​الجنوب.. وإعادة تسويق الوحدة

>
جاء الربيع الإخواني/ العربي والحالة في "الجمهورية اليمنية" تتراجع إلى ما قبل الشعارات العروبية بل والوطنية، فدخلت في حوار بقضيتين أساسيتين، مهما علت التأطيرات النخبوية والإسلامية أو النفعية، هما: الشمال بفشل الدولة الوطنية العصبوية، والارتكاس أو نكسة لصالح الطائفية، إذ لم يدخل الحوثي حزبا سياسيا، له قضية بمشروع وطني، بل مليشيا طائفية محددة المعالم والشعار والهدف، ووضعوا إلى جواره قضايا مجتمعية مثل: الجعاشنة، وزواج القاصرات ...الخ من القضايا، تقابلها القضية الجنوبية. فدخلت قضية ولم يسمها أحد حينها مشروعا قرويا ولا جهويا ولا مناطقيا، ففشل الحوار في حل القضيتين، وترتب عليه سيطرة الحوثي على الشمال، وإعادة سيادة الطائفية المجتمعية والسياسية فيه، فقاوم الجنوب إعادة اجتياحه،  باعتباره يمنيًا بحكم طائفي، بحكم عصبوي، مهما كانت "مكيجتهما" والجنوب تاريخيا لا يقبل طائفيته.

لا مواطنة في وطن من غير حقوق تقابلها، فتأهيل الطائفية سياسيا ومجتمعيا، لتحكم الجنوب بمسمى الوحدة، ينتهك أهم حقوق المواطنة التاريخية، أما "الخلطة" من وطنية وجمهورية والوحدة، فأضحوكة بعد عقود من الفشل، فصارت الطائفية أمرا واقعا يمنيا وإقليميا.

فرضت القضية الجنوبية نفسها، ولم يستجلبها أحد للحوار، لكنهم ناقشوها كما يريدونها لا كما هي، ففشلوا في حلها، وما ناقشوا قضايا من قبيل القضية الشرقية، أو القضية الغربية، لشرق اليمن أو غربه، التي تتردد الآن، وهدفها صنع مقارنات مهترئة، لطمس الجنوب وقضيته، وأنه شريك في وحدة أنهتها حرب، فإنكار شراكته طمس للوحدة وللجمهورية اليمنية، فالشريك لم يكن غرب اليمن ولا شرقه، ولا العصبيات السلالية التي صارت الجمهورية، بعد أن أدخلوها حوارهم بشروطها وشعاراتها وأعلامها، والتحالف يتفاوض الآن معها.

إن التمسك بالجمهورية والوحدة حتى بشكلها الظاهري انتهت، مجرد مغالطات، وأفرزت الحرب واقعا حوثيا في صنعاء، والشمال أسقطهما، وأعاد عهد الكهنوت، وأفرزت الحرب أيضا واقعا جديدا في الجنوب. فطالما والأمر كذلك شمالا، ولا يمكن تغييره، بل سعي إقليمي لشرعنته، فلماذا الاتجاه جنوبا لوسم القضية الجنوبية ومشروعها بالمناطقية والجهوية؟ مع أن الجنوب الشريك الرئيسي في الوحدة، التي صارت أيقونة طائفية حوثية، والاجتهاد بصنع أصوات موازية من قبيل شرق اليمن وغربه.

هناك أكذوبتان يتم تسويقهما للحل هما: الدولة اليمنية الجامعة، والقيادة القوية، وهما منتفيتان في حالة صنعاء بعصبويتها السابقة وطائفيتها اللاحقة، إذ هناك قضايا مجتمعية مزمنة وما حلتها ثورتهم أو انقلابهم، ولن يحلها حوثيهم، والحق الإلهي الذي يدّعيه، أمّا القيادة القوية كما يرددون، فقد كان عفاش قويا، وما صنعت الدولة اليمنية الجامعة العادلة التي هي الملاذ الحقيقي، بل صنع سلطة فقامت عليه ثورة، ولو كانت القوة تكفي، فقوة الحوثي موجودة، لكن القوة معيار بعد حل القضايا الأساسية المتسببة، وليس بالتفاف عليها، وأولها مسألة موت الوحدة في الجنوب، وحكم الطائفة أو عصبويتها في الشمال، فهما خيار شمالي، أما من يظنون أن الوحدة حية، وأن المسألة قفز بين زورق الوحدة وزورق الانفصال، أو العكس، مهما كان قائد الزورق، فليدعوا الشعب في الجنوب لتأييدها، رغم كل معاناته، وسيعلمون زيف ما يدّعون.



> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى