أمريكا تعزز حضورها.. بايدن: سنفعل في اليمن ما نريد!

> «الأيام» "الأخبار":

>
وصلت في الفترة القصيرة الماضية، قوات أميركية إضافية إلى البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، على رغم أن الحرب في اليمن تشهد خفضًا ملحوظًا للتصعيد منذ سنة ونصف سنة تقريبًا، وتُضاف هذه التعزيزات الجديدة إلى تلك التي أرسلتها واشنطن قبل ذلك، والتابعة للأسطول الخامس الذي يتّخذ من البحرين مقرًا له.

وأبلغت مصادر عسكرية أميركية، وسائل إعلام خليجية، بأن الولايات المتحدة تواجه تحديات واضحة في اليمن. وقبل ثلاثة أيام، أجاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الصحافيين في البيت الأبيض عن سبب التواجد في البحر الأحمر بالقول: «سبق أن حذرتهم، ولكنهم لم يستمعوا، ولم يأخذوا كلامي على محمل الجد، ولقد رأيت في الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ردود فعل العرب على دخولنا البحر الأحمر»، وردًا على سؤال «أليس من حقهم معرفة سبب دخولكم والتمركز في باب المندب والحدود اليمنية باعتبار ذلك يشكل تهديدًا؟»، قال: «هذا ليس من شأنهم، نحن نفعل ما نريد!».

وكان المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينج، قال بعد عودته إلى واشنطن من زيارته الأخيرة إلى المنطقة منتصف الأسبوع الماضي، إن «اليمن هو أولوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وإدارة الرئيس بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس»، ما يدلّ على أن عمليات التحشيد الأحدث، إنما تأتي في سياق تلبية تلك الأولوية، إذ ازدادت الخشية الأميركية، في الآونة الأخيرة، من منافسة قوى إقليمية ودولية للولايات المتحدة في واحدة من المناطق الحيوية في العالم، فضلًا عن امتلاك القوات اليمنية أسلحة بحرية حديثة ثبت من خلال المناورات والتدريبات التي أجرتها، أنها قادرة على أن تشكّل تهديدًا للتواجد الأجنبي في المياه الإقليمية اليمنية. على أي حال، يتصرّف الأميركيون على أساس أن العملية السياسية لإنهاء الصراع، لا أفق لها في الوقت الراهن، وهم يبعثون بمؤشرات متتالية إلى حضورهم المباشر في هذا الصراع، عبر تكثيف نشاطهم البحري، وبواسطة الوكلاء المحليين في اليمن، وكذلك عبر حلفائهم العُمانيين والإماراتيين. وفي السياق، شدّدت القوات الأميركية من الإجراءات العسكرية والاستخباراتية على شواطئ اليمن وسلطنة عُمان، فيما أفادت مصادر أميركية، وسائل إعلام خليجية، أن الخطة لا تتوقف على البحر، بل تشمل تعاونًا بريًا بين حرس الحدود العُماني والأميركيين، ومن خلاله تساهم الولايات المتحدة في عمليات التدريب وتوفير المعدّات اللازمة التي تحتاجها السلطنة لمراقبة طرقاتها ومعابرها البرّية مع اليمن، فضلاً عن تقديم معلومات استخباراتية لها لدى توفّرها.

وفي السياق نفسه، تدرج مصادر مطلعة زيارة رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، رشاد العليمي، إلى محافظة المهرة الأسبوع الماضي، وطلبه من السكان المحليين التعاون في مكافحة التهريب واليقظة في مواجهة خطر الاختراق من المنظمات والجماعات الإرهابية، ووقف التخادم الصريح مع ما سماها «المليشيات الحوثية». وما تقتضيه الخطة الأميركية أيضًا تشكيل لجنة تابعة لحكومة عدن معنيّة بالأمن البحري، إضافة إلى إنشاء مركز إقليمي لتبادل المعلومات في «الهيئة العامة للشؤون البحرية» التابعة لوزارة النقل اليمنية، فضلًا عن تفعيل «المركز الوطني للمعلومات»، وتوفير كل ما يتعلّق بالأمن البحري وطرق الملاحة البحرية، وخصوصًا في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب، حيث ستعمل اللجنة وفق مهام محدّدة، بالتماشي مع الخطة الأميركية.

يتصرّف الأميركيون على أساس أن العملية السياسية لإنهاء الصراع، لا أفق لها في الوقت الراهن
وطوال فترة الحرب، لم يغب الدور الأميركي عن المشهد اليمني، إذ ظلّ حاضرًا سعي الولايات المتحدة إلى توطيد دعائم سيطرتها على منابع الثروة النفطية اليمنية، والممرّات البحرية والجزر الاستراتيجية الواقعة داخل دائرة السيادة اليمنية وفي محيطها، أمّا التعديلات على شكل الحرب من وضعها السابق المشتعل، إلى الوضع الحالي (اللاسلم واللاحرب)، فقد فرضتها المتغيّرات الدولية، ولا سيما الحرب الروسية – الأوكرانية والكباش الأميركي – الصيني، وانصراف واشنطن إلى الاهتمام بهما كأولوية في سياستها الخارجية.

والواقع أن لدى واشنطن العديد من الخطوط الحمراء في اليمن، وهي تسعى إلى أن تبقي الصراع محتدمًا تحت سقف تلك الخطوط، فارضةً على الأطراف المحلية والإقليمية الالتزام بأجندتها، ومحاولةً منع هؤلاء الأطراف، سواء بالدبلوماسية أو بالقوة العسكرية من الخروج عنها، وعلى عكس دعواتها المتكرّرة إلى إيجاد حل سياسي شامل ونهائي للحرب، فإن الولايات المتحدة تعيق أي عملية سياسية يمكن أن تفضي إلى إنهاء النزاع، بل وثبت، في الوثائق المسربة من البنتاغون، أن السعوديين كانوا على استعداد إلى حد كبير للتخلي عن وكلائهم، من أجل إنهاء حرب الاستنزاف هذه، لكن الأميركيين سرعان ما أرسلوا دبلوماسييهم إلى المنطقة للضغط على الحكومات المعنية لتقويض العملية التفاوضية.

كذلك، تضع واشنطن، من بين خطوطها الحمر، منع حركة «أنصار الله» من الوصول إلى المنابع النفطية والغازية، وهو ما جرى التعبير علنًا وبرسائل عبر الوسطاء إلى قيادة صنعاء، بعدما أثار تقدم قوات هذه الأخيرة في محافظة مأرب وسيطرتها على معظم مديرياتها، قلق واشنطن، ودفع بها نحو التهديد المباشر بشكل غير مسبوق، بأنها «لن تسمح للحوثيّين بدخول مأرب»، والمقصود هنا مديرية الوادي التي يُستخرج منها النفط والغاز، ولمّا لم تفلح القوات المحلية المدعومة من الطيران السعودي في منع ذلك، استعانت الولايات المتحدة بالإمارات التي كانت أعلنت رسمياً عام 2019 خروجها نهائياً من الحرب، وأجبرتها على التقدم من محافظة شبوة للالتفاف على قوات صنعاء، الأمر الذي باء بالفشل في نهاية المطاف جراء تعرض أبو ظبي ودبي للقصف اليمني، والذي أرغم الإماراتيين على وقف هجومهم.

إلى جانب ما تَقدّم، تهتمّ واشنطن بمنع حكومة الإنقاذ من امتلاك قدرة اقتصادية، أو الاستثمار في الموارد النفطية والتحكم بالمرافئ البحرية والجوية والبرية، وهي ولو سمحت برفع جزئي للحصار، فإن ذلك جاء ضمن التوازنات التي فرضتها قوات صنعاء على الأرض، وأجبرت الأميركيين على الذهاب إلى الهدنة. وفي هذا السياق، ترفض الولايات المتحدة اليوم صرف المرتبات من الموارد النفطية للبلد، بدعوى كونه عملية معقدة، كما اعتبر ليندركينج أن «مطالب الحوثيّين بصرف المرتبات متطرفة، ونوع من الألعاب السياسية التي ينبغي عليهم التوقف عن ممارستها».

أما بخصوص المشاركة العسكرية الأميركية، فإن الكونجرس أجرى نقاشات متعددة طوال فترة الحرب، أكد خلالها عدد من أعضائه مثل رو خانا، وراند بول، وكريس مورفي، وتيد ليو، وبيرني ساندرز، أن «الولايات المتحدة شريك لا يمكن للحرب أن تستمر بدونه، فهي من تحدّد ماذا وأين ستقصف طائرات التحالف، وهي من جعلت الحصار ممكنًا، كما أنها من زوّدت التحالف بالأسلحة والدعم اللوجستي، وأدار ضباطها العمليات العسكرية من غرفة للعمليات في الرياض».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى