ما فرص مصر في استعادة آثارها من بريطانيا؟

> فتحية الدخاخني

> أعاد الجدل الدائر حاليًا في العالم بشأن سرقة قطع أثرية من المتحف البريطاني في لندن، التساؤلات حول فُرص مصر في استعادة آثارها من بريطانيا. وعدّ آثاريون مصريون أن الحادث «ربما يكون فرصة لتجديد المطالبة باسترداد حجر رشيد المعروض في المتحف البريطاني».

وتعرّضت «نحو ألفي» قطعة فنية للسرقة من المتحف البريطاني، تم استرجاع بعضها، بحسب ما أُعلن أخيرًا. وتسبب الحادث في استقالة مدير المتحف، هارتويج فيشر، كما تنحى نائبه جوناثان ويليامز حتى تنتهي التحقيقات، إثر ما تعرضا له من ضغوط، منذ الإعلان في 16 أغسطس الماضي، عن فقدان سلسلة قطع من مجموعات المتحف، يعود بعضها إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد.

وطالب عالم المصريات، وزير الآثار المصري الأسبق، الدكتور زاهي حواس، باسترداد حجر رشيد على خلفية الحادث. وقال في بيان صحافي: إن «ما حدث في المتحف البريطاني (كارثة كبرى)». وأضاف أن «وجود حجر رشيد داخل المتحف البريطاني (خطأ كبير)؛ لأن هذا الحجر هو أيقونة الآثار المصرية، ومكانه يجب أن يكون في المتحف المصري الكبير بمصر».


ويرجع تاريخ اكتشاف حجر رشيد إلى يوليو عام 1799، عندما عثر عليه أحد ضباط الحملة الفرنسية بمدينة رشيد، وبعد خروج الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت من مصر، انتقلت ملكية الحجر، ومجموعة أخرى من الآثار التي عثر عليها الفرنسيون في مصر، إلى بريطانيا، بموجب شروط معاهدة الإسكندرية عام 1801، التي تنص في الفقرة 14 منها على «تنازل فرنسا عن الحجر وجميع القطع الأثرية التي اكتشفتها في مصر لصالح بريطانيا»، ليصبح الحجر جزءًا من معروضات المتحف البريطاني بلندن منذ عام 1802.

بدوره، قال كبير الآثاريين بوزارة الآثار المصرية، مجدي شاكر: إن «حادث سرقة المتحف البريطاني يعدّ فرصة جيدة لتجديد المطالبة باسترداد الآثار المصرية المعروضة في المتحف، وعلى رأسها حجر رشيد»، مضيفًا لـ «الشرق الأوسط» أن «الغرب دائمًا ما كان يتعلل بأننا غير قادرين على حماية الآثار، وبالتالي فالأفضل أن تبقى في متاحف أوروبا لحمايتها، لكن سرقة المتحف البريطاني، وما حدث من قبل في متحف اللوفر في فرنسا، ومتحف برلين بألمانيا، أسقط جميع هذه المبررات»، داعيًا إلى «ضرورة استغلال هذه الحوادث للمطالبة باسترداد الآثار المصرية».

والعام الماضي، اتُهم المدير السابق لمتحف اللوفر، جان لوك مارتينيه، بـ «تزييف أصل قطع أثرية»، يُعتقد أنها سرقت من مصر قبل سنوات. وفي أكتوبر 2020 شهد موقع جزيرة المتاحف الشهير في برلين هجومًا، وُصف بأنه «الأكبر من نوعه في تاريخ ألمانيا»، حيث جرى رشّ قطع أثرية وفنية تضمها المتاحف الخمسة بسائل يشبه الزيت ترك عليها علامات مرئية.

ويطالب شاكر بأن تدعو مصر إلى مؤتمر دولي يضم الدول التي لديها آثار بمتاحف أوروبا، للضغط من أجل استرداد تلك الآثار، مشيرًا إلى أن «هناك 110 آلاف قطعة آثار مصرية بالمتحف البريطاني، ونحو 16 ألف بمتحف اللوفر، إضافة إلى قطع أخرى منتشرة بمتاحف العالم».

وهو نفس ما طالب به حواس، داعيًا «وزارة السياحة والآثار المصرية ومنظمة (يونيسكو) إلى تنظيم مؤتمر دولي لسحب الآثار المصرية من المتحف البريطاني». وأكد حواس أن «مصر هي التي تملك الآثار المصرية، حتى وإن وجدت في متاحف أميركا وأوروبا أو أي مكان في العالم، ولا بد من المحافظة على الآثار من السرقة أو الترميم الخطأ».

وسبق ودشّن حواس في أكتوبر الماضي حملة توقيعات إلكترونية للمطالبة باسترداد حجر رشيد من المتحف البريطاني، والقبة السماوية من متحف اللوفر بفرنسا، استطاعت أن تجمع أكثر من 3 آلاف توقيع خلال 24 ساعة.

وهنا يلفت شاكر إلى أنه «حتى وإن لم تنجح هذه المطالبات في استرداد حجر رشيد، فإنها تلقي الضوء على حق مصر في تلك الآثار». ويقول: إنه «يجب العمل على تغيير اتفاقية (يونيسكو) لحماية الآثار، والتي تتعامل فقط مع ما تم خروجه بصورة (غير مشروعة) قبل عام 1970».

ووضعت «يونيسكو» عام 1970 اتفاقية تتضمن التدابير الواجب اتخاذها، لحظر ومنع الاستيراد غير المشروع، وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية منذ عام 1970. وكانت القوانين المصرية تسمح بتصدير وإهداء الآثار قبل صدور قانون حماية الآثار عام 1983.

وتسعى مصر لاسترداد آثارها المهربة للخارج، أو التي خرجت من البلاد بطريقة «غير مشروعة» من خلال توقيع اتفاقات تعاون ثنائي مع الدول الأجنبية، أو التعاون مع السلطات في هذه الدول. وشهد ملف استرداد الآثار المصرية من الخارج نشاطًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، حيث تم استرداد عدد من القطع الأثرية، من أهمها التابوت الذهبي للكاهن نجم عنخ، الذي تم استرداده من الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 بعد إثبات خروجه بطريقة «غير مشروعة».

"الشرق الأوسط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى