشيء بالنسبة للعنف والحرب في اليمن، إذا أصبحت يمنية- يمنية فقط، ولا تؤثر على المنطقة ككل، فيمكن أن يترك الوضع لليمنيين، فلذلك المشكلة أصبح تأثيرها الأكبر على اليمن، وليس على المنطقة ككل، بالتالي على اليمنيين والأطراف اليمنية أن يجتمعوا، ويجب أن يتصفوا بنوع من الواقعية، فالأطراف اليمنية لا يمكن أن يستمروا بإطلاق التهم والإهانات لبعضهم البعض، بل أن يتقبلوا بعضهم البعض مع كل الاختلافات ويتفاهموا على كيف سيعيشون مع بعض.

إلى أين تمضي حرب اليمن والمعادلة الدولية لها؟

أنا شخصيا دائما أفضل الوحدة في البلدان العربية، وليس التشرذم، العالم العربي ضعيف ومشرذم واذا كان موحداً افضل من ان يكون مشرذمًا، فاليوم الوحدة افضل للشعب اليمني ، ولكن الوحدة لا يمكن ان تفرض بالقوة اما ان تكون مرضية لجميع الاطراف او لا تكون، واليوم اصبح من الصعب العودة إلى يمن موحد، اليوم الجنوب يأخذ مبادرات باتجاه دولة جنوبية مستقلة عن الشمال واظن من الصعب ان يتغير هذا الوضع.

خلف الجنوبيين تقف دولة الإمارات، وإذا ما تقلص الدعم المالي الإماراتي فلن يكون هناك انفصال، ماتعليقك؟

أميركا أيضا تنظر إلى السعودية والامارات بهذا المنظار، أنكم اذا اردتم أن يكون اليمن موحدا يجب ان تلعبوا دور أوضح واقوى ولكن واضح ان التحالف العربي غير مهتم بوحدة اليمن، الامارات لا يهمها ما يحصل في شمال اليمن ابدًا طالما اذا الحوثيين لم يهاجموهم مباشرةً الامارات مكتفية أن تهتم بالجنوب والموانئ التي تسيطر عليها، وهي التي تحرك أحجار الشطرنج في جنوب اليمن، لا تريد، وغير مهتمة أن تلعب دورا في توحيد اليمن.

المعادلة اليمنية على أرض الواقع تقول بأن مأرب إذا سقطت بأيدي الحوثيين، فأول خطوة للحوثيين هي عدن وحضرموت، سواء كانت الإمارات تدعم الانفصال أو لم تكن تدعم الانفصال ما رأيك في ذلك؟

هناك أشياء تمنع ذلك، أولاً ، يجب أن يكون هنالك نوعا من الواقعية، لو شبهنا الأمر بزواج، وإذا وصل الزواج بأنه غير منتج وغير مثمر، ويجب أن يكون هنالك انفصال، فالأفضل أن يكون الطلاق بالتراضي، ويجتمع الطرفان ويقتسمون الأشياء، ويقرران كيف ستكون علاقتهم إلى آخره، فاليوم مابين الجنوب والشمال سيكون هنالك طلاق، فيجب أن يكون بالتراضي والتفاهم، وكيف ستكون علاقتنا، وإذا كان هل ستكون علاقة كونفدرالية أو غير ذلك، يجب أن تناقش مباشرةً، بالنسبة لمأرب فالحوثيون مسيطيرون على الشمال وهذا واقع، يريدون أن يؤمنوا مصادر اقتصادية ونفطية ومخرجا للبحر، وإلا لن يكون لهم استقلالية أو استقرار، وهذا ما يستطيع الجنوب أن يمنحهم بالتفاهم، ولكن إذا لم يتفاهموا على ذلك، فالحرب ستستمر بينهم، فاليوم هناك هدنة، وهدوء نسبي مهم، ولكن إذا لم يحصل الحوثيون على الاقتصاد والمنفذ البحري المهم لهم، فبالتالي سيعودون إلى الحرب، وأما إذا حصلوا عليه بتفاهم وتقاسم نفط وتقاسم الميزانية لليمن ككل، فممكن أن يصلوا لتفاهم من هذا النوع.

هنالك في اليمن معادلة مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء خلفا للرئيس هادي؟

الواقع المؤسف ليس لهم موطئ قدم في اليمن، ففي هذه المعادلة الجنوبية والشمالية، أين دور الحكومة؟ وأين تسكن؟ إذا في حضرموت، أين في حضرموت؟ وماذا يريد أهل حضرموت؟ هل يريدون أن يكونوا في دولة ثالثة، أم يريدون الدخول في دولة جنوبية؟ هذا غير واضح الآن، ولكن الشرعية تقلصت منذ أيام هادي، والآن مع الأسف الشديد لم يستطع هذا المجلس الرئاسي أن يلعب دورا قياديا، لتوحيد كلمة اليمنيين، ولفرض دور مهم لحكومة مركزية.

أتتوقع أن يحظى المجلس الرئاسي بدعم إقليمي ودولي، أم أنه فقط كاليتيم على موائد اللئام؟

بالنسبة للإقليم والعالم الدولي التمسك بالشرعية والمجلس الرئاسي كالتمسك بورقة التين "التوت" ، هنالك حكومة شرعية معترف بها دوليًا، ولكن هذا كلام ولا يترجم لأي شيء في الواقع، من يفرض للعليمي سلطته في اليمن، لا أميركا ولا المملكة العربية السعودية التي تستضيفه طبعًا، وتستضيف كثيرا من اليمنيين، ولكن لا تفرض لهم دورًا سياسيا، إذا لم يستطيعوا أن يفرضوه لأنفسهم.

وعن اتجاهات حرب اليمن يقول د. نبيل خوري إنها تتجه إلى تقسيم اليمن، ولكن هل سيكون هذا التقسيم على تفاهم واستقرار، أم سيكون معرقلا بمشاكل معينة، إذا لم يتم التفاهم عليها، فلنقل الجنوب يريد أن يكون دولة واحدة مستقلة، ولكن هنالك أطراف جنوبية غير متفاهمة، نعرف في التاريخ الجنوبي والمذابح التي تمت، وحرب أهلية في الثمانينيات، والفرق مابين منطقة لحج، ومنطقة غرب الجنوب، وشرق الجنوب، ليس هنالك تفاهم واضح، ويتحدثون عن دولة جنوبية فدرالية، يعني هذا تفاهم مابين أطراف الجنوب أنفسهم، لنقل أعلن عن دولة جنوبية لن تكون مستقلة لأن الإمارات مسيطرة عليها ومسيطرة على قراراتها، وهل سيكون الأمن مستتبا فيها، أم لا، لأنه لا يوجد تفاهم سياسي واضح بين كل الأطراف الجنوبية، وثالثا هل هنالك حوكمة رشيدة؟ هل الأوضاع الإنسانية من عدن إلى المهرة، تؤمنها أي حكومة جنوبية؟، المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي هل يؤمن حياة أفضل للمواطن اليمني الجنوبي؟ لحد الآن هذا غير واضح، وغير مضمون، وبالتالي نعلن دولة جنوبية، ولكن لن تكون مستقلة داخليا، ولن تكون مزدهرة، ولن تكون على علاقة متفاهمة مع الشمال، بمعنى إذا لم يتم تقاسم الموارد الاقتصادية، ستستمر الحرب مع الشمال، فإذن ماذا استفدنا من هذه الدولة الجنوبية؟ فهناك تحديات كبيرة، ولكن أرى أن الأمور تتجه إلى تقسيم، وتقسيم غير واضح المعالم، وغير مستقر على الأقل في السنوات القليلة القادمة.

ماهي كلمتك الأخيرة للشعب اليمني؟

أنا -وبحكم خبرتي في الشرق الأوسط- أرى أن الشعب اليمني من أفضل شعوب المنطقة، كأفراد، وهناك تعددية في اليمن، ولكن الكل -بالنسبة لي- يمنيون، وأنا سافرت في كل أنحاء اليمن، ولا أجد مفارقات بينهم، إلا بأشياء تغني اليمن ولا تفقره، هذه التغيرات القبلية كلها جيدة، ولكن على أساس يجب أن يكون هنالك تفاهم سياسي واضح، للاستقرار، والشعب اليمني ممكن أن يكون أفضل دولة، وأغنى دولة في المنطقة، حتى بدون نفط، ولكن يجب أن يكون هنالك لحمة وتفاهم واضح، على أي أساس نستمر، وأي نوع من اليمن نريد مستقبلا؟ -حتى لو قسم- ممكن أن يقسم بتراضي وتفاهم ومستقر، وهذا مالا نجده اليوم، وأتمنى للشعب اليمني أن يترك التأثيرات الخارجية، بداية بالإقليمي وتدخل الدول الإقليمية، الشعب اليمني كفيل بأن يحل مشكلته الآن، وهنالك فرصة مهمة لأن يفعل ذلك، وهذا يأخذ نشاطا دبلوماسيا مهما، ومبادرات مهمة تأتي من اليمن، ولا تنتظروها من أي مبعوث، لا أممي ولا أمريكي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى