كبار السن باليمن شريحة مستضعفة تفتقر للحماية الاجتماعية والرعاية الصحية

> :عبده أحمد

> دراسة ميدانية استهدفت المناطق الأشد فقرًا في مديرية الشيخ عثمان
98 % من كبار السن أكدوا تأثرهم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود ومشتقاته

> يعتبر كبار السن من بين الشرائح التي تأثرت وبشدة بأزمة الغذاء والوقود والأزمة المالية الحالية، حيث تبلغ نسبة كبار السن (60 سنة وما فوق) 4.7 % من إجمالي عدد السكان في اليمن، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة. يعيش كبار السن إما في فقر أو معرضين لخطر الفقر، لأنهم غالبًا ما يفتقرون إلى الدخل المادي، وكذلك يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية والخدمات الضرورية كالرعاية الصحية. وللبقاء على قيد الحياة فإنهم يعتمدون على أسرهم أو أقاربهم، ولكن في ظل النزاع المسلح الدائر في البلاد والذي رافقه انعدام الأمن الاقتصادي، فإن معظم الأسر تكافح من أجل توفير أساسيات الحياة لأفراد الأسرة، ناهيك عن كبار السن في أسرهم. وإضافة لذلك، يفتقر كبار السن إلى أي شكل موثوق من أشكال الدعم الاجتماعي الحكومي.

يوجد في اليمن أربعة هياكل معاشات تغطي بشكل أساسي العاملين في القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الأمني والقطاع العسكري. ومع ذلك، باستثناء المعاشات التقاعدية لموظفي القطاع العام، كانت هذه الهياكل ذات تغطية منخفضة حتى قبل النزاع المسلح، ومنذ اندلاع هذا النزاع المسلح فقد الكثير من العاملين في كل القطاعات وظائفهم ناهيك عن رواتب التقاعد، وحتى أولئك الذين ما يزالون في وظائفهم وما يزالون يستلمون رواتبهم، فإنهم يعانون بسبب انخفاض سعر صرف الريال إلى مستويات غير مسبوقة، فمثلا كان الراتب التقاعدي لموظف في قطاع الأمن 35000 ريال وهذا يساوي 150$ تقريبا قبل بداية الحرب، أما الآن وحتى بعد زيادة الرواتب إلى الضعف لتصل إلى (70000 ريال) صار الراتب التقاعدي يساوى تقريبا 18$ فقط لا غير. وبالإضافة إلى ذلك، أدى الافتقار إلى توفر السكن أو بدل السكن المجزي، فضلا عن محدودية دور رعاية المسنين، إلى ترك العديد من كبار السن بلا مأوى وفي حالة عوز شديد.

وبشكل عام، تم إجراء القليل من الأبحاث والدراسات حول كبار السن واحتياجاتهم في اليمن، بما في ذلك تلك المتعلقة بالآثار الحالية لأزمة الغذاء والوقود، والأزمة المالية وخاصة في ظل الأزمات الحالية والسابقة من الصراع الدائر في البلاد، وأزمة وباء كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية. وفي هذا الإطار، أجرت منظمة ملتقى صناع الحياة (LMMPO) بالتعاون مع منظمة هلب إيج (HelpAge International) دراسة ميدانية حول هذا الموضوع في نهاية 2022.

حيث استهدفت الدراسة المناطق الأشد فقرا في مديرية الشيخ عثمان وهي كود العثماني، حي المهاجرين، الممدارة والمحاريق. وهدفت الدراسة إلى إثبات وتقييم آثار أزمات نقص الغذاء والوقود والدخل المالي، خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضا الصراع المستمر في اليمن على حياة كبار السن من النساء والرجال في مديرية الشيخ عثمان، بمحافظة عدن، ومن ثم إشعار السياسات الوطنية والإقليمية والعالمية ودعم جهود المناصرة في هذه القضية. نتائج الدراسة تقدم العديد من التوصيات السياسية الرئيسية، لمواجهة التحديات الضخمة التي تواجه كبار السن في اليمن.

حيث كانت عينة الدراسة هي عبارة عن 52 مشاركا-مستجيبا (21 إناث & 31 ذكور) مفصلين كالتالي: 35 كبار سن، 11 أقارب كبار سن، و6 من جهات حكومية-رسمية.

أهم نتائج الدراسة:
  • مظاهر تجلي الأزمة على كبار السن
• اتفق 98 % من المشاركين الذكور والإناث من كبار السن على تأثرهم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود ومشتقاته، حيث تدهور الوضع الاقتصادي للأسرة بشكل كبير وحدث خلل في نفقات الأسرة.

• أكد 68 % من المشاركين الذكور على أن شراء المواد الغذائية يكون بشكل يومي.

• لاحظ 46 % من المشاركين تجليات الأزمة في تراكم الديون على أسرهم.

• صرح 14 % من المشاركين الرجال بعدم قدرتهم على شراء الأدوية للأمراض المزمنة.

• أشارت 72 % من المشاركات من كبار السن إلى أن الأزمة أثرت سلبًا على قدرتهن على تلبية الاحتياجات الأساسية ومتطلبات الأسرة.

• أشارت 17 % من المشاركات إلى أن الأزمة كان لها أثر نفسي خطير عليهن مما تسبب في القلق والتوتر لديهن.
  • تأثير الأزمة على المدخرات والديون
• وافق 52 % مشاركًا من الذكور على أنه يتعين عليهم بيع الكثير من الأدوات المنزلية أو الأشياء الثمينة لمواجهة الأزمة، في حين أكدت 83 % من المشاركات النساء على بيع ممتلكات لمواجهة الأزمة، مثل الذهب أو أسطوانة الغاز أو الأثاث أو أي أدوات منزلية أخرى.

• أشارت 61 % من المشاركات النساء أنه لم يعد لديهن أي أصول للبيع في حين أشار 29 % من المشاركين الرجال إلى عدم وجود مدخرات لديهم في المقام الأول.

• أشار 18 % من المشاركين الرجال إلى أنهم لم يتمكنوا من اقتراض أي أموال أخرى بسبب عدم سداد الديون السابقة.
  • تأثير الأزمات على استخدام مصادر الطاقة والغذاء
• صرح 82 % من المشاركين الذكور أنه بسبب الأزمة قاموا بتقليل الوجبات إلى وجبتين أو أقل، كما أن الوجبة الواحدة أصبحت أصغر حجمًا، وكذلك صرحت 67 % من المشاركات النساء إنهن يقللن من كميات الطعام ويستبعدن العديد من المواد الغذائية.

• أكد 64 % من المشاركين الرجال أنهم استبدلوا الغاز بالحطب، نظرا لسعر الغاز المرتفع وكذلك 44 % من النساء قمن بالمثل.

• أفاد 46 % من المشاركين الرجال والنساء أنهم لجأوا إلى توصيل أسلاك الكهرباء بشكل عشوائي من مصادر مختلفة.

• عانت 39 % من المشاركات النساء من أمراض بسبب الجوع المستمر وقلة مصادر الطعام المغذي، حيث أن 17 % منهن يصمن يومًا ويفطرن في اليوم التالي.
  • مدى الحرمان من الخدمات
• وافق 60 % من المشاركين الذكور والإناث على حرمانهم من الخدمات الأساسية التي من المفترض أن توفرها الدولة.

• أشار 22 % من المشاركين الذكور والإناث إلى أن المساعدات من المنظمات الإغاثية قد توقفت.
  • تأثير الأزمة على خدمات الرعاية الصحية
• أكد 64 % مستجيبًا على عدم قدرتهم على الحصول على خدمات الرعاية الصحية بسبب ارتفاع تكاليف الفحص الطبي والأدوية وكذلك تكلفة التنقل.

• أشار 50 % من المشاركين الذكور إلى عدم قدرتهم على دفع تكاليف الأدوية، وبالتالي لجأوا إلى شراء الأصناف التجارية ذات الجودة الرديئة.
  • ملاحظات رصدها الباحثون والباحثات خلال الدراسة الميدانية:
• بعض المستجيبين يعيشون في منازل غير ملائمة للمعيشة، بالذات في حي المحاريق والذي يعتبر من أفقر التجمعات السكانية في عدن.

• تدني الروح المعنوية لدى بعض المشاركين.

• توجد هناك معاناة نفسية ومالية خاصة بين منتسبي الجيش و/ أو المتقاعدين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر.

• وجود إحساس عميق بالحزن والمآسي والصدمات النفسية وفقدان الأمل في عيون بعض المستجيبات.

• تبدو النساء المستجيبات نحيفات للغاية إلى الحد الذي يُقدم تأكيدًا بأن ذلك يعود إلى سوء التغذية.

• عبّرت العديد من المستجيبات عن أملهم – على الرغم من الإحساس العام باليأس – بأن يتم توفير الفرص لكبار السن لإنشاء أعمالهم التجارية المناسبة لأعمارهم.
  • توصيات الدراسة:
الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الحكومة المركزية وعلى مستوى المحافظة:

• يجب أن يتلقى كبار السن الاهتمام الكافي من البرامج الحكومية ذات الصلة. ويمكن تحقيق ذلك عبر ما يلي:

- تشكيل لجنة حكومية بتوجيه من مجلس الوزراء تتمثل مسؤوليتها في دراسة ظروف واحتياجات كبار السن.

- تخصيص عيادات محددة في كل حي لتكون في متناول كبار السن الذين لا يستطيعون أو يجدون صعوبة في الانتقال إلى المراكز الصحية.

- إدراج برنامج محددة تدعم كبار السن ضمن برامج الحكومة الإنسانية والتنموية.

- إشراك كبار السن والمتقاعدين في أنشطة صندوق الرعاية الاجتماعية.

الإجراءات التي يجب أن تتخذها المجالس والسلطات المحلية:

• توفير مساحة لسماع أصوات كبار السن ومشاكلهم والاستجابة لها.

• تحتاج بعض برامج والسلطات المحلية إلى تخصيص مكونات وموازنات برامج محددة لدعم كبار السن.

الإجراءات الواجب اتخاذها على مستوى المجتمع المحلي:

• السماح بتكوين الجمعيات ودعم الشراكات المجتمعية التي تنتج برامج تشمل رعاية كبار السن.

• تقديم التوجيه المجتمعي حول سبل تحسين الظروف المعيشية لكبار السن وأسرهم.

الإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى الدولي:


• يجب تطوير استراتيجية مشتركة ورؤية على المستوى الدولي لدعم هذه المجموعة التي تعتبر شديدة الضعف.

• يُمكن للحكومة اليمنية إقامة اتصالات محددة مع الوكالات الإنسانية والإنمائية الدولية لتسليط الضوء على مشاكل الفئات الضعيفة المختلفة في اليمن، بما في ذلك كبار السن.

• تصميم وتنفيذ برامج واستراتيجيات محددة كجزء من إعادة الإعمار والتنمية بعد انتهاء الصراع، جنبًا إلى جنب مع برامج بناء السلام التي تراعي احتياجات كبار السن.

"ملتقى صناع الحياة (LMMPO)"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى