"الأيام".. صحيفة الشعب في ذكرى تأسيسها الـ 65

> عكست "الأيام" على مدار تاريخها نبض الشارع وتطلعات وآمال المواطن في عدن وعموم اليمن، فقد كانت صحيفة جامعة لكل دوائر اهتماماته وقضاياه سواءً أكانت المعيشية أو السياسية أو الثقافية أو الرياضية، فهي من أكثر الصحف شعبية وانتشارا وحضورا، فتحت صفحاتها لكل التيارات، واستحوذت على حب القارئ، فقد كانت وما زالت مشعلا للتنوير، واستمرت على الدوام وبنفس النهج الذي وضع أركانه مؤسسها محمد علي باشراحيل، رحمه الله، فظلت منحازة دوما للمواطن في استعادة حقوقه ووسيلة لإيصال صوته ورفع المظالم عنه، ومثلث الحاضنة للقضية الجنوبية والدافع الرئيسي لانطلاق الحراك السلمي الجنوبي، وأسهمت في إيصالها للمحافل الدولية، وتقلدت بكل جدارة وسام صحيفة الشعب الأولى، وحازت مرتبة رفيعة من بين كل الصحف.

فالبدايات الأولى لتأسيس الصحيفة في 7 أغسطس 1958م، ومن معاودة صدورها من جديد في 7 نوفمبر 1990م، ومراحل تدرج صدورها إلى أن أصبحت يومية بعد إعادة إصدارها الثاني والصعوبات التي واجهتها، كل تلك المواضيع تطرقت لها في تقاريري المنشورة في الأعوام السابقة، حيث يمكن للقارئ الكريم ولكل باحث ودارس ومهتم الاطلاع عليها في مراجع الأعداد التالية: ("الأيام" بعد إعادة إصدارها.. 15 عاما من رحلة الحرف المضني، العدد 4630 بتاريخ 8 نوفمبر 2005م) – ("الأيام" مشوار كفاح وتاريخ مجيد، العدد 5788 بتاريخ 7 أغسطس 2014م) – (في الذكرى الـ 60 لميلاد "الأيام"، على ثلاثة أعداد متتالية: 6295 – 6296 – 6297 بتواريخ 7 و8 و9 أغسطس 2018م).

تميزت الصحيفة بأنها متنوعة الأخبار، وكانت العديد من الإذاعات في الداخل والخارج مثل إذاعة لندن يستعينون بأخبارها دون الإشارة إلى مصدرها، حيث يتم إذاعة أخبار الصحيفة على أنها وردت في بعض صحف عدن، وكانت بدايات طباعتها متواضعة، حيث كانت تطبع على آلات قديمة وحروف تنضيد رصاصية يدوية.

وقد استعرضت الصحيفة في بداية أعدادها رسائل التهنئة من قبل القراء معبرين عن إعجابهم وفرحتهم بمناسبة صدورها، وحصولهم على متعة مطالعتها عند قرأتها من ألفها إلى يائها، وقد تقدم بعض الطلاب بطلب تخصيص ركن خاص في الصحيفة أول حديث أجرته مع النقابي إدريس حنبلة، الذي كان حينها رئيسا للاتحاد الرياضي والنقابي، كما كان الصحفي والكاتب التقدمي عبدالله باذيب، رحمه الله، محررا لباب (ويسألونك) يجيب فيه على أسئلة القراء التي يرسلونها، وكانت تنشر الصحيفة في كل جمعة مقتطفات من أقوال الصحافة العالمية في باب عُرف بـ "أقوال الصحافة الأجنبية" إلى جانب نشر خطابات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما أفردت بنشر حلقات لمحاضرات عن الدستور البريطاني، وفي الجانب الأدبي نشرت على سلسلة حلقات أعمال الأديب القاص أحمد محفوظ ، بالإضافة إلى اهتمامها بقضايا المجتمع والمرأة.

كانت "الأيام" من أبرز الصحف في شارع الصحافة العدنية وفي المحميات الجنوبية والشرقية بخطها الوطني وبمواقفها القومية، وأسهمت في صناعة الوعي أثناء مرحلة الكفاح المسلح لنيل الاستقلال بدعمها ومساندتها للشعب، وإبرازها لهوية الجنوب العربي ورفضها لكل أشكال الاستبداد والهيمنة الاستعمارية، وجعلت منبرها لجميع التيارات الوطنية على مستوى عدن والمحميات، وقد مثلث كتابات مؤسسها الراحل مرجعا زاخرا لتاريخ هذه البلاد مستلهما وقائع الأحداث بوعي وإدراك وطني، فكثير من كتاباته إسقاطا لواقعنا اليوم وما نعانيه، فقد كان ذا بُعد نظر ورؤية ثاقبة، وكانت أفكاره وأقواله سابقة لعصره بمراحل.

عادت "الأيام" من جديد في عام 1990م بعد توقفها في أبريل 1967م بسبب قرار حكومة الاتحاد الفيدرالي بإلغاء كافة تصاريح الصحف التي زخرت بها عدن، أثناء حقبة الإدارة البريطانية، وسارت بالطريق الذي رسمه مؤسسها، وقد رسخ هذا الطريق والتوجه ولداه الناشران، هشام رحمه الله، وأخوه تمام، أطال الله في عمره، ما مكنها من احتلال موقع مرموق وريادي بين الصحف والمطبوعات الصادرة، فتدرجت على مراحل منذ إعادة صدورها بدءًا بالأسبوعية حتى امتلكت مطبعتها الخاصة في 1996م لتصدر مرتين ومن ثم ثلاث مرات، حتى أصبحت يومية في 2001م، كما شهدت الصحيفة تطورا هاما بطباعتها بالألوان في 2005م، ليمتد نحاجها إلى يومنا هذا، لتثبت صدارتها في مضمار الصحافة الإلكترونية منذ دخولها هذا المجال في العام 1997م.

مرت الصحيفة طيلة مشوارها بصعوبات وعراقيل منذ بداية صدورها، حيث تم إيقافها مرتين في عهد الاستعمار البريطاني، ومرتين في إصدارها الثاني، ومع تصاعد التوترات في الجنوب زاد حضورها المكثف في جميع المحافظات اليمنية وزاد إقبال الناس على اقتنائها وهو ما جعلها لسان حال المواطن، بعد أن فشل نظام صنعاء من احتوائها بعد حرب 1994م لكنها أوقفت بقوة السلاح في العام 2009م واعتُقِل حينها رئيس تحريرها ونجلاه.

وبعد حرب 2015م تعثرت كثير من الصحف الورقية، فتغير مزاج كثير من القراء إلى المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي لمعرفة الأخبار، إلا أن "الأيام" بقيت مستمرة ومتصدرة سواءً كصحيفة ورقية، بالرغم من ارتفاع كلفتها الطباعية، نتيجة للأوضاع الاقتصادية بعد الحرب، أو كموقع أخباري إلكتروني هو الأوسع انتشارا بين جميع المواقع الإخبارية المحلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى