هذا رأينا بعملية التسوية ومتطلبات القبول الجنوبي بالتفاوض

>
هناك خوف وقلق جنوبي مشروع من عملية الإصرار على اختزال التفاوض بين ثنائية (الانقلاب والشرعية) مع غموض صيغة وقواعد عملية التسوية النهائية بكاملها، وينسحب مثل هذا الغموض أيضًا على الموقف الحقيقي والنهائي لرعاة التسوية أنفسهم، مهما أعطيت من إشارات إيجابية خجولة من قبل البعض منهم، فقد جعلت من الجنوب وممثليه مجرد مشارك بفريق ( الشرعية ) التفاوضي وغير مستقلًا عنه، وهذا هو الالتفاف بعينه على قضية شعب الجنوب الوطنية، فالجنوب ووفقًا لهذه الوضعية التفاوضية يتم التعامل معه والنظر لقضيته، كما لو أنها جزئية صغيرة أو هامشية في ملف التفاوض، ولا تمثل في نظرهم قضية وطنية وسياسية وتاريخية مستقلة بحد ذاتها وتخص الجنوب وشعبه، وبغض النظر عن تداخل وتشابك وتعقيدات الأوضاع القائمة اليوم في ( الجمهورية اليمنية ) عمومًا ولأسباب معروفة، فإن ذلك لا يبرر هذه الصيغة للتفاوض أو التعامل مع الجنوب وقضيته بهذه الكيفية المثيرة للاستغراب، ولا ينبغي أن تختزل العملية بالتفاوض الثنائي بين ( الشرعية وبمن أنقلب عليها ) لأن ذلك لا يعني غير البحث عن حلول وتسويات ترضي الطرفين وحل مشكلة التنازع التاريخي على السلطة في صنعاء.

ولذلك فإن السير على هذا الطريق الأعوج والمنافي للمنطق والمنكر للحقائق والمعطيات التاريخية، وقبل أن يضمن الجنوبيين الحق الكامل في تمثيل قضيتهم بصفة مستقلة، والتعبير عنها ووفقًا لرؤيتهم للحل العادل والدائم، وقبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات بالضرورة، وبغير ذلك لن تقود عملية التسوية إلى تحقيق السلام، ولن تصل بصيغتها الشاملة إلى بر الأمان، وسيكتشف الجميع إقليميًا ودوليًا، بأن رغبتهم وكل جهودهم الهادفة لإيقاف الحرب وتحويل الهدنة المزعومة إلى سلام دائم، من أنها ستصطدم لا محالة بالتصورات القاصرة وغير الواقعية، وبالآليات التي وضعت لعملية التفاوض والتسوية الشاملة، بكونها قد قفزت مع الأسف على قضية وطنية لشعب يعيش على أرضه ومتمسكًا بحقوقه ومصممًا على استعادة دولته الوطنية الجنوبية المستقلة، ولن يقبل بأن تكون قضيته هامشية على طاولة التفاوض، أو ترحيلها إلى ما بعد التسوية النهائية القائمة على توافق (الانقلابيين والشرعية).

لهذا ولغيره الكثير من الأسباب، لن يقبل الجنوب بأن تبقى قضيته رهينة بيد خصومه وأعداء قضيته، حتى يتوافقون عليها وبما يلبي أهدافهم (الوحدوية المزعومة)، وما على الجنوبيين حينها، غير الانتظار لما قد يجود به (كرمهم) وتلبية بعض مطالبهم الحقوقية.

وبكل تأكيد لن يقبل شعب الجنوب كذلك البقاء معذبًا وتحت رحمة حرب الخدمات التي حولت حياته إلى جحيم، بهدف مساومته ومقايضته بالتنازل عن قضيته، مقابل الوعود بحلول لمشكلاته التي اختلقوها وكانوا خلفها لتحقيق غايتهم الشيطانية هذه، ولا سبيل أمامه غير الصمود على الجبهات مهما كلفه ذلك من تضحيات، وسيستمر في حربه على الإرهاب الذي زرعت خلاياه المتعددة المهام والأهداف، وصدرته وما زالت تصدره إلى الجنوب، قوى النفوذ والتطرف والإرهاب المعروفة بعدائها لشعبنا الجنوبي، وبكل صفاتها ومسمياتها ويتحرك بدعمها ورعايتها الدائمة.

ولأن الأوضاع قد وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم في الجنوب، فلم يعد ممكنا القبول بها أو التعايش معها، فإن المسؤولية الوطنية تتطلب من الجنوبيين بالضرورة الإقدام على اتخاذ الكثير من الإجراءات والخطوات الوطنية المدروسة والمنظمة والشجاعة للدفاع عن قضيتهم، واستكمال ما تبقى على صعيد الحوار الوطني الجنوبي، لما لذلك من أهمية استثنائية بالغة على صعيد تقوية وحماية جبهة الجنوب الداخلية؛ ووضع حد لهذا العبث الذي يجعل من شراء الوقت قاعدة ذهبية لتنفيذ مخطط التآمر على حاضر الجنوب وغده ومستقبل أجياله القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى